تمثال سامح شكري .. كيف اخطأت المواقع الإخبارية وحتشبسوت أولى يا سيادة الوزير
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
طيلة الأيام الماضية تصدر وسم تمثال سامح شكري تراند جوجل وتويتر وفيس بوك، حيث راحت المواقع الإخبارية لتحليل رسائل التمثال أثناء كلمة وزير الخارجية لمجلس الأمن بشأن سد النهضة، إذ قيل أنه تمثال للملكة نفرتيتي ملكة النيل وإلى جانبها جارية حبشية.
قراءة تحليلات تمثال سامح شكري ونقدها
بدايةً فلا توجد ملكة مصرية حصلت على لقب حاكمة النيل أو ملكة النيل أو أي لقب يؤدي إلى النيل، أما ألقاب نفرتيتي فهي «الوريثة، الزوجة الملكية العظمى، سيدة مصر العليا والسفلى، سيدة الأرضين» كذلك فإن التمثال الموجود خلف وزير الخارجية مستنسخ من التمثال الأثري المعروف باسم «الرأس غير المكتمل للملكة نفرتيتي»، حيث نحته قدماء المصريون من حجر الكوارتز واكتشفه جون بندليبري في منطقة تل العمارة بمحافظة المنيا.
أما دلالة أن نفرتيتي حاكمة النيل ستقضي على أعداءها لا يمكن أن يتسق مع حقائق التاريخ حتى لو تم الاستدلال بالنقش الذي ظهرت فيه وهي تقطع رأس الأعداء، لأن هذا الطقس يخص الملك وحده ولحب إخناتون في نفرتيتي جعل النحاتون يصورونها كفرعون محارب لكن هي نفسها لم تشترك في معركة ويؤكد ذلك دراسة جون جوني في متحف بروكلين سنة 1965 حيث قال «كيف يتأتى لنفرتيتي الرقيقة أن تُصَوَّر وهي تؤدي هذا الطقس الملكي الرمزي الذي يقتصر على الفراعنة الرجال».
هناك شيء آخر وهو أن نفرتيتي كتاريخ لا يمكن لها أن تحمل رسائل سياسية تاريخية في مسألة سد النهضة لأن عصر نفرتيتي لم يشهد أي شيء عسكري أو إنجاز للإمبراطورية المصرية القديمة.
بديل تمثال سامح شكري .. حتشبسوت الأفضل لهذه الأسباب
لو كان الغرض من ظهور تمثال يمثل قوة مصر القديمة ويحمل رسائل في مسألة سد النهضة فإن حتشبسوت هي الأفضل لتوصيل هذه الرسائل.
ملف سد النهضة هو إفريقي بامتياز (مصر، السودان، إثيوبيا) وشهد الملف تخاذل صومالي في دعم مصر والسودان وفضلت الوقوف مع إثيوبيا، ولتوصيل الرسائل إلى السودان المذبذبة والصومال المتخاذلة وإثيوبيا المعاندة فإن حتشبسوت هي أفضل اختيار لإيصال كافة الرسائل كونها المرأة المصرية الوحيدة التي جمعت قوة مصر مع الأفارقة.
منذ 3 آلاف عام قبل الميلاد كانت الأسرة الخامسة هي نواة جذور القوافل التجارية إلى إفريقيا من جهتها الشرقية، وكانت المسالك تتم طريق النيل والبحر الأحمر والصحراء السودانية، بالتأكيد فإن الملك أوسر كاف هو المؤسس الروحي للعلاقات بين مصر وأواسط وشرق إفريقيا، وعلى دربه سار الملك ساحو رع، وعلى دربهما سار ملوك الأسرة السادسة، لكن العلاقة الأبرز بين مصر والقارة الإفريقية كانت في بلاد بونط والمتتسبب في ذلك الملكة حتشبسوت.
أصل بلاد بونت، يحدده أوجوست مارييت ـ مؤسس المتحف المصري ومكتشف رسوم تلك الرحلةـ بأن موقعها في شمال الصومال وحتى إثيوبيا، أما كتاب مختصر حضارات العالم لـ شريف سامي رمضان فيقول أن بلاد بونت هي الجنوب الشرقي من مصر حيث «الصومال وجيبوتي وإريتريا وإثيوبيا وشمال شرق ساحل البحر الأحمر في السودان»؛ بينما محمد مبروك أبو زيد في الجزء الثاني من كتابه «مسقط رأسي على المجتمع العربي من منظور حضاري» فيقول أن بلاد بنط هي إثيوبيا
كان هناك سببًا دينيًا وراء رحلة بلاد بونت، حيث تشير رسوم جدران معبد الدير البحر، أن الإله آمون اشتكى للملكة حتشبسوت من رداءة البخور وعليها أن تجيء بالبخور من مصدره الأصلي، مما عزز التجارة بين مصر وبلاد بونط إلى أن سادتها مصر فيما بعد.
اقرأ أيضًا
حول ما كشفه حوار رشا الشامي عن أزمة سد النهضة
ويصف معبد الدير البحري عبر نقوشه شكل بلاد بونت حيث قرى فيها أكواخ مقامة بالقرب من الماء وحولها أشجار النخيل والبخور، والكوخ يتكون من قسم سفلي أعلاه قسم آخر مخروطي الشكل يصل إلیه المرء بسلم، أما الماء فقد رسمت فیه العديد من الحيوانات الغريبة على مصر.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال