حادثة الكونيسة (2-3) محاكمات أهالي العمرانية التي اسْتُنْسِخَت في دنشواي
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
التف أهالي الجيزة في يوم الخميس 31 مارس 1887 ليروا تنفيذ أحكام حادثة الكونيسة وكان أغلب الحضور لهم صلة بالمتهمين الـ 47 الذين صدرت بحقهم الأحكام.
للتاريخ .. قائمة الأسماء والعقوبات في حادثة الكونيسة المنسية
قبل انعقاد المحكمة اتجه أهالي القتيل إلى مستشفى القصر العيني لاستلام جثمانه ودفنوه، بينما الضابطان اللذان قتلاه أعيدا إلى ثكنات قصر النيل، بينما قامت قوة من الشرطة بالقبض على 45 شخصًا من أهالي الكونيسة إلى جانب اثنين من مشايخ البلد وانعقدت لجنة خصوصية قضائية للحكم.
كانت لجنة محكمة حادثة الكونيسة تتكون من مدير الجيزة وشفيق منصور بك ممثلاً للنيابة إلى جانب الميجور مكدونالد ممثلاً عن القنصلية الإنجليزية ونظرت محاكمة الـ 47 شخصًا (45 مزارع وشيخي بلد).
اقرأ أيضًا
حادثة الكونيسة (1-3) القصة المنسية التي تشبه دنشواي ووقعت قبلها بـ 20 سنة
انتهت المحكمة إلى إصدارها أحكامًا متفاوتة حيث قضت بفصل شيخ بلد الكونيسة والبلدة المجاورة من منصبهما مع سجن الأول 6 أشهر بينما يُجْلد الثاني 25 جلدة أمام الأهالي، فيما عوقب 4 من كبار السن بالحبس 8 أيام وغرامة تترواح بين 8 و 10 جنيهات، فيما قضت المحكمة بحبس وجلد باقي المتهمين البالغ عددهم 41 شخصًا وتتراوح مرات الجلد بين 30 إلى 20 جلدة ومدة الحبس بين 3 أشهر و3 أيام.
وسجلت جريدة الأهرام يوم 13 إبريل سنة 1887 أبرز أسماء المزارعين فكانوا «ماهر رسلان ـ 30 جلدة وحبس 15 يوماً ـ، يعلي حسن حدوس ـ 20 جلدة فقط ـ ، علي سالم منتازي ـ 50 جلدة وحبس 3 أشهر، عبد الهادى محمد وإبراهيم محمد ـ 25 جلدة وحبس 3 أيام لكليهما».
ليس هذا فحسب بل إن عقوبة الجلد تمت على الطريقة البريطانية وبشكل بربري فمن قام بعملية جلد المصريين كانوا سجناء بريطانيين، أما أداة الجلد فكانت الكرباج الإنجليزي ذا الـ 9 أفرع دون الاستعانة بالكرباج المصري المصنوع من شريط جلد فرس النهر ومقسم لشرائط رفيعة، وتم التنفيذ على مشهد من الفلاحين وبحضور قوة من الفرسان من رجال جيش الاحتلال الإنجليزي.
عقب إتمام عملية التنفيذ صعد قائد لواء ويلز على المنصة وألقى خطابًا على الطريقة النابليونية حيث قال أن بلاده تحترم الإنسان لكن الويل لمن سيهاجم القوات الإنجليزية إذ سيلقى عقوبات أشد من عقوبات حادثة الكونيسة.
موقف والد صفية زغلول المخزي
التزمت مصر الخديوية الحياد لكن الموقف الأكثر استفزازًا كان من مصطفى باشا فهمي والد صفية زغلول حيث أصدر بيانًا يوم 6 نوفمبر عام 1887 وقال فيه أنه أن بعض المسئولين مازالوا يلجأون إلى استخدام الكرباج الأمر الذي يتطلب اللوم والتوبيخ، وهو بيان لم يستنكر الحادثة برمتها بل استنكر شكل العقاب.
يبقى سؤال في الأفق وهو سبب شهرة دنشواي عن حادثة الكونيسة، وعن هذا السؤال أجاب الدكتور يونان لبيب رزق في الجزء الثاني من كتاب الأهرام ديوان مصر المعاصرة «السبب في تقديرنا أن حادثة دنشواى جرت في ظروف تاريخية جد مختلفة عن شقيقتها الأصغر (يقصد الكونيسة) من حيث الحجم والأكبر من حيث تاريخ شهادة الميلاد، ففضلاً عن الحركة الوطنية التي كانت قد بلغت أشدها خلال صيف عام 1906 فإن حادثة دنشواى كانت قد جرت في أعقاب أزمة شهيرة كانت قد تفجرت بين بريطانيا والدولة العثمانية حول مصر، وهى المعروفة بأزمة طابا، والتي شهدت لوناً مما ارتآه البريطانيون قلاقل داخلية، الأمر الذى دعاهم إلى تقوية وجودهم العسكرى في البلاد مما خلق جواً عاماً من التوتر والتربص، وهو جو تفجرت فيه الحادثة وصنع لها كل هذا الحجم».
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال