همتك نعدل الكفة
237   مشاهدة  

ثلاثية الشغف الإبهار والفخر (3)

الشغف الإبهار والفخر
  • ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



 (1)

لا شئ يدعو للفخر  الكروي سوى أن تجد فريقك المفضل يكتسح كل الفرق أمامه، شعورًا لا يوصف حين توج الزمالك بالدوري مرتين في أوائل التسعينات وسط أجواء منزلية أغلبها تشجع الغريم التقليدي النادي الأهلي.

كان مرحلة اكتساب ثقة أن تغامر بالسير عكس تيار المنزل المتحكم فيه جيل أكبر لا يرانا نحن الجيل الجديد، وكانت فرصة أن نحقق انتصارًا معنويًا وسط هزائم نفسية لنا كانوا الضلع الأكبر في تكوينها.

بدأ الزمالك فصوله الباردة مبكرًا ولم يعطينا فرصة كي نهنأ  بتلك الانتصارات، وضع اتحاد الكرة مباراة القمة مع الأهلي مبكرًا على غير العادة في الأسبوع الرابع من دوري 93-94 بل وجعلها في يوم الأحد وبالطبع لن يسمح لنا بالغياب من المدرسة لمشاهدتها.

YouTube player

كان القدر رحيمًا بألا اشاهد تلك المهزلة الكروية التي عوض فيها الأهلي خسارته ثلاث مرات متتالية أمامنا بهدف وحيد وفاز بثلاثية كان من نتائجها إقالة الاسكتلندي ديفيد مكاي ومساعده فاروق جعفر، ليدخل الزمالك في ثقب أسود حتى نهاية الألفية.

المحزن في القصة أن الأهلي فاز بالدوري سبع مرات متتالية بفريق كان نجمه الوحيد هو حسام حسن مع أسماء متوسطة المستوى في حين أن الزمالك كان يمتلك كتيبة معلمين أطلق عليها فريق الأحلام الذي أكد نظرية أن بناء المنزل لا يتطلب سوى مهندس واحد وعشر عمال وليس العكس.

بدأت التسعينات بالصعود إلي كأس العالم وانتهت على فوزنا بكأس الأمم في 98 كأول مرة نحرزها خارج أراضينا، في تلك البطولة مارس الجوهري خداعه الاستراتيجي بأنه لم يقطع وعودًا بتحقيق أي شئ بل قال أننا سنحرز المركز الثالث عشر، وراهن على وجود حسام حسن هدافه المفضل رغم الانتقادات التي كانت تطاله بسبب هبوط مستواه لكنه ربح الرهان وخرج حسام هدافًا للبطولة.

كانت بطولة بوركينا فاسو هي طول النجاة وسط عبث التسعينات بمشاهدة العبثية التي تتلخص في طوبة مباراة زيمبابوي في تصفيات كأس العالم 94 ورأسية مجدي طلبة التي أطاح بها خارج المرمى في مباراة الإعادة في فرنسا، وزاوية عصام الحضري التي مر منها جورج وايا.

YouTube player

(2)

مع بداية الألفية تصدر انتقال حسام وتوأمه إبراهيم إلي الزمالك عناوين الصحف، لم تكن صفقة فنية بقدر ما كانت معنوية في سلب الغريم أهم أسلحته الكروية، اختارها حسام بإرادته كي يرد على إدارة الأهلي ويثبت لمهاجميه بأنه مازال قادرًا على العطاء.

مثل انتقاله صدمة بالنسبة لي، أنا اعرف حسام جيدًا فما أكثر المرات التي أذاقنا فيها الويلات في التسعينات، وأعرف أنه شخصية تعشق نفسها ويبحث عن مجده الشخصي لا يهمه زمالك أو غيره، وأن هناك مرارة تسري في حلقة تجاه الأهلى لن يتخلص منها حتى لو قبل فانلة الزمالك بعد هدفه الأول في الاهلي أو انتخابه بالتزكية رئيسًا للزمالك فيبقى ولاءه الأول لنفسه ثم الأهلي  وأن أبو تمام كان محقًا في قوله “ما الحب إلا للحبيب الأول”.

الشغف الإبهار والفخر
حسام وابراهيم حسن بفانلة الزمالك

انتصر حسام للمرة الثانية وحقق كل شئ ممكن مع الزمالك وخرج بعدها إلى فرق متوسطة حتى أعتزل وانتهى به الحال مدربًا كل رأس ماله الحماس والحزق وتحفيز اللاعبين وعقدة اضطهاد يستدعيها عند الحاجة، لكنه على الأقل امتلك تاريخًا يفخر به.

بعد بطولة بوركينا فاسو دخلنا في صراع من يصلح لتدريب المنتخب المدرب الأجنبي أم المدرب المصري، من جيرار جيلي لـ للجوهري لـ محسن صالح لـ ماركو تارديللي الذي كان يدربنا من منزله في إيطاليا حتى اختير حسن شحاتة مدربًا للمنتخب بعد المفاجأة التي حققها مع المقاولون بفوزه بالكأس وكأس السوبر على حساب الأهلي والزمالك رغم أنه يلعب في دوري الدرجة الثانية.

رغم نجومية شحاته كلاعب إلا أنه لم يحقق ربعها كمدرب كل إنجازاته بطولة أفريقيا للشباب والصعود بعدة أندية من دوري المظاليم للدوري الممتاز حتى مع فوزه بكأس الأمم في 2006 أرجعها البعض إلا أن عاملي الأرض والجمهور هما السبب، أسكت شحاتة تلك الألسنة بفوزه ببطولة غانا 2008 مقدمًا أفضل أداء كروي لمنتخب مصر في بطولات الأمم الأفريقية، ثم قدم أداء ملحميًا أمام البرازيل في كأس القارات تبعه بفوز تاريخي على إيطاليا بطل كأس العالم في مباراة كان بطلها الأوحد هو الحضري الذي أغلق زاويته جيدًا هذه المرة ،ثم أخرس الجميع عندما حقق بطولة 2010 ليدخل التاريخ كأول مدرب يحرز البطولة ثلاث مرات متتالية.

ثلاثية الشغف الإبهار والفخر (2)

(3)

تركت مذبحة استاد بورسعيد 2012 جرحًا غائرًا لم ولن يندمل، فقدت كلمات الشغف الإبهار والفخر معانيها العميقة، لم أعد أهتم بأي حد كروي محلي مهما كانت أهميته وجاءت أحداث استاد الدفاع الجوي لتعلن أن أي انتصار كروي لا يدعو للفخر بأي حال حتى لو أطلق عليه دوري الشهداء 2014 وأن الصورة لازالت سوداء معلقة على حائط الوطن.

لا يمكن الحديث عن مكسب واحد من وراء مذبحة كروية حيث أفضت إلى هزائم نفسية وكروية كتبت نهاية أهم جيل كروي في تاريخ مصر، لكنها كانت سببًا في خروج شاب من نادي المقاولون لأوروبا يبحث عن وجوده تاركًا وراءه كل هذا العبث وكل هذا الخراب.

امتلك صلاح الشغف وتعلم من محترفينا التي كانت الغربة تأكلهم أو ينتابهم داء العنجهية والغرور بعد نجاحات قصيرة، صمم صلاح على هدفه وانضم إلى صفوة أندية أوروبا “تشيلسي” ثم أخذت مسيرته منعطفًا حرجًا لكنه قرر أن يقتفي أثر شغفه ويذهب إلى أبعد نقطة انفجر فيها مع ليفربول يجعلنا كلنا نفخر بأننا نمتلك لاعبًا من أفضل لاعبي العالم.

YouTube player

 (4)

إقرأ أيضا
مفاوضات غزة الجديدة

منذ إعتزال مارادونا والأرجنتين تطارد شبحا في كل موهبة صاعدة، أورتيجا بابلو إيمار، خوان ريكيلمي، حتى ظهر فتى يعاني من نقص في النمو اسمه ليونيل ميسي، هذا الفتى الذي ابهر الجميع وأثنى عليه فابيو كابيلو مدرب يوفنتوس في مباراة ودية طالبًا استعارته لمدة عام متوقعًا أنه سيكون من العظماء.

حتى 2008 لم تكن الآمال معلقة على ميسي حتى أطلق بيب جوارديولا الوحش الكامن بداخله، حطم أرقامًا قياسية وحقق كل شئ ممكن مع برشلونة، لكن ظل شبح مارادونا يطارده مع منتخب الأرجنتين حتى أن الصحافة نعتته بـ المتخاذل الذي يخاف على قدميه ولا يساعد المنتخب مثلما يفعل مع برشلونة.

ظلت لعنة الفوز ببطولة مع الأرجنتين تطارد ميسي، عاندته الكرة في كأس العالم 2014 وأصبحت كابوسًا في كوبا أمريكا مرتين متتاليتين حتى حققها أخيرًا في 2021.

لم يكن كافيًا أن يحرز ميسي الكوبا بل الكل كان يدفعه نحو المستوى الأعلى “كأس العالم” في نهائي كأس العالم في قطر ، من بين كل مشاهد كأس العالم توقف عند مشهدين واحد يلخصان كل شئ.

الشاب امبابي يقبل الكرة قبل أن يسدد الضربة الترجيحية الأولى والكرة مكتوب عليها بالعربية “الشغف” هذا الشاب الذي يقوده شغفه لإبهار الجميع وإجبار الكل على احترامه بعد أن قاد منتخبه للعودة مرة أخرى في المباراة في توقيت قاتل وينجح في تسجيل ركلة الجزاء الثالثة له في نفس المباراة ببرود أعصاب يحسد عليه ويعلن انه الوريث القادم لعرش أفضل لاعب في العالم.

أما ميسي فوضع الكرة على علامة ضربة الجزاء والصورة تشير إلي كلمتين “الإبهار والفخر” وهما ما فعله ميسي طيلة مسيرته، فعل أشياء قد تبدو متكررة وتقليدية منه لكنها قادرة على إبهارك وفي نفس الوقت يرفع كأس العالم أخيرًا ليشعر بأنه فخورًا بأنه وصل إلى ليفل الوحش وأغلق كتاب اللعبة تمامًا

تمت.

 

الكاتب

  • الشغف الإبهار والفخر محمد عطية

    ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان