همتك نعدل الكفة
1٬403   مشاهدة  

حمزة نمرة .. صوت الونس الذي لا يفارقنا

الفنان حمزة نمرة


منذ ثلاثة أشهر تقريبًا أصدر الفنان حمزة نمرة أغنية من توزيع “حسن الشافعي”، الموزع الموسيقي الذي نجح في صناعة نجومية خاصة به خلال السنين الأخيرة، تخطى بها الشُهرة المحدودة المُعتادة لأبناء مهنته في مجتمعنا.. بعيدًا عن المعايير الفنية الدقيقة، كانت أغنية “عملاق” مُحبِطة للكثيرين، هناك شيء ما خاطئ، اللحن والموسيقى باهتان لا علاقة لهما بصوت “حمزة”، والكلمات نفسها نمطية للغاية، تُذكرك بشكل أو بآخر بأغاني الإعلانات التحميسية، التي سُرعان ما تصير مادة للسخرية بعد طرحها.

 

كل هذا عادي، حتى أجمل الفنانين يُصدرون أعمالًا مُحبِطة خلال مسيرتهم، ولكل تجربة حساباتها.. أمّا غير العادي فتجده في ردة الفعل في تعليقات جمهور “حمزة” على المنصات المُختلفة، بعد طرحه الأغنية، ابتعدوا عن النقد الصريح أو حتى الهجوم اللاذع، وتحوَّل الاتجاه العام للتعليقات على الأغنية لوصلة من العِتاب المُهذب، بعد أن اختار معظمهم ألفاظه بعناية، حتى أن أكثر كلمة يمكن رصدها في التعليقات على الرابط الذي نشره للأغنية عبر صفحته على فيسبوك هي “معلش..”، كأنهم يعاتبون صديقًا لهم، يعزّ عليهم أن يجدوا شيئًا ما يخصه دون المستوى الذي عوَّدهم عليه.. ربما تظن من قراءة التعليقات أنّ مَن كتبوها يعرفون “حمزة” بشكل شخصي.. ومع استحالة هذا الأمر، يبدو حقيقيًا من زوايا أخرى.

 

جميعنا تقريبًا نعرف حمزة عن قُرب، حتى لو لم نلتقيه أبدًا.

 

بملامح بسيطة وتعبيرات وجه هادئة لا مبالغات فيها، مرتديًا قميصًا أبيض قصير الأكمام، جلس الشاب ذو الملامح العادية تمامًا، أمام المذيع “يسري فودة”، يغني “شد الحزام” لـ سيد درويش، لكنه استبدل العود بجيتار يحتضنه بعناية.

 

كان الحرُ قائظًا، لزوجة أغسطس الكئيب تحاوطنا، والعام عام ثورة، 2011 بكل شُحنتها التي نتذكرها الآن بمزيج من الأسى والفخر.

 

تطلب مني أمي أن أُبقي المحطة ولا أحوِّلها؛ يبدو أنني ورثتُ حب “سيد درويش” منها، كما ورَّثتني الكثير.

 

تابعنا اللقاء حتى نهايته، شدّني المغني الشاب، بصدق نبرات صوته، سريعًا ينجح في إقناعك أنك في حضرة رجل يعرف كيف يغني، ويستوعب معنى كل كلمة يقولها، كل إحساس منضبط في مكانه، صادق لا ادّعاء فيه.. لم أكن أعرف اسمه قبل هذا اللقاء الذي وقع أمامي بالصدفة، لكني سأحفظ الاسم جيدًا، وسأبحث عنه في نفس الليلة على الإنترنت، سأستمع لكل ما غنّى تقريبًا.. سيُدهشني الصدق أكثر من أي شيء آخر، صدق الإحساس في غناء كلمات طازجة من حياتنا اليومية العادية، كأنّك تستمع لمطرب يغني أفكارك، يدندن لك شيئًا مما يدور في ذهنك.. وسأحفظ اسمه وأرشحه لكل أصدقائي لاحقًا..

 

اسمه: حمزة نمرة.

 

متلازمة ما قبل الحيض.. هل ينجح العلم في علاج مشاكل الدراما الهرمونية للمرأة؟

ميراث المحبة ثقيل.

 

إقرأ أيضا
السيد البدوي

لكن “حمزة” نجح- حتى الآن- في أن يصون رصيد ثقته لدى مُحبيه.

 

هو يغني لكَ، لا عليك.. وبهذا نجح في أن تتجاوز أغانيه مراتبًا جديدة في النجاح، لتصبح “ونسًا” في الحياة اليومية للكثيرين من مُحبيه، صوت مُصاحب للحياة، موسيقى تصويرية تندمج مع مشاهد الحياة اليومية، حتى كأنّك تشعر أنه يغني لكَ وحدك، يدندن لك في جلسة صغيرة تجمعكما على مقهى نصف مزدحم.. الصدق، هذا هو درس “حمزة” الأهم للجميع، في وقت يصعب أن تحافظ على مكانك بارزًا دون الكثير من التزييف، لكنه يختلف، يكفيه في قلبي أنه لم يخض في مستنقع الابتذال كي يصبح ضمن “التريند”، بل تصدَّره بفن صادق يستحق أن يوصف بالفن.

ناصر السنباطي بطل كمال الأجسام.. طاف العالم ولم يحمل اسم مصر

 

بين صوت “حمزة” المُشرق المُفعَم بالأمل في “احلم معايا”، ونبرة الحزن الناضج المُتقبِل لأمره في “فاضي شوية”، مرَّت سنوات عامرة بأحداث أعادتْ تشكيل كل شيء: الواقع والنفوس والأحلام.. وبين هذا الأمل، وذاك الشجن، مساحة ممتدة من الصدق، صدق يجعل من الفنان مُستحِقًا للقب “الفنان”، ويجعل من “حمزة نمرة” ما هو عليه بالفعل: فنان صادق، وصديق لنا في البُعد.. صديق يعرفنا ونعرفه.

 

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
26
أحزنني
3
أعجبني
8
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
5


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان