حوار زوجة الرئيس السيسي مع إسعاد يونس “في أي شيء اختلفت السيدة انتصار عن سيدات القصر”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
ظهرت زوجة الرئيس السيسي مع إسعاد يونس على قناة DMC في حوارٍ هو الأول لها تلفزيونيًا وربما الأول من نوعه في تاريخ رؤساء مصر من حيث مذيعة تسأل بعدما كانت العادة تجري بأن تظهر زوجة الرئيس في أعمال وثائقية.
الانبهار بالضابط .. خصلة لم توجد في الأسرة
لم تتطرق السيدة انتصار السيسي خلال سردها لبداية حياتها مع الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى مسألة الانبهار بالضابط، فكافة فتيات جيلها كُنّ يحلمن بالارتباط بضابط في القوات المسلحة خاصةً في فترة سبعينيات القرن الماضي كون أن ضباط القوات المسلحة اكتسبن سمعة طيبة بعد انتصار حرب أكتوبر.
مسألة الانبهار بالضابط عُرِفَت عن زوجات مصر باستثناء تحية جمال عبدالناصر التي كتبت مذكراتها بعنوان ذكرياتي معه ولم تبدي انبهارًا بمسألة أن عبدالناصر ضابط، على عكس جيهان السادات في كتاب سيدة من مصر التي عشقت أنور السادات من قبل أن تراه لكونه ضابط قبل أن يكون ثائرًا فغيره في النضال الوطني كانوا كُثُر لكن مسألة عسكريته التي فرط فيها كانت مسألة تلفت أنظار جيهان، وهو الأمر نفسه الذي أشارت له سوزان مبارك في وثائقي التلفزيون المصري عن حياة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.
التعارف والخطوبة .. الرئيس السيسي وحرمه الأطول زمنًا
قد تكون مدة الخطوبة بين الرئيس عبدالفتاح السيسي وقرينته هي الأطول فقد استهلكت بضع سنوات مسافة تخرجها من الكُليَّة على عكس خطوبة سوزان ومبارك التي أخذت نصف سنة، وتحية وناصر التي أخذت خمسة أشهر ونصف، وجيهان والسادات التي أخذت ثمانية أشهر.
من المقنع أن تكون خطوبة الرئيس السادات وجيهان هي الأطول للفقر الذي اتسم به الزوج بينما تكون خطوبة الرئيس السيسي وزوجته هي الأقصر لأن الشاب ميسور الحال؛ لكن الاختلاف يكمن في تفصيلة شخصية الرئيس فهو قَيَّم الخطوبة على ظروف السيدة انتصار الدراسية، مما يدل على اتفاق مسبق أنهما ثنائي في التفاصيل رغم شدة حياة العسكريين.
شدة العسكريين في الحياة الزوجية واحدة .. ولكن
شدة حياة العسكريين مسألة متشابهة عند كل زوجات رؤساء مصر، فمثلاً تحية عبدالناصر حكت في فصلين عن مدى أوجاعها وقلقها على زوجها، وجيهان التي فرحت أخيرًا بعودة السادات للعسكرية اشتكت كثيرًا من خروجاته المتعددة وهو الأمر نفسه الذي تكلم عنه سوزان مبارك، ولم تختلف السيدة انتصار عنهن.
اقرأ أيضًا
رؤساء مصر وكتب تاريخ الأزهر .. فوارق بين السيسي وسابقيه
لكن هناك اختلافًا طفيفًا بين زوجة الرئيس وغيرها من زوجات رؤساء مصر وهو أن الأخيرات كُنّ يخشين على حياة أزواجهن من الموت فجميعهن كن شهودًا على سنوات الصراع العربي الإسرائيلي، أما حرم السيسي فكانت شدة حياتهما كرجلٍ عسكري تتمثل في سفرياته الدراسية للخارج وابتعاده عن بيته للخدمة في أماكن مختلفة بالقُطْر المصري.
لكن أبرز اختلاف ميز عائلة الرئيس السيسي عن عائلات رؤساء مصر هو طريقة التعامل مع الأبناء، فالرئيس يتدخل في التفاصيل لكن بطريقة احترافية حيث يسمح بأنه يمكن أن يعلم متأخرًا بشيء دون الصدام مع أولاده، أما عبدالناصر وإن كان شارك زوجته لكنه ألقى عليها النصيب الأكبر في التربية وتدخله في التفاصيل كانت تدخل صاحب القرار، أما السادات فكان لا يعطي بيته اهتمامًا لتعدد مشاغله باستثناء فترة النكسة وهو الأمر نفسه الذي اتسم به مبارك.
الرؤساء وتعليم أبناءهم .. السيسي وحده مختلفًا
لم تتكلم أي زوجة من زوجات رؤساء مصر خلال مذكراتهن أو الحوارات التي أجريت معهن عن مذاكرة الأولاد باستثناء حرم الرئيس السيسي التي أشارت إلى أنهما كانا يتقاسمان المذاكرة مع أولادهما لتقاربهما في الأعمار.
لكن هناك اختلافًا واحدًا وفريدًا وهي مسألة محفظ القرآن وهي خصلة لم يعرفها رؤساء مصر خلال سنوات زواجهم، ولهذا مبرره فجمال عبدالناصر اعتبر تعليم أولاده المدني لا يحتاج لحفظ القرآن كمادة دراسية، وكذلك السادات الذي دخل الكُتَّاب في صغره لكن لم يكرر السيناريو مع أولاده، بينما مبارك لم يهتم بمسألة المحفظ للقرآن؛ بينما السيسي بتكوين نشأته كان مراعيًا لتحفيظ القرآن لأنجاله بحكم أنه عندما كان في سنهم كان يتلقى دروسًا عند الشيخ إسماعيل صادق العدوي.
ليالي الثورة والأزمة .. انتصار السيسي وتحية عبدالناصر الأفضل من جيهان السادات
ثلاث رؤساء حضروا ثورتين أو بمعنى أوضح كانوا جزءًا من قيادة ثورتين، ومسألة ثورة على نظام محفوفة بالمهالك وليس المخاطر وبالتالي يكون حال الزوجة مأساويًا لأنه في حال الفشل فإن المشنقة تنتظر الزوج والتشريد مصير عائلته.
كانت زوجة جمال عبدالناصر وزوجة الرئيس عبدالفتاح السيسي هما الأصدق في وصفهما لمشاعرهما كزوجة وهما تحكيان عن زوجيهما.
قالت تحية كاظم عن ثورة يوليو “ليلة الثورة سألته .. إنت رايح فين بالبدلة الرسمية دلوقت؟ وكانت أول مرة أسأله أنت رايح فين منذ زواجنا، سمعت صوت طلقات رصاص كثيرة شعرت بأنها صادرة من ناحية قصر القبة.. فقمت مسرعة وخرجت إلى الصالة ووجدت أخويه فقلت: هذا الضرب.. الطلقات فى قصر الملك ولا بد أن يكون جمال من الذين يطلقون الرصاص ويهاجمون القصر.. وبكيت بقيت واقفة فى الفراندة والشباك ألاحظ هذا الشاب وهو يقفل الشارع وأنا قلقة وأقول: ماذا حصل وقت سماعى الطلقات؟ وكان همى ألّا يكون جمال قد أصيب فى هذه الطلقات، رأيت أخويه يقفزان من الفرح ويقبلان بعضهما وقالا: افرحى افرحى.. فقلت: وأين جمال؟.. والطلقات التى سمعناها؟ وأخذت أبكى وقلت: الآن أنا فهمت”.
أما جيهان السادات فلم تتكلم عن نفسها كزوجة وإنما تكلمت كـ هيرو نفسي حيث قالت “لما قامت الثورة ونزل قلت له لو دخلت السجن يا أنور مش هزورك، فنظر إليّ وقال انتي قولتي إيه يا جيهان ؟ فضحكت ولم أكرر ما أقول وقلت له بهدوء فليحرسك الله يا أنور”.
بينما زوجة الرئيس عبدالفتاح السيسي فقالت عن ثورة 30 يونيو “كنت بين حاجتين الفرحة لمصر والخوف على أسرتى، فهو كان يوم صعب وفى مشاعر متلغبطة”.
الحموات والثقافة .. مقارنة بين حرم السيسي وزوجات رؤساء مصر
لم تتكلم سوزان مبارك عن حماتها لأن زوجها كان يرفض الكلام في الأحاديث الشخصية ودليل ذلك حوار مبارك مع مفيد فوزي، وكذلك زوجة عبدالناصر لأن والدته توفيت قبل زواجه، بينما جيهان السادات فحكايتها مع ست البرين والدة السادات فيها بعض التكلف وأحيانًا جزء من التعالي وربما قصدت جيهان السادات التعالي لإظهار أن عائلة زوجها تتسم بالتواضع والطيبة.
تطرقت زوجة الرئيس السيسي إلى الكلام عن حماتها فقالت “إن والدة الرئيس هي من شجعتني ودعمتني في البداية وعلمتني أن سبب نجاح أي بيت هو المحافظة على الخصوصية، لم تنصحنى لوحدى بل نصحت كافة فتيات وصبيان العائلة كوننا نعيش في بيت واحد.. وكنا في بيت والده بمدينة نصر وكل البنات والصبيان جميعاً في بيت واحد.. وأنا دائماً أحب أقول إن والدته كانت أم مش علشان هي تعتبر خالتى لا لأنها كانت معانا كلنا كدة، والدة الرئيس السيسى جمعت أبناء العائلة ووصتهم اللى ينجح البيت إن كل وحدة فيكم يكون ليها خصوصية وتبقى عارفة إيه الكلام اللى يقال والذى لا يقال.. وكل وحدة فيكم حرية شخصية تعتبر أنها في بيت لوحدها.. وكلكم أبنائي وحبايبى البنات زى الصبيان”.
من حيثية الثقافة فإن زوجة جمال عبدالناصر كانت تحب الكتب الفرنسية، بينما سوزان مبارك لم تتكلم عن مكوناتها الثقافية وكانت تتصدر إعلانات مهرجان القراءة للجميع، أما جيهان السادات فإن تربيتها الإنجليزي كانت عاملاً في محبتها لروايات تشارلز ديكنيز وبصِيِت زوجها أخذت الدكتوراة.
اقرأ أيضًا
وانفرطت مسبحة القراء العِظَام برحيل آخر حباتها .. وداعًا الشيخ الطبلاوي
لكن زوجة الرئيس السيسي كانت الأكثر تعبيرًا عن بنات جيلها في مسألة الثقافة فهي ذكرت أنها تحب نجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس وخيري شلبي وعباس العقاد بالإضافة لكتاب بدون سابق إنذار، وتحب سماع العندليب وكوكب الشرق وفايزة أحمد، ومن حيثية القرآن تحب الاستماع للقراء المشهورين مثل عبدالباسط عبدالصمد والطبلاوي والحصري ومصطفى إسماعيل وجميعهم كانوا صورة الجيل في فترة السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات.
تقييم حوار زوجة الرئيس عبدالفتاح السيسي
لم تتكلم السيدة انتصار السيسي كـ هانم مثل سوزان مبارك، ولم تتحدث بتكلف مصطنع مثل جيهان السادات فكلاهما باعتبار أنهما من جيل الخمسينيات يبدو من أحاديثهن التكلف أو التقيد بالأسلوب الرئاسي، بينما حرم الرئيس فلا زالت تمثل جيلها في طريقة حديثها ويبدو هذا في الصور النادرة التي استعرضتها الحلقة.
وبشأن اختيار المذيعة فربما إسعاد يونس كانت الأفضل لاتسامها بالأريحية غير المصطنعة في الحوار، وربما نمطيتها في برنامج صاحبة السعادة تقل بعد هذا الحوار.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال