خوان بوجول غارسيا.. الجاسوس الأسباني الذي كون جيشًا مزيفًا وخدع النازيين
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
عادة ما ننجذب لا إراديًا لقصص وحكايات الجواسيس والخونة وقت الحروب، وننبهر بحكايات أسطورية عن أشخاص استطاعوا خداع دول عظيمة، وتمكنوا من تغيير مسار الحرب وتعديل كفة الرابح، ومن بين تلك القصص تُعد قصة “خوان بوجول غارسيا”، هي الأكثر إثارة وحبسًا للأنفاس، فقد تمكن ذلك الرجل الأسباني من خداع النازيين، واشتهرت قصته وانتقلت على الألسنة لتصبح أشهر عملية خداع وخيانة آنذاك، وضمنت للحلفاء الفوز في يوم النصر، ولعبت دورًا عظيمًا في تحرير فرنسا، وعلى الرغم من أن معظم كتب التاريخ قد حذفت قصته، إلا أنه سيظل دائمًا واحد من أهم جواسيس الحرب العالمية الثانية، وساعد عمله كعميل مزدوج على قلب مجرى الأحداث وتغيير نتيجة الحرب.
خوان بوجول غارسيا
وُلد خوان في دولة برشلونة عام 1912م، وكانت عائلته ثرية، وقد تولى إحدى مزارع عائلته منذ أن تخطى سن الطفولة، ولكن اندلاع الحرب الأهلية الإسبانية عام 1936م، غير مساره حيث تم طلبه للتجنيد، وقد واجه خوان في تلك الحرب صعابًا كثيرة، حيث تم اختطاف عائلته من قِبل الجمهوريين الفاشين واحتفظوا بهم كرهائن، بينما تم سجنه على يد اليساريين المتطرفين لأنه وقف ضدهم، ومع انتهاء الحرب في عام 1939م، كان خوان ناقمًا بشدة على الفاشية والشيوعية، أي ألمانيا وروسيا، وبعد أن خرج من السجن قام بفتح فندق في مدريد وتولى إدارته لفترة.
الطريق إلى الجاسوسية
مع بدء الحرب العالمية الثانية، قرر غارسيا التوجه إلى المخابرات البريطانية والعمل لصالحهم، ولكن تم رفضه ثلاثة مرات متتالية، فلم يرى البريطانيون أي قيمة تُذكر في شخص يمتلك فندق ومزرعة دواجن، فقرر غارسيا أن يتقرب من الألمان بنية أن يصبح عميلًا مزدوجًا، وقام بتزييف هويته وانتحل شخصية مسؤول حكومي من لشبونة مؤيد للنازية، واتجه للمخابرات الألمانية وأخبرهم بهويته المزيفة، وأقنعهم أن ذلك المنصب ييسر له السفر لبريطانيا باستمرار، وأن بإمكانه تحصيل معلومات قيمة تفيد الألمان، وقام بتلفيق عدة قصص مزيفة، وأخبرهم أن لديه عدة جواسيس في المصالح البريطانية يمدونه بالمعلومات اللازمة، وقبلوا به على الفور، وكان غارسيا يقدم تقارير مزيفة ولكنها معقولة بشكل كبير، وكان يلقي باللوم على عملائه المزيفين حول أي معلومة خاطئة يحقق فيها الألمان، وتمكن من مهمته لدرجة أن المخابرات البريطانية فتحت تحقيقًا موسعًا حول شخصيته المزيفة، بعدما أدركوا أن هناك شخص ما يخدع الألمان لصالحهم، وعلى الفور قبلوا به وسطهم، وأطلقوا عليه اسم العميل جاربو، ومنذ ذلك الوقت اصبح رسميًا عميلًا مزدوجًا، وكان يمد الألمان بكم كبير من المعلومات الحقيقية ولكنها عديمة الفائدة ليكسب ثقة الألمان.
عمليتي “يوم النصر ونورماندي”
اصبح غارسيا واحد من أهم الجواسيس في نظر الألمان، وحظى بثقتهم التامة وبمكانة كبرى للغاية بينهم، واستغلت بريطانيا ذلك أفضل استغلال، وقررت توجيه اللكمة الكبرى لألمانيا حينما كانت تحضر لعملية يوم النصر، حيث أمرت غارسيا بإرسال تقرير عن موعد العملية الحقيقي قبل بدايته مباشرة، وعندما وصل التقرير ليد الألمان كان الغزو قد حدث بالفعل، ولم يستفادوا شيئًا من التقرير، ولكن زادت ثقتهم في خوان، الذي استغل الأمر أفضل استغلال، وقام بإقناعهم أن عمليات هبوط الحلفاء في نورماندي هي مجرد تمويه، وأن الضرب الحقيقي سيقع في منطقة باديكلي، وعلى الفور قام الألمان بتشكيل قوات قوية لصد الهجمات الوهمية، مما أتاح فرصة عظيمة لبريطانيا لحشد المزيد من القوات، وبالفعل استطاعوا هزيمة الألمان وتمكنوا من تحرير فرنسا بعد بضعة أشهر.
الكاتب
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال