بعيدا عن حوار علي وسليمان في رد قلبي.. ما قصة الأسلحة الفاسدة؟
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
مع كمال ياسين “سليمان” تبدو قصة “الأسلحة الفاسدة” الواردة في فيلم “رد قلبي” هي الرواية المعتمدة لدى كثيرين، حيث حكى لـ شكري سرحان “علي عبدالواحد”، كيف استشهد زميلهما رشدي أباظة “صلاح ملاكمة” في حرب 1948 م، حيث انفجر المدفع في وجهه، ليصبح هذا المشهد هو المعروف عن قضية الأسلحة الفاسدة.
تاريخياً فإن الظهور الأول لقضية الأسلحة الفاسدة، كان في العدد رقم 149 من مجلة روز اليوسف على يد الكاتب الصحفي إحسان عبدالقدوس في العشرين من يونيو سنة 1950 م.
ويمكن رسم خط الحدث تاريخياً، حين قررت مصر الدخول في حرب فلسطين، وتشكيل لجنة عُرِفت بـ “احتياجات الجيش”، بصلاحيات واسعة دون قيد أو رقابة في عمليات إحضار السلاح من كافة الجهات وبأسرع وقت، خاصةً بالتزامن مع قرار مجلس الأمن الذي يمنع حظر وبيع الأسلحة للدول المتحاربة.
انتهجت الحكومة المصرية سياسة التحايل على هذا القرار المسيس، عن طريق إجراء عدد كبير من صفقات الأسلحة مع شركات السلاح تحت غطاء أسماء وسطاء و سماسرة مصريين و أجانب، مما فتح الباب علي مصراعيه للتلاعب لتحقيق مكاسب ضخمة و عمولات غير مشروعة.
ومع فشل الحرب، ظهر تقرير ديوان المحاسبة الذي نشر مخالفات مالية ضخمة في عمليات بيع وشراء الأسلحة، وقرر مصطفى مرعي النائب البرلماني تقديم استجواب لمعرفة الملابسات، ثم تصاعدت الأزمة من البرلمان إلى النيابة وتم اتهام أفراد من الحاشية الملكية، وقادة في الجيش.
أسفرت التحقيقات عن براءة الجميع سواءً كانوا عسكريين أو من الحاشية، عدا اثنين هما القائم مقام عبدالغفار عثمان والبكباشي حسين مصطفى منصور، حيث قضت المحكمة تغريمهما 100 جنيه مصري.
بعد قيام الثورة وتشكيل لجنة لتقصي الحقائق، تم استخلاص النتائج النهائية للمهزلة التي جرت في حرب 1948 م، حيث أثبتت التحقيقات أن الأسلحة التي كانت في صفقات وراءها الملك فاروق وسماسرته لم يكن لها أي تأثير سلبي أو إيجابي في الحرب، فعندما وجدت لجنة احتياجات الجيش أن الوقت ضيق جداً للحصول علي السلاح الذي يحتاجه الجيش للحرب، قررت اللجوء إلى مصادر كثيرة و منها مصادر سريعة و غير مضمونة لتوريد السلاح.
أوضحت اللجنة أيضاً أن الأسلحة والمعدات كانت من مخلفات الحرب العالمية الثانية في الصحراء الغربية و اختيار الصالح منها و إرساله للجيش ووصل من هذه المعدات إلى أرض الحرب ذخيرة مدافع عيار 20 رطل ، كانت غير صالحة للاستعمال وعلى إثرها انفجر عدد 4 مدافع يوم 7 ويوم 12 يوليو سنة 1948 وقُتل جندين وتم جرح 8 جنود.
وفور اكتشاف فساد الأسلحة نجحت مصر في توريد أسلحة أخرى كثيرة متطورة أنقذت الجيش المصري من هزيمة أبشع ومن سقوط كم هائل من الشهداء.
ما يتحمله الملك فاروق في هذه الكارثة، هو إصراره على شراء الأسلحة من إيطاليا التي كانت تربطه بها علاقات قوية، و كانت النتيجة أن الأسلحة جاءت من مخلفات الحرب العالمية الثانية في مخازن الجيش الإيطالي، فكان بعضها من الأسلحة الفاسدة و أدى إلى إصابات في صفوف الجيش المصري فكان ضالعاً في الأمر خاصة وأن التحقيق تم حفظه حينما طال أفراد حاشيته.
إقرأ أيضاً
هل استقالة محمد إبراهيم كامل تعني أن السادات كان خائنًا؟
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال