حكاية آية (3) .. الكهف
-
عمرو عاشور
روائي وكاتب مقال مصري.. صدر له اربع روايات بالإضافة لمسلسل إذاعي.. عاشور نشر مقالاته بعدة جرائد ومواقع عربية منها الحياة اللندنية ورصيف٢٢.. كما حصل على عدة جوائز عربية ومنها جائزة ساويرس عن رواية كيس اسود ثقيل...
كاتب نجم جديد
بدأت الدعوة في دار الأرقم بن أبي الأرقم، وهو من أوائل من أسلم حيث يُقال أنه سابع من دخل الإسلام.. أو بمعني أوضح أدخل الإسلام بيته واحتواه طوال فترة الدعوة السرية والتي تجاوزت العشر سنوات..
خلال هذه الدعوة السرية تنزل الوحي بالسور القاصرة على حكايات الماضي مثل: يونس، هود، يوسف، إبراهيم، سبأ، مريم، طه.. إلخ.
بالإضافة للسور التي تدعو للتأمل في مخلوقات الله كـ النمل، النحل، العنكبوت، القمر، النجم…
وسور أخري تذكر الناس بحال الدنيا وما بعد الموت كـ التكاثر، الواقعة، الناس..
كلها سور وآيات تجنبت تماماً الصدام مع المجتمع سواء في دعوته أو تغييره. ربما تكون سورة (الكافرون).. لاحظ اسم السورة.. أبرز دليل على ذلك.. لكم دينكم ولي دين.. هكذا بكل بساطة ومحبة.. تلك القصص والآيات التي تواترت وراجت بين الناس حتي أن الوفود القادمة من الخارج لمكة عرفت بشأن الدين الجديد.. وهو ما دفع قريش للتحرك الأول حيث كلفت النضرة بن حارث وعقبة بن أبي معيط لاستكشاف الأمر..
هنا لجأ الثنائي – النضرة وعقبة– إلى أهل الكتاب، تحديداً أحبار يثرب ليستشروهم في أمر محمد.. وهل هو حقاً نبي أم لا!
وأشاروا الأحبار عليهما أن يسألاه عن ثلاث: أمر فتية في الأمم السالفة، وعن ماهية الروح، وعن أمر رجلٍ جاب الأرض مشرقها ومغربها.
فلما رجعا ذهب عددٌ من مشركي قريش إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وسألوه عمّا أخبرهم به اليهود، فأجابهم أنه سيخبرهم بجواب ما سألوه غداً.
غير أنه غاب عنهم في اليوم التالي ثم الذي يليه ثم يوم ثالث.. يقول ابن إسحاق أنه تأخر عن الرد لخمسة عشر يوماً… بعدها عاد بالآية التالية..
(وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا * إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ۚ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَٰذَا رَشَدًا)..
تلك الإفتتاحية لم تمثل شئ لرجال قريش، كانوا في حاجة إلى إجابات قاطعة للأسئلة المطروحة.. ماذا تعرف عن فتية الماضي؟
﴿ سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا﴾.
فما هو عددهم بالضبط؟ ومن الذي سيقولون ويقولون ؟..
إنهم نصاري نجران الذي آكد اليعقوبية منهم أن أصحاب الكهف ثلاثة ورابعهم كلبهم بينما قالت النسطورية أنهم خامسة وسادسهم كلبهم.. ولا نعرف من القائل بأنهم سبعة وثامنهم كلبهم.. ولكن، ما نعرفه يقيناً أننا لم نعرف جديد، ولم نحظَ بإجابة قاطعة أو محددة. بل نهي: لا تستف فيهم منهم أحداً.. ثم، الأهم… لماذا لجأ لأهل الكتاب؟
ربما تكون إجابة السؤال الثاني أكثر وضوحاً.. الروح!
)وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا)..
هكذا هي الإجابة: الله أعلم! فأنا لا أعلم.
يمكنك بالطبع أن تتخيل ردة فعل رجال قريش وهم عائدون بهذه الإجابات.. تلك الردة التي ستدفعهم فيما بعد إلى مجادلة أصحاب الدين الجديد ثم محاربتهم ومحاولة إبادتهم… ولكن، تلك حكاية أخري مع آية أخري.
الكاتب
-
عمرو عاشور
روائي وكاتب مقال مصري.. صدر له اربع روايات بالإضافة لمسلسل إذاعي.. عاشور نشر مقالاته بعدة جرائد ومواقع عربية منها الحياة اللندنية ورصيف٢٢.. كما حصل على عدة جوائز عربية ومنها جائزة ساويرس عن رواية كيس اسود ثقيل...
كاتب نجم جديد