تخرج تحت يديها 300 طيار.. عزيزة محرم أول مديرة لمعهد الطيران
واجهت التحديات والعقبات طوال حياتها، لكن أهم تحدي تمثل في رفض والدتها دخول المدارس لتتعلم، وهو أبسط حقوقها، فمن الصعب أن تواجه مثل هذه التحديات خاصة وأن الأم هي من ترفض، ففي الغالب تتعرض الابنه لقهر الوالد في مسائل كثيرة ومنها التعليم، لكن امرأة تواجه امرأة من المفترض أن تكون داعمة لها فهو تحدي لو تعلمون عظيم.
تابعت عزيزة محرم _ وهو اسم بطلة حكايتنا _ تعليمها رغم هذا التحدي الصعب، وأصبحت مديرة لمعهد الطيران، ودربت وعلّمت أكثر من 300 طيارًا مصريًا لتسجل تاريخا عظيما باسمها وباسم المصريات.
بداية الحكاية
ولدت عزيزة محرم في العام 1919، وهي ابنة محرم فهمي نقيب المحامين الشرعين سابقًا، فور قرب دخولها المرحلة التعليمة رفضت والدتها بشدة دخولها، لكنها تحدت والدتها حتى تمكن من تحقيق الهدف الأول لها ودخلت مدرسة الليسية وتخرجت منها في العام 1943.
بعد تخرجها من المدرسة، كانت “محرم” على موعد مع التحدي الثاني، وهو دخول معهد الطيران، لكن كعادتها تمكنت من إقناع عائلتها والتحقت بمعهد مصر للطيران في العام 1945، كانت تعتقد أن الصعوبات قد انتهت عند هذا الحد ولكن يأتي ما هو أصعب.
فكونها امرأة عرضها للرفض بعد اتمام الساعات المعتمدة للطيران والتي تبلغ 200 ساعة أن تقود طائرة بحجة زعم مديرها بأنه لا توجد سيدة في العالم تقود طائرة، لكن “محرم” لم تقف أمام هذا الرفض وأصرت على قيادة الطائرة واقنعت مديرها بذلك.
إصرار لا ينتهي
وبعد موافقة مديرها على قيادة الطائرة لاقت “محرم” رفضًا كبيرًا من ركاب الطائرة فخوف من ركوب الطائرة في ذلك الوقت كان كبيرًا وخوفهم من أن تقود امرأة طائرة كان كبيرًا، ما جعلها تتراجع عن القيادة وقتها.
لكن هذا التراجع لم يمنعها من تحقيق الحلم وقيادة طائرة، فاضطرت إلى ممارسة الطيران داخل المعهد، أو على طائرات خاصة، أو بصفة غير مستمرة لنقل بعض رجال الأعمال لأماكن عملهم.
نجحت “محرم” في أن تصبح معلمة طيران بالمعهد وأول مديرة للمعهد في العام 1958 وذلك بعدما تمكنت من الطيران 22 ألف ساعة والتي من بينها الطيران فوق جامعة القاهرة من أجل تشجيع الطالبات لتعليم الطيران.
نجاحات “محرم” لم تتوقف عند هذا الحد، حيث تمكنت من تعليم 300 طيار مصري وعربي وإفريقي ليمنحها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر نيشان الجمهوية في العام 1959، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى التي منحها لها الرئيس الأسبق حسني مبارك في العام 1983.
في مذاكرتها تقول كابتن عززيرة محرم، إنها كانت ترغب دائمًا في الصعود إلى المجمهول:”كنت أكره الجمود، و أحب الحركة لدرجة أنني كنت أريد الصعود حتى إلى المجهول، وأنا طفلة كنت أصعد على أي شجرة أو على المواسير، وعندما كبرت قليلًا، لم يعد ارتفاع الشجرة يكفيني، وكانت الفكرة المسيطرة على حواسي، أن أصعد لطائرة و أقودها”.
وفي يوم 20 أغسطس من العام 1997 رحلت كابتن عزيزة محرم إحدى الرموز النسائي الناحجة في مصر راحلة بجسدها فقط تاركها خلفها ذكريات وحكايات تتداولها الآلسنة عبر العقود.
إقرأ أيضًا.. موهبة إسلام حولت المهملات إلى أثاث