حينما حاولوا رشوة عبدالناصر فشيد بأموالهم برج القاهرة
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
تحفة معمارية تم بنائها على شكل زهرة اللوتس الفرعونية، رمزًا لحضارتهم العريقة، ويُعد أحد المزارات التي تجتذب السائحين من أنحاء العالم، وإذا كانت باريس تتباهى ببرج ، وإذا كانت باريس تتباهى ببرج إيفل، وإيطاليا تجذب السياح ببرج بيزا المائل، فالقاهرة أيضًا تتفاخر بـ ” برج القاهرة ” الذي يُعد الأول من نوعه في الشرق الأوسط، ويعلى ارتفاعه على ارتفاع الهرم الأكبر بـ 42متر.
والحقيقة أن عظمة برج القاهرة لا تتمثل فقط في روعة إنشاءه حيث يتكون البرج من يتكون من 16 طابق، ويقف على قاعدة من أحجار الجرانيت الأسواني، التي سبق أن استخدمها المصريون القدماء في بناء معابدهم، ويوجد في قمته مطعم سياحي على منصة دوارة، تلف برواده، ليرى من بداخله معالم القاهرة من كل اتجاه، ويصل ارتفاعه إلى 187 مترًا، وهو ما يجعله أعلى مبنى في العاصمة، بل يزيد فى ارتفاعه عن الهرم الأكبر بحوالي 43 مترًا، ولكن الهدف من إنشاءه هو ما يجعله عظيمًا بحق، حيث يمثل البرج أول مهمة كبرى للمخابرات العامة المصرية، وأكبر لأ في تاريخ العلاقات ” المصرية ــ الأمريكية “، فما هي حكاية البرج الذي أُطلق عليه شوكة عبدالناصر، واشترك في بنائه 500 عامل، وتكلف 6 ملايين جنيه، في وقت كانت مصر مديونة به، من أين جاءت أمواله؟ وما علاقته بالمخابرات؟.
رشوة مُستعارة تحت اسم عربون محبة
بعد تولي الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الرئاسة أعلن أنه سوف يُساند المقاومة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي، فقامت الولايات المتحدة الأمريكية بإرسال 6 ملايين جنيه كتهنئة له على توليه منصب الرئيس، ولكن الهدية كانت تحمل رسالة ضمنية تقول “ابتعد عن الجزائر”، وقبل عبدالناصر المبلغ وقرر أن يلقنهم درسًا قاسيًا، وأمر بإنفاق المبلغ كله في إقامة مبنى سياحي يكون شاهدًا على رفض المصريين للتطاول الأمريكي، وتم الاتفاق على أن يكون برجًا شاهقًا يطل على نهر النيل القاهرة.
وتم توكيل المهمة إلى ضابط المخابرات ” يسري الجزار ” الذي اختار أرض الجزيرة ولكن كل من عُرض عليه الفكرة من أساتذة الهندسة في مصر رفضوا الفكرة وقالوا أنها مستحيلة في هذه المنطقة، ولكنه لم يكن قد عرض الفكرة على “ناعوم شبيب”.
المهندس “ناعوم شبيب”
كان المهندس ناعوم شبيب وقتها أجرأ مهندس في مصر، فقبل عام1950م، لم يكن في العاصمة المصرية أي مبنى يعلو على اثنى عشر طابق، ولكن ناعوم شبيب كان لديه الجرأة الكافية لإنشاء أول ناطحة سحاب، وكانت عبارة عن عمارة سكنية مكونة من 22 طابقًا، ورغم هجوم الكثير على ذلك العمل إلا أن ذلك لم يمنع إقبال الناس على السكن فيها، وانتظر منافسيه انهيار ناطحة السحاب، فقرر ناعوم أن يرد عليهم بالبدء في بناء واحدة جديدة 33 طابق، ولكن قبل أن يبدأ اتصلوا به من المخابرات وأخبروه أن الرئيس جمال عبدالناصر يريد مقابلته.
أوضح له عبدالناصر الفكرة والهدف من اختيار ذلك المكان تحديدًا حيث أنه يقع مقابل السفارة الأمريكية على الجهة الأخرى من النيل، وهكذا كلما أطل السفير من مكتبه يرى البرج فتصله الرسالة.
وقبل أن يبدأ البناء سأله ناصر كم سيبلغ ارتفاع البرج، فقال شبيب: ” أعلى من الهرم الأكبر “، ابتسم ناصر وربت على كتف شبيب معجبًا بخفة دمه، ولكن عندما تم الانتهاء منه كان البرج أطول من الهرم الأكبر بـ42 مترًا.
كانت خطة شبيب أن يكون مبنى بسيطًا تمامًا، واختار له شكل زهرة اللوتس الفرعونية، وكان التحدي صعبًا لأكثر من سبب، الأول أن السائد في أعمال البناء وقتها كان الأعمال اليدوية أكثر من المعدات، والثاني طبيعة الأرض الطينية في الجزيرة وقدرتها على تحمل مبنى من هذا النوع، وتم علاج الأمر بصب القواعد فوق صخرة خرسانية، تم وضعها على عمق 25 مترًا.
وتم افتتاح برج القاهرة بحضور كمال الدين حسين وصلاح نصر، بعدما اعتذر الرئيس جمال عبدالناصر عن الحضور، وهكذا يظل “شوكة عبدالناصر” كما أسماه الأمريكان واقفًا شامخًا يدل على عظمة وذكاء المصريين.
المصدر: كتاب صنايعية مصر لعمر طاهر
الكاتب
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال