جزيرة غمام .. قرية مليئة بالرموز من قصص الأنبياء وحتى ريح قوم عاد

جزيرة غمام قرية مليئة بالرمزيات والخيال وعلامات مستوحاة من القصص الدينية.

وقد قلت في مقال سابق أن كثرة الرمزيات تشتت المشاهد أحيانًا، ولكن مع توالي الأحداث استغلها عبد الرحيم كمال لتناسب الحبكة وطبيعة أجواء وزمن الجزيرة.

فنرى على سبيل المثال شخصية عرفات خليط من شخصية شمس التبريزي وشخصية المسيح عليه السلام المتسامح الذي كان يعمل بالنجارة وله تلاميذ يتبعون رسالته.

لم يختر عبد الرحيم كمال أسماء شخصيات غمام اعتباطا..الباطلان الباطل وخلدون أبليس الخالد في النار

وشمس التبريزي الذي يتسامح مع الجميع طالما لم ينبتوا على الشر وإن كن عاهرات، وهذه الطبيعة تناسب طبيعة الخير ونظافة القلب التي يكون في مقابلها شخصية خلدون التي تمثل الشر المطلق أو أبليس عدو بني آدم الذي ظهر ليخرب الجزيرة.

حتى نبذ يسري ومحارب في بداية العمل لعرفات يذكرنا بقصة سيدنا يوسف وغيرتهم من الأخ المتسامح الذي أحبه الأب (الشيخ مدين) بشكل مختلف، بل وأعطاه سره.

سلسلة من الرمزيات تحدثنا عن بعضها من قبل، ولكن أضاف لها السيناريست عبد الرحيم كمال أجواءً من التصوف كعادته-وإن كان بعضها مقحمًا-كما أضاف كرامات لعرفات مثل اختفائه من مكان لمكان، وعبوره للسور الذي بُني ليقسم جزيرة غمام.

تمامًا ككرامات الأولياء الصالحين في عالم الصوفية، ولكن تنتهي سلسلة الرمزيات والإسقاطات السياسة والاقتباس من القصص الديني بالحلقة 26  بقصة قوم عاد والتي تتشابه قصتهم مع نبوءة الشيخ مدين بقرب الزوبعة.

فيشرح محارب بالحلقة 26 أن الزوبعة ستكون عبارة عن ريح شديدة تأخذ معها الأخضر واليابس وتستثني أصحاب القلوب الطيبة.

فيذكرنا عبد الرحيم كمال بسورة الحاقة وتحديدًا الآية السادسة:

وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6)

وكنا قد أشرنا إلى آية أخرى استخدمها  السيناريست عبد الرحيم كمال في المسلسل في مشهد   عرفات مع الطفل سمير والذي نرى فيه كرامة من كرامات عرفات والتي تذكرنا كما قلنا بأجواء أهل الكرامة والتصوف، فيخرج سمير رغيفًا من الخبز ليعطيه لعرفات  من أصل رغيفين يملكهما ليتفاجأ بأن حقيبته مليئة بعدد من أرغف العيش لنتذكر الآية 261 بسورة البقرة:

مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261

إقرأ أيضا

“دراما الطرابيش” .. لماذا غضب أسامة أنور عكاشة من الصحافة؟

بعد حلقتين من جزيرة غمام…المسلسل بديع كرواية ممتعة ويستحق المشاهدة

 وبين الإسقاطات السياسة التي شرحناها من قبل، والرمزية في الأسماء والاقتباس من القصص  الديني وآيات القرآن يخرج لنا عبد الرحيم كمال بجزيرة مليئة بالمعجزات مع إضافة نكهة من خياله وكأننا نشاهد عملًا من أعمال الفانتازيا.

حتى الآن وكما توقعنا بعد أول حلقتين المسلسل يستحق المشاهدة ومن أنجح مسلسلات هذا السباق الرمضاني من حيث جميع العناصر وأهمها المباراة التمثيلية بين طاقم العمل الكبير والموهوب، وكان ظهور حمزة العيلي والممثلة مها نصار مفاجأة كللت طاقم العمل الموهوب بإضافة ذكية من المخرج حسين المنباوي.

ومازال الجمهور يتابع و يتشوق ليعرف؛ كيف ستتحول جزيرة غمام إلى جزيرة ولاد عرفات؟