رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
3٬250   مشاهدة  

تخلى فنانوا جيل التسعينات عن الجمهور فظهرت سينما الكومبوندات

جيل التسعينات


فنانوا جيل التسعينات، بعد أن كانوا يعيشوا معنا، في صفوف الطبقة الوسطى التي خرج معظمهم منها، يعبرون عن أحلام طموحات تلك الطبقة وهمومها، ويختلطون ببائعيها ونجاريها وتجارها وشبابها المهموم الطموح، سكنوا معنا البيوت، يبادلونا التحية فنبادلهم المحبة، رأينا خطواتهم نحو النجومية، المشهد تلو المشهد، الكادر تلو الكادر، لم نغبطهم على نجاهم، بل اعتبرناهم أبناؤنا وفلحوا، لكن الموت أفجعنا في بعضهم، والطموح المادي والفني أبعدهم عن منازلنا وهمومنا وأحلامنا، أي انتقلوا من بين شقق عمارتنا ليسكنوا الكومبوندات التي لا  نرتاح إلي هدوئها، ربما!

جيل التسعينات

اختفاء جيل التسعينات

قدم جيل التسعينات أفلامًا سينمائية، شكلت مرحلة واضحة في تاريخ السينما المصرية، ببصمة خاصة، ولعل كان معظمها عن سياقات تخص الطبقة الوسطى، بكل همومها وأفراحها وأخلاق أناسها ومبادئهم.

وكانت اختياراتهم الفنية تدل على ذلك، فعندما شارك الفنان أشرف عبد الباقي في فيلم “أشيك واد في روكسي” كبطولة مطلقة، صرح في حوار صحفي وقتها، أنه اختار سيناريو الفيلم من بين ثمانية عرضوا عليه.

أعجبته فكرة الفيلم البسيطة التي تحكي عن شاب يعشق الغناء والفن ولا يجد فرصة مواتية له حتى تتحقق أحلامه في ليلة رأس السنة.

وأشار إلى أن المنتجين والمخرجون انتبهوا لما قدمه وهو وابن جيله الفنان محمد هنيدي من أفلام كوميدية ناجحة فنيًا وتجاريًا، كما أنهم عبروا عن نبض الشارع المصري الذي توائم معهم، بالإضافة إلى أنهم عبروا عن مشاعره، حتى أصبح جمهورهم يبدأ من سن 10 سنوات إلى سن الثلاثين.

جيل التسعينات

كان احتكاك هذا الجيل بالناس في الشارع مصر واضحًا في أعمالهم الفنية، فقدموا صورة المواطن العادي والشاب المصري المكافح الذي يصل الليل بالنهار ليجد فرصة للعيش في الحياة لنفسه.

وربما كان الفنان علاء ولي الدين الذي خطفه الموت هو الأكثر احتكاكًا بالشارع وأهل “حتته”، فبعد وفاته حاولت جريدة العربي عام 2003، أهل منطقته بشارع رشيد المتفرع من ميدان صلاح الدين بمصر الجديدة، قالوا إنه كان متواضعًا وبسيطًا للغاية  ويرفض الفخامة المبهرجة، فكان بالنسبة لهم “حاجة كبيرة”.

وكان يشاركهم دبح الأضحية في العيد، ويوزع على الفقراء نصيبهم في كل سنة، والإشارة إلى هذا الفعل هنا لا أقصد منها سوى أنه يشاركهم همهم وفرحهم، لا أكثر من ذلك.

جيل التسعينات

أما “خالد عبد الرحمن” صاحب محل البقالة في المنطقة، قال أن الفنان علاء ولي الدين كان متواضعًا، دمه خفيف، يشاركنا الإفطار في رمضان ويحرص على أن يكون معي ومع العمال في المحل، ولا يشتري مستلزماته إلا بنفسه.

أما عرفة بعد الحميد “المكوجي”، قال أن “ولي الدين” كان يجلس معي في أوقات فراغه وهو ما أكده “فكهاني” المنطقة أيضًا، من أنه كان “بحبوح” ويحب الناس كلها، وكان يأتي للمحل قائلًا:”ياعم أنا عاوز طلبات الست الوالدة”، وعندما يسأله:”إنت إيه اللي جابك”، يرد الفنان الراحل:”عايز أشوفك يا أخي ولا أنت خلاص ما بقتش عاوز تشوفني”.

جيل التسعينات

هذه الحكايات بين الفنان علاء ولي الدين وأهل “حتته” لا أرصدها لأذكر جمهور بخيراته ولا أفعاله الطيبة، إنما المقصد هو أن نوضح ونزيد التأكيد على أنه فناني جيل التسعينات وهو من بنيهم، كانوا أقرب إلى الناس، في همومهم ومعايشهم.

لذا نجحوا في تجسيدها على الشاشة بكل بساطة وبراعة فنية، تخلو من كل إدعاء، فلابد أن يكون الفنان معايشًا لما يجسده حتى يخرج حقيقيًا أقرب إلى الواقع.

وهو ما تحقق في فيلم “الناظر” فكانت تفاصيل شخصية السيدة التي جسدها علاء ولي الدين مقتبسة من والدته التي مازحته بعد مشاهدتها للفيلم:”أنا هاخد نص أجرك بقى”.

جيل التسعينات

إقرأ أيضا
جولة أخيرة

أما الفنان محمد هنيدي، الذي كان يفكر في تقديم أعمال فنية، ربما تساعد الشاب وقتها في الخروج من “الغم”، حتى أنه اعتذر عن أفلام سينمائية لا تحمل موضوعاتها الأمل للناس.

وهو ما سعى لتقديمه في فيلم “همام في أمستردام” تجربة نجاح شاب مصري سافر إلى أوربا في مقتبل العمر، ونجح حتى أصبح يحمل لقب “ملك أمستردام” وهي قصة حقيقية نقل عنها “هنيدي” أحداث الفيلم، واعتبرها رحلة نجاح مشرفة لأي شاب مصري وعربي.

سينما الكومبوندات

بعد أن فقد هذا الجيل بريقه، لأسباب عديدة، إنتاجية وفنية، وحكم العصر والزمن، دخلت علينا أفلام سينمائية تتنافى تمامًا مع سينما هذا الجيل، ولا تمت بصلة أيضًا إلى السينما.

ونفر الجمهور من السينما، إلا فيما ندر في بعض الأفلام الجيدة التي يرى فيها الجمهور نفسه ومتعته.

جيل التسعينات

أما عن الفنانين فصحياهم ومشكلاتهم وأزماتهم الإنسانية في المقام الأول، تسبقهم دائمًا وأبدًا، ضجيج أزماتهم تطغى على أفلامهم، بالإضافة إلى أن أعمالهم لا تجذب الجمهور، لأنه في الغالب لا تشاركه همه وأحلامه وطموحاته، لأهم يقدمون سينما الكومبوندات، التي لا يرتاح لها الجمهور إلا قليلًا!

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
5
أحزنني
1
أعجبني
7
أغضبني
0
هاهاها
1
واااو
2


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان