جنازة الخديوي توفيق .. لماذا شارك آلاف المصريين في تشييع حاكمهم الخائن ؟
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
فصلت 10 سنوات بين سقوط مصر في براثن الاحتلال البريطاني عام 1882 ومراسم جنازة الخديوي توفيق عام 1892 م، وكان متخيلاً أن تكون جنازته رسمية، لكن الصادم هو حضور الآلاف فيها.
مسؤولية الخديوي توفيق في الاحتلال
كان الخديوي توفيق أحد أبرز حكام الأسرة العلوية الذي أسس جسور التعاون بين مصر والإنجليز مع اندلاع الثورة العرابية، فالخديوي اتخذ من الإنجليز سندًا لمواجهة مطالب الثورة العرابية وبعد قصف الإسكندرية في 11 يوليو 1882 التجأ الخديوي إلى حماية الإنجليز إلى حين سقوط مصر في أيديهم عام 1882 م.
اقرأ أيضًا
جنازة عبدالحليم حافظ .. ما هي أسماء المصابين والقتلى يوم تشييع العندليب ؟
مع مطلع العام 1892 م بدأ العد التنازلي لحياة الخديوي توفيق حيث كان يعاني من تعب شديد في الكليتين، وكتب له الأطباء أدوية لا تستدعي حالته الصحية لها مما تسبب في انحسار البول الذي أدى إلى تسمم الدم ومات في الساعة 8 مساء يوم الخميس 7 يناير 1892 م في قصر حلوان، وتم إغلاق مسارح التمثيل وتعطيل المقاهي، استعدادًا للجنازة في اليوم التالي.
جنازة الخديوي توفيق وتفاصيلها
قام الشيخ محمد البسيوني في صباح الجمعة بتغسيل الخديوي توفيق وتكفينه بقصر حلوان، ثم قام المشايخ بقراءة دلائل الخيرات منذ الصباح حتى الظهيرة، وفي الساعة الواحدة بعد الظهر وضع النعش في عربة خاصة وقام بها قطار مخصوص من حلوان إلى باب اللوق، بصحبة رجال المعية والحاشية والعائلة.
وصل القطار إلى محطة باب اللوق وكان في محافظ القاهرة ووكيله وحكمدار البوليس، ثم تم نقل الموكب إلى سراي عابدين لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليه من عائلتها، ثم تحرك الجثمان إلى مسجد الإمام الحسين وأديت عليه صلاة الجنازة.
شيع الجثمان من مسجد الإمام الحسين بحضور الغازي أحمد مختار باشا ممثلاً عن الدولة العثمانية، ورئيس الوزراء الأسبق رياض باشا، وثابت باشا رئيس الديوان الخديوي ونوبار باشا رئيس الحكومة ووزراء الحكومة المصرية وكافة أصحاب الرتب والألقاب والموظفين.
كان يتقدم الصفوف أصحاب الطرق الصوفية والذين كانوا يشيعون الجثمان بقراءة دلائل الخيرات، ثم تلامذة المدارس والأعيان والتجار ورجال المحاكم المختلطة والأهلية وموظفو صندوق الدين وقناصل الدول الأجنبية، وقاضي أفندي الديار المصرية ومفتي مصر وشيخ الأزهر ورموز الجماعة الماسونية التي كان الخديوي ضمن أعضائها، وقُدِّر المشاركين في الجنازة بالآلاف.
لماذا شاركوا ؟
كانت جنازة الخديوي توفيق غامرة في الحضور، وإن كان مدة الـ 10 سنوات كفيلة بتناسي ما جرى في وقائع الثورة العربية، إلا أن موقفًا آخر جعل المصريين يشيعون الخديوي توفيق في جنازته.
كان للخديوي توفيق جوانب إنسانية بعد سقوط مصر في الاحتلال البريطاني، منها ما جرى في وباء الكوليرا سنة 1883 والذي جعل المصريون لا ينسون ما فعله، إذ خصص ميزانية ضخمة للتداوي وتعويض المنكوبين بعد تشكيل لجان في القاهرة والإسكندرية ودمياط والمنصورة وغيرها لإسعاف المصابين وإرشادهم إلى طرق الوقاية، إلى جانب إنجازاته التي قام بها مثل صدور لائحة الموظفين المدنيين التي تضمن لهم حقوقهم في المعاش.
المصادر
- جريدة لسان الحال عدد 28 يونيو 1883 م
- جريد المؤيد عدد 9 يناير 1892 م
- مذكراتي في نصف قرن – ج 1 – لـ أحمد شفيق باشا رئيس الديوان الخديوي
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال