دلالات تسريبات مسلسل الاختيار 3 حول تاريخ الإخوان مع الجيش “غباء الجماعة عرض مستمر”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
أثارت تسريبات مسلسل الاختيار 3 اهتمامًا وجدلاً في مواقع التواصل الاجتماعي منذ 2 إبريل وحتى الآن، وكان مجموع ما تم عرضه من تسريبات عدد 7 مقاطع مسجلة بالصوت والصورة.
الدلالات التاريخية في تسريبات مسلسل الاختيار 3
ظهر في مسلسل الاختيار 3 حتى الحلقة الثامنة منه عدد 7 تسريبات، كان ثلاثة منها يخص علاقة جماعة الإخوان مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي حكم مصر من فبراير 2011 حتى يونيو 2012 م، والتي كشفت جانبًا متطورًا من تاريخ جماعة الإخوان مع الجيش المصري.
الثأرية بين الإخوان والجيش .. النواة مصلحة متبادلة
من ضمن تسريبات مسلسل الاختيار 3 الفيديو الذي ظهر فيه خيرت الشاطر وهو يقول « الحاجة اللي أن مكتب الإرشاد الحالي أكتر من نصه اتحاكم عسكريا، والمكتب التنفيذي بتاع الحزب الحالي أكثر من نصه اتحاكم عسكريا، وبالتالي لما نيجي نناقش أي حاجة خاصة بالجيش والتعامل معاه بيبقى كل واحد على مستواه الشخصي حاسس بتار، فدي بتتعبنا في مسائل كتيرة بشكل مش مظبوط».
اقرأ أيضًا
التفاصيل الحقيقية لعملية إقالة ضباط الأمن الوطني “بعد ذكرها في الاختيار 3”
ربما كان أصدق شيء تاريخي قاله الشاطر في حياته هو مسألة الثأر بين الإخوان والجيش، فأعضاء الجماعة خلال نظام مبارك وحتى ثورة 25 يناير كلهم تعرضوا لمحاكمات عسكرية منذ جمال عبدالناصر في قضية المنشية 54 وتنظيم 65 ثم في القضايا السبعة خلال نظام مبارك.
اقرأ أيضًا
“الإخوان وحادث رفح ووقائع أخرى” التاريخ أشنع مما في الحلقة 1 من الاختيار 3
يؤخذ من ذلك التسريب أن علاقة الإخوان والجيش قبل ثورة 25 يناير كانت قائمة على نظام المصالح المتبادلة بين الطرفين حسب ما تهيئه الظروف، لتنقلب المصلحة إلى ثأر وصدام.
ربط المصلحة المتبادلة بين الإخوان والجيش بدأت منذ ثورة يوليو 1952 عندما حاولت الجماعة محاولة الاستفادة من حراك شباب الضباط الذين لا شعبية لهم مثل الجماعة، للوصول إلى السلطة، بينما مصلحة الجيش في احتواء أكبر كتلة لها شعبية في الشارع وهم الإخوان بصلاتهم الدولية والداخلية المتشعبة، وقدرتهم على الحشد والضرب أيضًا.
مبكرًا أدرك الضباط الأحرار ضرورة وضع الإخوان في المعادلة السياسية فوصلت بينهم التفاهم إلى حد إعادة قضية حسن البنا ومحاكمة المتورطين في دمه، بل وذهبت العلاقات لأبعد من ذلك حيث تم العفو عن جميع الإخوان المتورطين في قضايا الاغتيالات والعنف في نظام الملك فاروق.
بدأ الشرخ يتسلل لعلاقة الجماعة مع الجيش مع بزوغ نجم جمال عبدالناصر ووصلت المسألة إلى نقطة اللاعودة في حادث المنشية ويحاكم الإخوان عسكريًا وكان السادات عضوًا في تلك المحكمة، ونشأ ثأر بين الجماعة وبينه لكنه تلاشى عندما صعد السادات للسلطة واستعان بهم.
كانت مصلحة السادات في الاستعانة بالإخوان متمثلة في أنه يحتاج لظهير شعبي داعم له، قبل أن يأخذ شرعيته بنصر أكتوبر 1973 م، ليأخذ أولى الضربات منهم في قضية الفنية العسكرية لكنه نَحَّى الإخوان جانبًا، ليدفع لاحقًا حياته ثمنًا للاستعانة بالاسلام السياسي.
الإخوة الاعداء بعلم أو دعم الجيش
من ضمن تسريبات مسلسل الاختيار 3 التسريب الذي ظهر فيه القيادي الإخواني المطرود عبدالمنعم أبو الفتوح والذي قال «لو حضراتكم ماخفتوش من سيطرة الإخوان يبقوا مش بتخافوا على مستقبل مصر وده مش طبيعي أن الجيش يبقى غياب عن مستقبل مصر.. منطلق كلامي هو الخوف على المؤسسة العسكرية وغيرة عليها أنا لو هختار بين الإخوان وبينكم.. هدي صوتي لأي حد فيكم بما فيهم المشير طنطاوي»
يفصح ذلك التسريب عن ماهية العلاقات الإخوانية الإخوانية وقت الخصومة بعلم من الجيش، وهذا ليس وليد حكم المشير محمد حسين طنطاوي بل يعود إلى عصر جمال عبدالناصر نفسه.
كان أول صدام إخواني إخواني هو الذي جرى وقائعه بين مكتب الإرشاد الجديد (إخوان الهضيبي) ومكتب الإرشاد القديم (إخوان السندي)، ووصل الصدام بينهما لحد القتل إذ قام السندي بقتل سيد فايز بعدما رشحه الهضيبي لرئاسة التنظيم السري، ثم اقتحم رجال السندي بيت الهضيبي وضربوا كل من فيه.
كاد الاقتتال الداخلي بين الإخوان يحدث لولا تدخل وزير الداخلية حينها جمال عبدالناصر والذي قام برأب الصدع بين السندي ومجموعة الهضيبي، ولم يُحَاكَم قتلة سيد فايز، ليكون السندي ورقةً يستخدمها جمال عبدالناصر في صراعه مع الجماعة بعدما دخل محمد نجيب فيه، ليحسم عبدالناصر كل شيء لنفسه بعدما كشف له السندي أن الإخوان ينتوون قتله.
يعيد التاريخ نفسه في واقعة عبدالمنعم أبو الفتوح، فالرجل كان على العلن يصب جام غضبه على المجلس العسكري، بينما في الغرف المغلقة يؤيد ترشح رئيس المجلس لرئاسة الجمهورية لو كان أمامه محمد مرسي.
مرحلة ثورة يناير .. الجيش تعلم الدرس التاريخي
كان تسريب الحلقة الثامنة من مسلسل الاختيار 3 دليلاً دامغًا على تطور العلاقة بين الإخوان والجيش، فهو أول فيديو صريح للرئيس الأسبق محمد مرسي وهو يتكلم مع المشير محمد حسين طنطاوي بحضور مدير المخابرات الحربية والذي صار رئيسًا لاحقًا، وظهر مرسي في التسريب وهو يلوح بالتهديد في حال تغير نتيجة الانتخابات الرئاسية وعدم موافقة المشير طنطاوي على عودة مجلس الشعب.
غيرت ثورة 25 يناير كل شيء وأي شيء في مصر بما في ذلك شكل العلاقة التاريخية بين المؤسسة العسكرية وجماعة الإخوان، فالأخيرة قاب قوسين أو أدنى من تحقيق الحلم الأعظم وهو حكم مصر، أما المجلس الأعلى للقوات المسلحة فسيذهب الحكم من يديه بتأييد شعبي إلى الجماعة التي حوكمت عسكريًا من رجال طنطاوي 7 مرات ومن المؤسسة العسكرية 9 مرات ، ولأول مرة يكون الشعب معادلة في علاقة الإخوان مع الجيش.
كان الدرس التاريخي الذي تعلمه الجيش في مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير أمرين:-
أولهما :- أنه لا مصلحة للمؤسسة العسكرية سوى الانسحاب قليلاً وترك الحبل على الغارب للجماعة إلى حين، وكان ذلك تفكير لم ينتهجه الجيش من قبل، فقبل يناير كانت الندية بين الطرفين ظاهرة، لكن بعد ثورة يناير تقلصت ندية الجيش بإرادة منه.
ثانيهما :- أن الشعب لم يكن عنصرًا فاعلاً في علاقة الإخوان والجيش منذ قيام النظام الجمهوري، فكان لابد من المجازفة بترك الإخوان للشارع والذين فرقوه دينيًا وسياسيًا فخسر الإخوان الشارع عندما ظهر وجههم السلطوي والدموي الحقيقي ليتدخل الجيش وينهي وجودهم في الحكم والجماهيرية، ثم يدفع الجيش والشعب ثمن الاختيار بإزاحة حكم الجماعة.
اقرأ أيضًا
“فيديو الكلام الحقيقي” حول مشهد السيسي وعباس كامل في الاختيار 3 عن كرامة المقاتل
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال