الشاعر جمال بخيت وتاريخ الأزهر “أخطاء لم تُعَلِّمه من أين تؤكل الكتف”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
عزيزي القارئ .. قبل أن تقرأ مقال الشاعر جمال بخيت وتاريخ الأزهر أريد أن ألفت نظرك إلى 3 أشياء هامة، أولها أني لست من الراديكاليين الذين يقدسون التراث حتى لو كنت أزهريًا، وثانيها أني معرفتي بالتاريخ الأزهري ــ التي ستجعلني أرد على أخطاء الشاعر جمال بخيت ــ لا تمنعني مطلقًا من أن أذكر أخطاء وخطايا في تاريخ الأزهر.
اقرأ أيضًا
ناقشات موقع الميزان حول حوار الطيب والخشت
ثالث تلك التنويهات وآخرها أني أحب وأحترم الشاعر جمال بخيت وشِعْرِه منذ أن كنت في طفلاً في الابتدائي واستمعت أذناي لتتر مسلسل أوراق مصرية، وافتُتِنْت أكثر وحتى الآن بأغنية المصري للمطربة لطيفة في فيلم سكوت هنصور والذي لم يعش بقدر الأغنية وكلماتها.
نص ما قاله الشاعر جمال بخيت عن تاريخ الأزهر
اجتمع الشاعر جمال بخيت وتاريخ الأزهر في منشور كتبه على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي للرد على الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر بعد أيامٍ من رد الأخير على رئيس جامعة القاهرة الدكتور محمد عثمان الخشت، واحتوى المنشور على عدة زاويا تاريخية متفرقة بشأن تاريخ الأزهر.
خلط تاريخي في غاية الكارثية
للأسف الشديد وقع الشاعر جمال بخيت ومن أيد كلامه في خلطٍ تاريخيٍ بين مؤسسات الدين والفتوى في الدولة العثمانية، وهي إحدى أبرز المؤسسات العثمانية التي ساهمت في تخلف العالم الإسلامي على يد العثمانيين، وبين مؤسسة الأزهر في مصر زمن العثمانيين.
لو رجع الشاعر جمال بخيت إلى كتاب «تاريخ مؤسسة شيخ الإسلام» للمؤرخ التركي أكرم كيدو لوجد أنه كان هناك فرق بين مؤسسة الفتوى في الدولة العثمانية وبين الأزهر وصلت إلى حد الصراعات في التأثير والاختلافات الفكرية، فالأزهر أو أجداد أحمد الطيب لم يكونوا في خدمة العثمانيين؛ وسيتضح هذا ـ في نفس المقال ـ.
اقرأ أيضًا
السيارات والدولة العثمانية ..ممنوعة بأمر الجن وعبدالحميد يهادن
وحتى لا أنسى، فيجب أن يعلم الجميع شيئًا، أن علماء الدولة العثمانية حرموا ركوب السيارات بينما علماء الأزهر في مصر أجازوها
الأزهر وتحريم الحنفية .. هبدة القرن
دخلت الحنفية إلى مصر سنة 1884 م، وباتت قصتها مع الأزهر إحدى أشهر التابوهات فيما يتعلق بالتاريخ المصري، وهو الشيء الذي جمع الشاعر جمال بخيت وتاريخ الأزهر غير أن الحقيقة خلاف تلك القصة أصلاً.
أول من قال في التاريخ أن الأزهر حرم استخدام الصنبور ثم وافق الأحناف عليه وسميت الحنفية بسببهم، هو ستانلي لين بول في كتابه «قصة القاهرة» سنة 1906 م (أي بعد ظهور الحنفية بـ 22سنة)، ولم يذكر أي تفاصيل أو اسم شيخ أو حتى مصدر لما ذكره.
الصحيح أن الأزهر لم يكن له صفة حتى يتم سؤاله أو أخذ إذنه في استخدام الحنفية لأنه ليس له صفة بالمشروع أصلاً، وإنما المشروع كان من اختصاص نظارات الداخلية والأوقاف والصحة العمومية، والدليل على ذلك وثائق الدولة المصرية وتحديدًا في نشرة المنشورات والقرارات الصادرة سنة 1884 م والمطبوعة في بولاق.
لو طالعنا نص القرار الوارد في نشرة المنشورات والقرارات سنة 1884 م في صفحة 76 و 77 لوجدنا مدى التفاهم بين الدولة والمؤسسة الدينية في الأزهر إذ تم استخدام الحنفية في 3 جوامع ودون أي تحفظ من علماء الأوقاف الأزهريين.
السؤال هنا
«من أين جاءت كلمة حنفية طالما أنه لا توجد صلة للأحناف»
الإجابة نجدها في قاموس اللغة القبطية للهجتين البحيرية والصعيدية لـ معوض داود عبدالنور صاحب موسوعة اللغة القبطية وهي من 4 أجزاء طُبِعت في الثمانينيات.
ففي ص 695 من قاموس اللغة القبطية طبعة سنة 2000 نجد أن كلمة حنفية قبطية الأصل من «حونفية» وتعني عين ماء، وبالتالي فإن الكلمة أصلاً أقدم من وجود الإسلام أساسًا وليس الأزهر ولا الفقه الحنفي.
مسألة تاريخ الأزهر مع الطباعة
في البداية وقع الشاعر جمال بخيت في خطأ متعلق بتاريخ الطباعة في مصر والدولة العثمانية حيث قرر «زمايل أحمد الطيب ـ حسب وصف الشاعر» بإصدار فتوى تحرم الطباعة.
اقرأ أيضًا
الحضارة العثمانية الفقيرة إنسانيًا
والصحيح في تلك المسألة أن أول مطبعة دخلت الدولة العثمانية كانت سنة 1493 م، أي بعد ظهور المطبعة الألمانية بـ 43 سنة ــ لو شكيت إن كاتب المقال أو الموقع من محبي العثمانيين ابقى اكتب اسمه على الموقع عشان تعرف إن شكك غلط ــ.
نأتي لمسألة الأزهر والطباعة التي تناولها الشاعر جمال بخيت، وهي مسألة مشهورة لدى كل المواقع الإخبارية والصحفية تقول أن أزهريين عصر الحملة الفرنسية أصدروا فتوى تحرم الطباعة.
التاريخ الصحيح في مسألة الأزهر والطباعة بمصر على عكس ما قاله الشاعر جمال بخيت وباعتراف من أدخلوا الطباعة إلى مصر وهم الفرنسيين.
لو طالع الشاعر جمال بخيت ص 180 من كتاب «بونابرت في مصر» لـ كريستوفر هيرولد وص 144 من كتاب «بونابرت» للمؤرخ الفرنسي «فرانسوا تشارلز روكس» سيجد أن أول كتاب مطبوع في مصر هو «تطبيقات في العربية الفصحى مختارة من القرآن لينتفع بها دارسو العربية»، وتم بإشرافٍ من الأزهريين ولم يتكلم مؤرخ فرنسي واحد عن رفض الأزهر أو تحريمه للطباعة.
أما عن سبب تأخر الطباعة في مصر فلم تكن فقهية ولا دينية خلال عصر الحملة الفرنسية ولا حتى عهد محمد علي باشا ولا قبلهما بقدر ما كانت اجتماعية ويدلل على ذلك نفس المصدرين السابقين ويضاف إليهما مراسلات جماعة السان سيمون، إذ أن مهنة الطباعة رفضها من كان يعمل ويقتات من النسخ اليدوي، غير أن رموز الأزهريين الكبار في تلك المرحلة رفضوا دعاوى التشدد وفندوا مزاعم تأثير عمل النساخ على المطبعة.
الأزهر وتحريم القهوة .. تابوه له جوانب منسية
قبل كل شيء وأي شيء فإن العالم الإسلامي والعربي والشرق عرف مشروب القهوة قبل أوروبا والغرب بـ 104 سنة، فأول واقعة لشرب القهوة في أوروبا كانت سنة 1615 م في فينسيا الإيطالية، بينما أول ظهور للقهوة في العالم الإسلامي كانت سنة 1511 م داخل مكة.
مسألة الاختلاف في شرب حكم القهوة خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر كانت عُرْفًا في علماء الديانات السماوية على مستوى الأرض كلها وليست حكرًا على مسلمين ومسيحيين.
نعم علماء المسلمين في مصر وغير مصر من بلاد الشرق اختلفوا في الحكم الشرعي للقهوة، منهم اعتبرها حرامًا ومنهم من اعتبرها مباحة، وأيضًا رجال الدين المسيحيين في العالم الغربي اختلفوا في الحكم الديني لشرب القهوة فبعضهم من رآها حلالاً وبعضهم من حرمها.
لو رجعنا إلى وليم هاريسون وركس في كتاب «كل شيء عن القهوة» لوجدنا أنه تعرض إلى قائمة رجال الدين المسيحي في أوروبا الذين حرموا شرب القهوة وقائمة رجال الدين المسيحي الذين أجازوا شرب القهوة.
ولو طالعنا كتاب «من التاريخ الثقافي للقهوة والمقاهي» للكاتب محمد الأرناؤوط سنجده ذكر أسماء علماء مسلمين حرموا شرب القهوة لدرجة تأليف الكتب وآخرون أجازوا شرب القهوة لدرجة أن هاجموا زملاءهم من المشايخ المحرمين لها.
الختام
لا أشعر بحساسية من مهاجمة الأزهر وشيخه ومناهجه وحتى التراث، فالعلوم الشرعية الدينية كالفقه والحديث والتفسير إلى آخره، هي علوم نظرية يختلف أي أحد حولها، لكن قلب الوقائع التاريخية التي حدثت بالفعل وبمنتهى الوضوح أمر يستوجب الرد سواءًا كان الأمر متعلق بتاريخ الأزهر أو الكنيسة القبطية أو السينما المصرية أو أي شيء.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
عايز تقول ان الأزهر مش متخلف!؟ وما صفة الأزهر في الحنفية!؟ طيب ما صفة أي شىء أو شيخ في لبس المرأة أو الرجل وطول بنطاله أو حلاقة ذقنه. البعائم يحبون نشر الكلام الفارغ والمؤسسة الدينية ينبغي عزل رجالها من سلطاتهم المدعومة بجهلهم الجم إلا بما يخص حواديت السلف ونصوص القرن السادس