350 مشاهدة
بيتهوفن ومعجزة السيمفونية التاسعة
الموسيقى لغة من لغات التواصل، بل إنها تكسر حاجز اللغة، فالكل يفهم الموسيقى ويستمع إليها إيًا ما كانت لغته.
ولمن لا يعرف تعريف الموسيقى، فهي لغة مكونة من مجموعة من النغمات، أو تعرف بأنها لحن وإيقاع وتناغم يؤثر على وجدان المستمع.
والبعض قال أن هذا التأثير يظهر جسمانيا بالقشعريرة التي تسري على الجلد أثناء الاستمتاع بها، ويشعر بها أحيانا الإنسان في رأسه ورقبته.
وكل مهتم بالموسيقى وخاصة الموسيقى الكلاسيكية يعرف بيتهوفن ومساهمته في تغيير شكل السينفونية، تحديدا عندما ألف التاسعة وهي أخر سيمفونية له بعد اختفائه لعدة سنوات بسبب مرضه، فقد أصيب بالصمم في نهاية حياته وهذه هي المعجزة.
أقرأ أيضا…سيكولوجية الصوت وماذا يقول صراخ الرضيع
السيمفونية التاسعة معجزة لها أكثر من تأويل
عام ١٨٢٤ خرج بيتهوفن من عزلته للعالم بسيمفونيته الجديدة والتي كان ضمنها غناء الجوقة، والجوقة كانت تعرف بالمسرح بجماعة من المنشدين يصفون أحداث أو مشاهد للجمهور؛ أي الكورال بالمعنى الحالي.
وكان ظهور مغنيين أوبراليين ضمن السينفونية بهذا الوقت شيء مستحدث؛ وهنا يعتبر نيوتن قد أضاف هذه التفصيلية التي غيرت من شكل السينفونية.
وغنى كورال جماعي كلمات نشيد الفرح لشورش تشيلر الشاعر الألماني، ثم غنى أربعة مغنيين صولو خلال السينفونية.
اثنان من الرجال واثنان من النساء، بأصوات متنوعة بين البارتيون والصوبرانو والألتيه والتينور، وهي تختلف بين درجة الحدة والغلظة في الصوت.
كما غير من شكل السينفونية في طاقة سرعتها، فأي سيمفونية على الأغلب تتكون من أربع حركات؛ الأولى تكون متوسطة السرعة، والثانية بطيئة، والثالثة متوسطة السرعة، والأخيرة سريعة جدا خاصة في الختام.
فيما بدأت السيمفونية التاسعة بطيئة، ثم متوسطة السرعة، ثم سريعة، ثم سريعة جدا.
فالجزء الأول تراه حالم يذكرك بالتأمل بالحياة وبالمعاناة التي مر بها بيتهوفن نفسه مع الصمم، فيما الحركات الأخرى تذكرنا بالحماس والذي استغله هيتلر ، واستخدمتها النازية للدعاية لأفلامها، فربما وقع آلة التيمباني تذكرنا بوقع الحروب والميول العنيفة.
لقد استخدمت هذه السينفونية لأكثر من سبب، فاستخدم وزير الدعاية النازي جوبلز السيمفونية التاسعة كترنيمة تبث سنوياً احتفالاً بعيد ميلاد الزعيم النازي هتلر، كما اعتمد نفس الحزب موسيقاها في نشيد خاص بالحزب، واعتبرت السيمفونية بمثابة النشيد الأوروبي، وفي الصين استخدم الزعيم الشيوعي ماوتسي تونغ السيمفونية في الألعاب الأولمبية ليشجع لاعبي بلده على الأداء الأفضل، ويقال أن مجموعة الكاميكاز الانتحارية كانت تستمع للموسيقى قبل تنفيذ العمليات، وحتى في القارة الأفريقية استخدمت بعض الحان السيمفونية.
فيما استخدمتها بعض الكنائس في أوربا في الأعياد المسيحية أيضًا، وكأنها لوحة يؤلها كل مستمع على هواه.
فالذي يريد الانتحار رأي في طاقتها الحماسية دافعا لهدفه!..والذي يريد حماسة الجماهير لحزبه وتوجهه السياسي كذلك، فيما هي بالأساس كانت تدعو للإخوة والسلام والفرح ومكانها الحقيقي الاحتفالات التي تدعو لغرضها الرئيسي، فيعتبر استخدامها في الكنائس هو الأقرب لروحها.
فيما بعض الإنجليز عزوفها بأماكن معتقلات النازيين كنوع من أنواع إعلان انتصار السلام على استخدام السينفونية للحرب.
واستخدامها في كل شيء وعكسه دليل على سعة تأثيرها على المشاعر الإنسانية، وأن بيتهوفن ربما فقد السمع أثناء تأليفها، ولكنه أبدا لم يفقد الإحساس.
الكاتب
ما هو انطباعك؟
