حكاية حرب بركياروق والحشاشين .. مواجهة أتلفتها الرشوة
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
تناولت الحلقة 16 من مسلسل الحشاشين كواليس حرب السلطان بركياروق والحشاشين ونية سلطان السلاجقة حصار قلعة آلموت، ويتبادر لذهن المشاهدين تفاصيل هذه الحرب.
حرب بركياروق والحشاشين .. ماذا حدث ؟
قبل مقتلة ال800 باطني التي نفذها السلطان بركياروق، كان الوضع الأمني شديد الاهتراء من الحشاشين، وليس ثمة دليل على ذلك سوى ما ذكره بن الأثير في تاريخه أن وزير السلطان بركياروق لم يكن يجرؤ على الخروج من منزله إلا ويرتدي درعًا تحت ثيابه، بل إن بركياروق نفسه ولفرط انعدام ثقة الجميع في الجميع كان يدخل المقربين منه إليه بسلاحهم[1]، خوفًا منه لربما كان على علاقات مع الباطنية.
اقرأ أيضًا
“الحلقة 13 من الحشاشين” حقيقة وتفاصيل قتل 800 من الباطنية في عهد بركياروق
ورغم تلك المقتلة التي نفذها بركياروق لكنه أراد أن يقدم عربون ثقة للجميع فقرر شن حرب على الحشاشين بمعناها الحقيقي وكلف الأمير بَزْغَشُ بتلك المهمة.
معركتان بين بركياروق والحشاشين حدثتا وكلاهما لم ينتهي بنصر، كانت الأولى سنة سنة 1101م / 494هـ، حيث قام بَزْغَش الذي كان من كبار قادة السلطان سَنْجَرَ المتقاسم الحكم مع بركياروق، بحشد جيش إلى قُهِسْتَانَ التي فيها الإسماعيلية فحوصرت ودمرت وقُتِل كثير من الباطنية لكن لم يتم الاستيلاء على آلموت.
في نفس السياق كانت هناك قلعة باطنية أخرى في طَبَس قام جيش السلاجقة بحصارها وهي قلعة طَبَسَ، وقد تعرضت تلك القلعة للضرب بالمنجنيق فتخرب جزء كبير منها وكادت أن تسقط ويُقْتَل جميع من فيها، لولا الرشاوي التي قدمها الحشاشين لبَزْغَش والذي بموجبها رحل بجيشه وأعاد الحشاشين إعمار ما خربته تلك المعركة، بل وزادت قوة قلعتهم، فيذكر بن الأثير أنهم ملأوها ذخائر وسلاح وأقوات.[2]
أما المعركة الثانية فكانت سنة 1104م / 497هـ، وبين المعركتين قتل الحشاشين 4 شخصيات هم الشيخ أحمد بن الحسين البلخي[3]، والامير جناح الدولة حسين بن ملاعب[4]، والوزير أبو المحاسن عبدالجليل لدهستاني وزير بركياروق[5]، والشيخ أبو مظفر الخُجَنْدي[6]؛ وقد استعرضنا قصص قتلهم تفصيلاً عبر هذا التقرير :- شخصيات قُتِلوا في اغتيالات الحشاشين “قائمة كاملة بالتواريخ والتفاصيل”
كانت معركة سنة 1104م / 497هـ بقيادة بَزْغَش وضم جيشه عددًا كبيرًا من المتطوعين وأهل خراسان، وكرر هجومه على بلدة طَبَسَ، ويحكي بن الأثير أنه خربها وخرب ما جاورها من القلاع والقرى وأكثر القتل والنهب والسلب والسبي في الباطنية، إلى أن قام رجال سَنْجَرَ بإعطاء مشورة لبَزْغَش قالها بن الأثير في تاريخه وكانت خلاصتها أن يعطي الأمان للحشاشين بشرط أن لا يبنوا حصونًا ولا يقومون بشراء سلاح ولا يدعون الناس لعقيدتهم، وتم تنفيذ ذلك مما جعل الناس يسخطون[7]، وبعد هذه المعركة مات بَزْغَش ولحقه بركياروق بفترة وجيزة.
[1] ابن الأثير، الكامل في التاريخ، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، ج8، ط/1، دار الكتاب العربي، بيروت ـ لبنان، 1417هـ / 1997م، ص456.
[2] المرجع السابق، ص457.
[3] الذهبي، تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، تحقيق: عمر عبدالسلام تدمري، ج34، ط/2، دار الكتاب العربي، بيروت ـ لبنان، 1413هـ / 1993م، ص34.
[4] الصفدي، الوافي بالوفيات، تحقيق: أحمد الأرناؤوط وتركي مصطفى، ج13، ط/1، دار إحياء التراث، بيروت ـ لبنان، 1420هـ / 2000م، ص50.
[5] ابن الأثير، الكامل (8/467)
[6] ابن الفوطي، مجمع الآداب في معجم الألقاب، تحقيق: محمد الكاظم، ج6، ط/1، مؤسسة الطباعة والنشر، إيران، 1416هـ / 1995م، ص493.
[7] ابن الأثير، الكامل (8/500)
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال