“تلت التلاتة” رغم السيناريو المنحوت غادة عبد الرازق تنصف المقهورات
-
إسراء أبوبكر
صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
تقدم غادة عبد الرازق مسلسل من بطولتها في النصف الثاني من شهر رمضان؛ “تلت التلاتة” دراما الجريمة الزوجية تجذب المشاهدين من الحلقات الأولى. ولأن الحلو لا يكتمل، اتضح أن الملامح الأولى من السيناريو منحوتة من الفيلم الدنماركي “Loving Adults”، مع تغييرات طفيفة في الحبكة تناسب المشاهد المصري.
مسلسل تلت التلاتة من بطولة غادة عبد الرازق بالاشتراك مع ليلى زاهر، مي سليم، محمد القس، مصطفى درويش وصلاح عبد الله. العمل أول تجربة تأليف لهبة الحسيني ومن إخراج حسن صالح.
تدور الأحداث حول فريدة التوأم الثالث لفرح وفريال (كلهم غادة عبد الرازق)، والتي تعيش فترة صعبة من زواجها مع أمجد (محمد القس) بسبب مرض ابنهم. تكتشف خيانة زوجها تزامنًا مع مروره بضائقة مالية قد تلقي به في السجن، فيقرر قتلها قبل أن تنتقم منه وتجرده من آخر أمل لإنقاذ شركته؛ إلا أنه يفشل ويتخلص من أختها التوأم بالخطأ. تكتشف فريدة لتقرر مواجهته وخوض رحلة الانتقام البارد بطريقتها دون إبلاغ الشرطة.
جو العمل مشحون بإثارة أكبر من الموجودة بالفعل في الحبكة، الموسيقى التصويرية دائمًا ما تضع المشاهد في حالة تحفز بسبب أو بدون. تفصيلة علق عليها المتابعون بين مشيد ومنتقد، والطبيعي أن الاستعانة بهذا النوع من الموسيقى في لقطات الإثارة لا يعتمد على الإكثار بلا هدف.
النحت صنعة فشل فيها صناع العمل
لم تكد تمر الحلقات الأولى التي حصلت على ردود فعل جيدة، حتى ظهر مقطع فيديو ناقد يتحدث عن نقل السيناريو بالحرف من الفيلم الدنماركي “Loving Adults”. قليل من البحث وتأكدنا من حقيقة الكلام، المسلسل أخذ الفكرة العامة من الفيلم، بالإضافة إلى مشاهد كاملة وحوارات منقولة بشكل فج خالي من الإبداع.
الطبيعي أن الحرامي حين يسرق على الملأ يراعي قدر بسيط من ذكاء المشاهد، ينوه على اقتباس المسلسل عن الفيلم مثلًا، أو يحاول تغيير ملامح الفكرة الأصلية. وهو ما لم يحاول صناع العمل مراعاته، بطريقة ركيكة جعلتنا نرى مشاهد وجمل حوارية منقولة بالنص عن الفيلم الأصلي.
كل التغيير الذي طال الحبكة الأصلية محاولة لتركيب المسلسل على مقاس المجتمع المصري؛ حيث حذفت الملابسات الحميمية وعوضت بمشاهد عادية. ناهيك عن اقتصاص جزء كبير من الإثارة والحركة، لجعل البطلة ضحية تعرضت للخيانة والغدر؛ بدلًا من الأصلية التي تعتبر شريرة بشكل مرضي وقاتلة.
تلت التلاتة يقدم غادة عبد الرازق في ثوب الزوجة المغدورة، والتي تسعى للانتقام ورد اعتبارها عن طريق ابتزاز زوجها بجريمة القتل ليترك عشيقته سمر (مي سليم). وهو تمامًا ما فعلته بطلة الفيلم الأصلي بالطريقة نفسها؛ باختلاف أن الزوج في الفيلم كان مغرمًا بعشيقته، ورفض تركها بعكس أمجد المهتم بمصلحته فقط.
على أي حال الاختلافات التي دخلت على الحبكة لا تمنع حقيقة وجود فضيحة فنية متكررة الحدوث، كان يمكن تلافيها بكل سهولة بجملة صغيرة في بداية التتر تنوه إلى اقتباس القصة.
محمد القس يفقد الكثير بسبب اللهجة.. وليلى زاهر تتحسن لكن القبول من عند ربنا
بغض النظر عن واقعة النحت يمكن الإشادة بطاقم الممثلين، خاصةً محمد القس الذي يلعب دور الزوج الخائن ببراعة، ترجع لموهبته ورسم الشخصية بتفاصيل سليمة. لكن الفنان صاحب الأصول السورية يعاني من مشاكل مع اللهجة المصرية، ستؤثر بشكل كبير على تقدمه الفني في حال لم يعالجها. مشكلة اللهجة تواجه العديد من الفنانين أشهرهم جمال سليمان، الذي يلاقي ردود فعل غاضبة من طريقة الكلام التي تفسد أدواره.
منذ بداية تصوير العمل أثارت ليلى أحمد زاهر جدلًا بسبب مشاركتها مع غادة عبد الرازق، وحتى الآن لم نجد المبرر الذي جعل غادة تتغاضى عن خلافات قديمة مع والدها أحمد زاهر. رغم موهبتها المحدودة تشارك ليلى بدور رئيسي في تلت التلاتة، كثيرات من جيلها قادرات على تقديمه بشكل أفضل.
إحقاقًا للحق مستوى ليلى تحسن عن أعمال سابقة؛ فقد حاولت استخدام تعابير الوجه بدون تعمد الانفعال. لكنها لم تقدم حتى الآن أي أداء بارز في شخصية ياسمين- بنت أخت فريدة التي تعيش معها-. كما ظهرت مرتبطة بشخص غريب اللكنة، أدائه جامد لدرجة جعلت المشاهد يود لو حذفت شخصية ياسمين من الأساس.
بشكل عام ليلى لم تضف للعمل ولا للشخصية؛ بل على العكس الشخصية قد تضيف لها، ومشاركتها مع غادة عبد الرازق ربما تكون سبب تحسنها الطفيف. لم تنل شخصية ياسمين ردود أفعال من المتابعين، وهو حدث إيجابي بالنسبة لليلى التي عادة ما ينتقدها الكثيرون ويصفونها بعدم القبول.
فريدة الزوجة القوية التي أحبها الجمهور
فريدة هي الشخصية الرئيسية في الأخوات الثلاثة، هي الأم التي ضحت بسنوات عمرها من أجل ابنها، والخالة المحبة التي تربي ياسمين بدلًا من فرح أختها. كما أنها زوجة أمجد الخائن الذي يحاول التخلص منها ليرث القصر والأموال.
أثارت أعجاب المتابعين برد فعلها على الخيانة ومحاولة القتل البعيد عن الصورة النمطية للست المقهورة، خارج صندوق الانهيار ومحاولة تدارك الأمر. فريدة انهارت ليلة واحدة استيقظت منها أقوى، طردت أمجد وأخذت سيارته وهددت بتركه يغرق في ديونه.
مشهد تداوله المتابعون بإشادات واسعة للمثال القوي للمرأة، نمط مناسب تمامًا لشخصية غادة عبد الرازق القوية على أرض الواقع. ولأن تصرف الزوجة التي تكتشف خيانة زوجها بتلك القوة نادر في الدراما المصرية؛ رأى الجمهور خاصة النسائي فيه تخليص حق معنوي.
الجدير بالذكر أن المشهد لم يحصل على إشادات نسائية فقط، بل تداوله متابعون رجال عبروا عن إعجابهم بشخصيتها القوية، وانتقامها من أمجد الذي نجح بتفوق في دوره الذي كرهه المشاهدون من الحلقة الأولى.
رغم سقطة نحت السيناريو يعتبر مسلسل تلت التلاتة ضمن أفضل مسلسلات النصف الثاني من رمضان، حيث نجح في جذب انتباه السوشيال ميديا. وخلاصة القول أن أفضل جوانب العمل للأسف هي القصة المنحوتة بسذاجة، أمَّا معظم فنياته بحاجة ماسة للتحسين.
الكاتب
-
إسراء أبوبكر
صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال