“درية شفيق والبرلمان” حكاية المطلقة سميرة طه التي استدلت بها
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
تتلازم ثنائية درية شفيق والبرلمان في التاريخ عندما قامت رائدة الحركة النسائية في البرلمان بقيادة مظاهرة نسائية في 20 فبراير عام 1951م مكونة من 1500 فتاة وسيدة باقتحام البرلمان المصري للمطالبة بحقوق المرأة في المشاركة السياسية، مما أدى إلى عرض قانون بعدها بأسبوع ينص على حق المرأة في الترشح وخوض الانتخابات البرلمانية.
سبب اقتحام مبنى البرلمان
في كلمتها يوم واقعة الاقتحام قالت درية شفيق حول أسباب اقتحام البرلمان «نحن اللائي نريد أن ننطلق، في تعاون وإخلاص، مع المواطنين الرجال، فنكافح على نفس الطريق من أجل استكمال حرياتنا وسعادتنا واستقلالنا وسلامتنا جميعًا؛ نحن نصف الأمة، نصف القوة، نصف الحياة، ولقد بلغنا من الوعي القومي ما يجعلنا نعتبر إقصاءنا عن الاشتراك في أجهزة السلطات الثلاث، حرمانًا لبلادنا من نصف طاقتها الحيوية الإنتاجية».[1]
كتبت درية شفيق عن تلك الواقعة بعد زوال الحكم الملكي وقالت في مقال لها «يسألني الناس كثيرا لماذا تطالبين بدخول المرأة البرلمان؟ والواقع أنني لا أطالب بهذا حبًا في البرلمان ولكن لغرض أسمى من ذلك بكثير، هو حماية المرأة والطفل من عبث بعض الرجال، منذ ربع قرن توجد مشروعات بقوانين لحماية المرأة والطفل ولا تزال هذه المشروعات نائمة حتى الآن تغط في نومها بين ثنايا الملفات البرلمانية وستظل كذلك حتى تخرجها المرأة الى حيز التنفيذ، والمرأة وحدها هي التي تستطيع ذلك لأنها تؤمن بها وتحس بأهميتها لكيانها».[2]
اقرأ أيضًا
“تاريخ كتيبة بنت النيل العسكرية” كيف ردت درية شفيق على اعتراض الرجال ؟
عرضت درية شفيق قصة واقعية في مقالها للتدليل على كلامها، كانت صاحبة القصة امرأة اسمها سميرة طه، تزوجت محاميًا شرعيًا يُفْتَرض فيه أن يدافع عن حقوق الزوجات المغتصبة من بعض الرجال مستندًا في ذلك إلى الشرع والدين الحنيف.
قالت درية شفيق عن سميرة طه «عاشرت السيدة سميرة طه زوجها خمس سنوات طويلة انجبت خلالها ابنتين صغيرتين ولم تدم هذه الحياة الزوجية إلا هذه المدة القصيرة تنكر بعدها الزوج المحامي الشرعي لزوجته فأخرجها من بيتها وأبعدها عن فلذتي كبدها وكان ظن الزوجة وأهلها في بادئ الأمر أن محترف الدفاع الشرعي لن يفكر في اغتصاب حقوق حليلته ولهذا السبب اتفق شقيق السيدة سميرة مع الزوج قبل حدوث الانفصال على كتابة إيصال يفيد تسلمها لكل منقولات منزل الزوجية الذي شاء له الزوج أن ينهدم ولما حضر المأذون ولم يتمكن من إصلاح ذات البين لاستمرار الزوج على عناده أخذ يؤدي دورًا جديدًا في مقابل إعطاء زوجته ورقة الطلاق فطالبها بالنزول عن نفقتها ونفقة ابنتيها أمام المأذون، ولما رفضت هددها بالإيصال سالف الذكر وهكذا مكثت الزوجة المسكينة طوال المدة ما بين مارس ويوليو تبحث عن محامي شرعي يدافع عن حقها أمام المحاكم دون جدوى وذلك لتعصب أبناء المهنة الواحدة لزميل لهم، ولكن حظها جعلها تعثر على محام شرعي رضي أن يتبنى قضيتها ضد زوجها وبالرغم من استهزاء كافة المحامين الشرعيين بزميلهم فقد استطاع أن يستخلص لها حكمًا منذ أسبوعين بحضانتها لابنتيها، هذه هي قصة الزوجة البائسة السيدة سميرة طه التي طلقت بدون علمها والتي حكم عليها الشرع بطلاق يعتبر بينونة كبرى لا لسبب إلا لتعصب أبناء المهنة الواحدة لزميل لهم، إننا نطالب بالضمانات الكافية التي تحمي أمثال هذه الزوجة وأطفالها، إن المرأة لن تستريح حتى تنال حقوقها التي لن يفهمها أو يقدرها غيرها».
[1] درية شفيق، المرأة المصرية من الفراعنة إلى اليوم، ط/1، مطبعة مصر، 1955م، ص204.
[2] درية شفيق، مأساة زوجة المحامي الشرعي، مجلة آخر ساعة، عدد:949، 31 ديسمبر 1952م، ص6.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال