همتك نعدل الكفة
296   مشاهدة  

حدث ذلك في الدقي

الدقي
  • كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



في الدقي .. مدخنًا سيجارته في ليلة باردة ، وقف على ناصية شارع عربة عز المنوفي ، عربية الكبدة الأكثر شهرة في مصر والعالم العربي ، منتظرًا صديقه الذي غرق إلى أذنيه في الغضب بعدما سمع أن معرض الكتاب تم تأجيله إلى شهر ستة بعدما ت  ثمة فرشة من الكتب المستعملة ينام صاحبها بجوارها دائمًا لكنه في قمة الفوقان حينما يأتي الكلام عن حساب هذا الكتاب أو السؤال عن ثمن آخر فيقول له بدقة : بخمسة وثلاثين أو بخمسين أو بـ خمسة عشر ، مبررًا السعر دائمًا بأن : مافيهوش مكسب والله يا أستاذ .

 

جاء صديقه مقررًا أن : هنتمشى شوية عشان مخنوق ، على الناصية المقابلة تقف فرشة أخرى من الكتب الجديدة في تحدي واضح لرائحة مشويات الشرقاوي ، وكأن صاحبها قد اتفق مع صاحب المطعم في صيد الزبون ، أن تقف لتشتري كتابًا فتقع في غرام المشوي .. على الناحية الأخرى من الرصيف انتظرت فتاة تعمل في إحدى المصانع ميكروباص فيصل فسألت : فيصل ياسطا ، فقال : لا ، فأضافت ذلك لإحباطات اليوم .. قطعها الطريق رجل نزل بنصفه الأعلى لابنه القصير محاولًا إقناعه بأن غدًا سيكون أفضل لم يفهم الطفل ما يقوله الوالد لكنه حرّك رأسه بأن : نعم !

 

قال صديقه : هذه المنطقة (يقصد الدقي) ، من القاهرة ، تشعر وكأن لها خصوصية ، في التعامل معها ، صحيح بأنها أقيمت على هامش كوبري طويل يقطعها نصفين ، لكنها المنطقة الوحيدة التي لا تشعر فيها بأن الكوبري دخيلًا على المنطقة ، انصهر الكوبري في المحلات والشوارع والناس ورائحة الكبدة والتوابل ، صار واحدًا من العائلة وهو الدخيل على كل المناطق ، فقطع حديثه سيدة تبدو غريبة على المكان وسألت : فين كوافير ندى ؟ فأجاب بدبلوماسية : لا أعرف مكانه لكني أعرف غيره ، فلم تقف لتسأل عن غيره .. وأكمل : شوف يا أخي ، لم يأتي أحد لهذه المنطقة إلا وارتاحت أعصابه على الرغم من ضجيجها .. منطقة تحافظ على وسطيتها في زمن اختفت فيه هوية المناطق ، وكأنها تأبى التغيير .. رمى سيجارته ودهسها ولم يسمع الباقي من حديث صاحبه فتعلّق نظره برجل احتقن وجهه بعدما أغلق الجريدة التي كان يقرأها ، يبدو أنه قرأ خبرًا مزعجًا ، أو أن صفحة الوفيات حملت اسم أحد الحبايب .

 

إقرأ أيضا
الأفراح الريفية

فيسبا أوبر تجاوزت سيارة ملاكي فحفّت في الرصيف سرّبت شعورًا بأن هناك أمل في الحياة فهدأ الرجل الذي احتقن وجهة منذ قليل ، وعاد منصتًا لصديقه : لو أن هناك يمكن لفرد من الطبقة المتوسطة أن يعيش فيه فهو الدقي لا شك .. فشعر أن للكلام أهمية ما .. فأشعل سيجارة أخرى .. ووقف مع صديقه الأول منتظرًا صديق آخر ،. صديق لم يغرق في الغضب حتى أذنيه ..  وظل منصتًا 

الكاتب

  • الدقي محمد فهمي سلامة

    كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
6
أحزنني
0
أعجبني
2
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
2


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان