وقفوا معنا زمن الكوليرا فساعدناهم على كورونا “دول العالم في وبائين: مصر أنقذتنا”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
قدمت مصر عدة مساعدات إلى دول العالم منذ بدء فيرس كورونا، لا زالت حتى وقت كتابة هذا التقرير مستمرة، واعتبر كثيرون أن مساعدات مصر تجيء كإثبات إيجابي لدورها المحوري، فضلاً عن ترسيخ العلاقات مع الدولة المنكوبة.
قائمة مساعدات مصر إلى دول العالم في كورونا
أرسلت مصر عدة مساعدات مختلفة إلى دول العالم مثل الصين وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى قطاع غزة، واللافت في قائمة المساعدات تلك أن هذه هي المرة الأولى التي ترسل فيها مصر مساعدات إلى أمريكا.
مع الكوليرا هؤلاء وقفوا إلى جانب مصر
في كتابه عن كوليرا عام 1947 كتب الدكتور صلاح السيد عبدالعال علام «تنوعت المساهمات المحلية والدولية من قبل الهيئات والمؤسسات الخيرية والمجتمعية في مكافحة وباء الكوليرا في القطر المصري ما بين التبرعات والإمداد بالمصل الواقي والأدوية والمهمات الطبية والمشاركة الفاعلة في عملية المكافحة والمتمثلة في البعثات الطبية والتطوع الداخلي للطلبة والأطباء والموظفين والمثقفين بصفة عامة».
مساهمة الهيئات الدولية في المكافحة على مستوى العالم تركزت في إرسال البعثات الطبية والمشاركة في إعداد وإرسال الأمصال والأدوية والمهمات الطبية سواء عن طريق الإهداء أو الشراء، وتنوعت البعثات الطبية التي أرسلت إلى القطر المصري بعد ظهور وباء الكوليرا ، وانتشرت في أغلب المناطق الموبوءة، وقامت بأعمال جليلة وشاملة وعاونت الوحدات الطبية المصرية في مكافحة الوباء وكانت من أهم تلك البعثات العراقية والسورية والسويسرية.
دول عربية وقفت مع مصر زمن الكوليرا
أما على صعيد دول العالم العربي فقد أرسلت الحكومة العراقية بعثة طبية قوامها عشرة أطباء على رأسهم الدكتور سامي شوكت وزیر الشئون الاجتماعية سابقا وخمس عشرة ممرضة ، وتعاونت الحكومة مع جمعية الهلال الأحمر العراقي في بذل قصارى الجهد لمساعدة مصر طبيا وماليا في مكافحة الوباء ، وقد وصلت هذه البعثة في 6 أكتوبر 1947م ، وقد قامت وزارة الصحة بتحديد مناطق عمل البعثة ، جزء منهم بمستشفى الحميات بالعباسية وجزء آخر في منطقة شبرا وروض الفرج ، وقد قامت البعثة أيضا بالعمل في بعض مناطق الوجه القبلي وخصوصا في مديريتي الفيوم وقنا.
كما قامت الحكومة العراقية بإرسال ملحق ببعثتها الطبية الأولى قوامها خمسة أطباء وخمس عشرة ممرضة ، وكذلك أرسل الهلال الأحمر ثلاثة أطباء وستة ممرضين، وقد أرسلت الخارجية المصرية برقية شكر للحكومة العراقية على تلك المعونة وما سبقها.
وأما عن الحكومة السورية فقد قامت بإرسال بعثتين الأولى وهي البعثة الحلبية والتي قام قسم الهلال الأحمر السوري بحلب ونقابة الأطباء بإرسالها، وقوامها طبيبان وثلاث ممرضات ومعاونان صحيان على رأسها الدكتور نظيف عیسی، وقد وصلوا إلى القاهرة يوم 8 أكتوبر 1948 على سيارتين مزودتين بمقادير من الأدوية واللقاحات ، وقد ندبت وزارة الصحة هذه البعثة للعمل في ثلاثة مراكز بمديرية الجيزة منها مركز إمبابة وأيضا بعض مراكز مديريتي بني سويف والفيوم ومحافظة الإسكندرية ، أما البعثة الثانية فهي البعثة السورية وقد كان قوامها خمسة أطباء ، وقد أنيط بها العمل في مديريتي بني سويف والفيوم بجانب البعثة الحلبية .
أوروبا وموقفها من مصر زمن الكوليرا
وأما على الصعيد الأوروبي فإن سويسرا أرسلت بعثة إلى مصر وصلت إلى القاهرة في 27 أكتوبر 1947، وهي مؤلفة من عشرة أعضاء « 6 أطباء ــ ثلاثة بكتريولوجين ــ ممرضة»، وقد قامت بإيفادها جمعية الصليب الأحمر السويسري التي تربطها بجمعية الهلال الأحمر المصري روابط إنسانية ، وهذه البعثة كانت تتكون من مجموعتين على رأسها مدير مكتب البكتريولوجي ، والأستاذ بجامعة زیورخ، وقد قامت البعثة في البداية بالعمل في الإسكندرية ، غير أنها طلبت من وزارة الصحة أن تعمل مستقلة في إحدى المناطق الموبوءة ، واقترحت العمل في كفر الزيات ، وفعلا استقرت البعثة في كفر الزيات ، وقامت بالإشراف على رش البلاد الموبوءة بمسحوق” د.د.ت” ومعالجة المصابين بالمستشفى الأميري.
اقرأ أيضًا
تاريخ العزل الصحي في مصر “قصة الطور الذي جعلنا نبهر العالم من 165 عامًا”
بالإضافة إلى البعثات الطبية جاء إلى مصر بعض الخبراء الأجانب للمساهمة في مكافحة وباء الكوليرا ومنهم المستر كول المندوب الهندي والخبير في الأمراض الباطنة ، والمستر يونج المندوب الصيني في الهيئة العلمية الدولية بجنيف، وقد قام هذان الخبيران بزيارة المعامل الرئيسة لوزارة الصحة ، ومعمل المصل واللقاح بالعجوزة ، ومستشفى الحميات بالعباسية.
اقرأ أيضًا
شخصيات تاريخية كررت إهمال مدير معهد الأورام “أحدهم وراء موت 61 ألف مصري”
كذلك زار مصر في تلك الآونة الخبيران البريطانيان السير جون تیلور العضو في معهد کاسولي، والدكتور بروس هوايتالباحث البكتريولوجي وهما من أعضاء مجلس الأبحاث الطبية وذلك لدراسة الوباء في مصر ، وقد زار مصر أيضا الدكتور بولاك العالم البلجيكي والذي قدم إلى المختصين 200 أنبوبة تحتوي على مركب الكوليرازين للعلاج والوقاية من الوباء ، وقد قامت وزارة الصحة بتجربته للوقوف على مدى تأثيره.
من حيث الأمصال والمهمات الطبية فقد قامت عدة حكومات وهيئات عالمية بإمداد الحكومة المصرية بالأمصال والمهمات الطبية كمساهمة في مكافحة الكوليرا إما عن طريق الإهداء أو البيع بسعر مخفض وكان من أهم تلك الحكومات الولايات المتحدة وبريطانيا والهند والصين وغيرها من الحكومات والهيئات وقد بلغت كميات اللقاح التي اشترتها وزارة الصحة من الخارج عشرة ملايين و480 ألف وحدة.
من خلال الجدول الذي حدده الدكتور صلاح السيد عبدالعال علام يتضح أن هناك كثيرا من الحكومات والهيئات قد شاركت في إمداد الحكومة المصرية بالأمصال والمهمات الطبية ، وعلى رأس هذه الحكومات الولايات المتحدة وبريطانيا والهند ، والذي بلغ مجموع ما أرسلته هذه الحكومات وحدها حوالي تسعة ملايين وحدة من اللقاح، وبالإضافة إلى الأمصال والمهمات الطبية التي أسهمت بها تلك الحكومات في مكافحة الوباء قامت السفارة البريطانية بإمداد الحكومة المصرية ببعض سيارات الإسعاف ونقل المرضى ، ومن ذلك 20 سيارة إسعاف وخمس عشرة سيارة من ناقلات المرضى لاستخدامها في مكافحة الوباء ، وقد وزعت هذه السيارات على المناطق الموبوءة.
قامت الحكومة المصرية عن طريق وزارة خارجيتها بشكر جميع الحكومات والهيئات الدولية التي أسهمت طبيا وماديا ومعنويا في مكافحة الوباء خلال فترة وجوده في البلاد، ومن ضمن هذه الحكومات الحكومة البريطانية والتشيكية والفرنسية وغيرها من الحكومات ، وقد كانت الخارجية المصرية تقوم عقب إرسال كل طلبية أو رسالة مصل أو أدوية بشكر الجهة التي أرسلتها فورًا.
لماذا وقفوا مع مصر ؟
تشير جريدة الأهرام في عدد 31 ديسمبر عام 1947 إلى أن المساعدات جاءت من هذه الدول بعد تقارير الهيئات الصحية الدولية والأطباء العالميين التي امتلئت بالثناء والشكر على جهود مصر في مكافحة الوباء ، وأنه لولا هذه الجهود الانتقل الوباء إلى أوروبا، والشرق الأوسط، ونص على ذلك الأميرال مورتن ويلتس مساعد رئيس القسم الطبي للبحرية الأمريكية ، وأيضا السير ” جون تیلور” الأخصائي الكبير والطبيب البحري ، والكابتن نلتون روز وقامت أيضا جريدة التايمز اللندنية بتوجيه الشكر والثناء على جهود الحكومة المصرية في مكافحة الوباء.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال