بعد 37 سنة خدمة.. أستاذ “نصر” صبي قهوجي

“وَكَمْ ذَا بِمِصْرَ مِنَ المُضْحِكَاتِ وَلَكِنَّهُ ضَحِكٌ كَالبُكَا”، أحياناً وفي أحيانا كثيرة أكاد لا أشُك لوهلة أن المتنبي حين قال بيته الشهير أعلاه في قصيدته الأقل شهرة فإنه كان يتنبأ بما سيكون عليه حال العلم والتعليم في مصر، فالسطحية الممزوجة بالفجور واللامبالاة والتقليل من شأن كل صاحب علم أصبحت نغمة سوداء لا تطاق..
كيف لا وأصبح المعُلم مربي الأجيال الذي قال عنه أمير الشعراء: ” قف للمعلم وفيه التبجيلا ” صبي قهوجي !!

لا تستغرب عزيزي القاريئ ولا تندهش فالأستاذ، “نصر”، مدير إدارة التعليم الفني سابقاً يعمل حاليا في مقهي..! ، بعد”37 سنه” خدمه يعمل  صبي قهوجي ينحني مقدماُ حجر الشيشة لأرباب السوابق، هذا هو تقدير العلم في بلدنا وهذا هو مصير كل مُعلمٍ وهذه هي مكافئة نهاية الخدمة، فالمعلم أصبح يتقاضي معاشا لا يتعدي ال 1600 جنيه ، 1600 جنيه ونحن علي أعتاب عام 2020، إننا لو أردنا أن نُهين كل معلمٍ لما فعلنا هذا الجُرم الأثيم، ماذا يفعل هذا المبلغ البخث لمعلم مسؤول عن بيت وأسرة كيف يأكل وكيف يستطيع أن ُيلبي احتياجات بيته وأولاده من تعليم وطعام وملبس ومسكن وصحة، ليس كل المدرسون كما تظنون أباطرة وحيتان يمتلكون المنازل والعقارات والسيارات الفارهة، فبين مافيا الدروس الخصوصية والمعلمون الذين اغتابتهم المادة والأموال وأصبحوا يتاجرون بالعلم وتحول معهم التعليم إلي سبوبه،.

هناك الآلاف مازالوا علي قيد الحياة لا يمتلكون منزلاً.. لا يمتلكون غرفة واحدة، هناك المُشردين منهم ممن اخرجوا علي المعاش لا يستطيعون العيش ولا ينعمون بأية حياة كريمة .

لماذا لا تنظروا إلى هؤلاء نظرة حب واحترام وتقدير، لماذا لا يُقدر كل صاحب علم وكل ذي مكانه، لماذا لا يُكرم ولايُقّدر إلا الراقصين والراقصات، لماذا لا نُعطي كل ذي حقٍ حقه و لكل مقام مقاله، ماهي نظرة التلاميذ عندما يروون أستاذهم صبي قهوجي وماهي الفائدة التي تعود عليهم.. ماذا تنتظرون اذاً..  بالطبع سيلعنون التعليم والدراسة وحتما سيكون مصيرهم الخراب، بعضهم سيحترمه صباحاً ويناديه ” يا أستاذ “، والأخر سيسخر من ظروفه ويناديه ليلاً ” يا أسطي ويا قهوجي وعندك واحد شاي هنا وصلحه “، ألا تنظرون الي الشوارع ومن فيها، الا تنظرون الى  فقر أخلاق ودنو قيم ابنائكم ، لمن يقولون ان العمل عملاً مادام شريفا وان الانسان لا يعيبه شيء ..  لماذا درس في كلية التربية وتعلم فيها التاريخ والقيم والآداب والجغرافيا واللغة العربية،

إقرأ أيضا

لم تحدث جريمة واحدة خلال حرب أكتوبر في رمضان “لماذا هذه المقولة خاطئة؟”

هي مصيبة أن يعمل هذا المعلم صبي قهوجي بعد 36 عاما قضاها بين المدرسة وتربية  النشء، هي مصيبة أول مصابيها هو الوطن..