ذكرى التي لا تنسى
-
أسامة الشاذلي
كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
لا تمل مقولة “لكل امرؤ نصيب من اسمه ” من التكرار، وفي واقعة هي الأكثر وضوحا تمر بنا ذكرى المطربة التونسية الراحلة “ذكرى” ابنة “وادي الليل صاحبة الصوت الجبلي القوي.
تلك المطربة الشابة التي رحلت منذ 18 عاما قتيلة على يد زوجها رجل الأعمال المصري – أو تم اغتيالها بيد نظام عربي ما – ، بسبب الغيرة أو السياسة كما قالت بعض الشائعات، بسبب الحب أو السياسة، غادرنا صوتاً يستحق أن يعيش للأبد .
أغنية “وحياتي عندك” أحد اشهر أغاني ذكرى
البداية كانت في الوطن، في تونس بين أب يشجع طفلته على الغناء وأم ترفضه حتى رحيل الوالد وهي في الثانية عشر من عمرها، أول فراق في حياة المطربة التي عانقها الألم، لتأخذ الوالدة على عاتقها إكمال ما تمناه الاب لابنته.
حتى عام 1980 حين شاركت صاحبة الـ19 عاما في برنامج المسابقات “بين المعاهد” بأغنية “أسأل عليا” لليلى مراد، وهي نفس الأغنية التي شاركت بها بعد ذلك بثلاثة سنين في برنامج الهواة “فن ومواهب”، وأحب الحكام صوتها وفازت بالجائزة الكبرى في النهائي يوم 23 يوليو 1983 بأداء مبهر ورائع لأغنية “الرضى والنور” لأم كلثوم، فانتبه لذلك عزالدين العياشي الذي احتضن موهبتها ولحن لها أول أغنياتها بعنوان “يا هوايا”، ثم قدمها في أول حفلة في مهرجان قرطاج بتونس، لتنضم بعدها إلى فرقة الاذاعة والتلفزة التونسية بقسم الأصوات وهناك تلتقي بالملحن عبد الرحمن العيادي الذي لحن 28 أغنية من إجمالي 30 أغنية قدمنهم في تونس خلال 10 سنوات من إحتراف الغناء.
حتى عام 1990 حين تدخل الحب للمرة الأولى في حياة ذكرى وأجبرها خلافها مع خطيبها الملحن عبدالرحمن العيادي الذي رفض ن يلحن لها غيره، أن تنضك إلى مجموعة “زخارف عربية ” قبل الهجرة إلى ليبيا.
أغنية “حبيبي طمن فؤادي” من ألحان العيادي
في ليبيا يتعامل الصوت النادر صاحب المقام العالي مع مجموعة من كبار الملحنيين الليبين مثل محمد حسن، علي الكيلاني، عبد الله منصور، سليمان الترهوني، رمضان كازوز، خليفة الزليطني، عمر رمضان، و غيرهم، لتكون صاحبة الرصيد الأكبر من الالبومات باللهجة الليبية رغم بقائها لمدة 4 سنوات، إلا أنها حرصت على العودة من آن لأخر للغناء باللهجة الليبية، وقامت بالمشاركة في تأسيس سلسلة “رفاقة عمر” التراثية الرمضانية لمدة 16 عام متتالية، وكأن صاحب الصوت العريض، القادم من العصر الأندلسي يحمل وفاء تجاه تلك الفنون التراثية، يستطيع تحمل أمانتها وأمانة نقلها للعصر الحديث، صوت يشبه ألة زمن جاءت من الماضي.
اصدرت ذكرى العديد من الألبومات في ليبيا مثل “و بحرت”، و”شن درنالك”، “نفسي عزيزة” الذي كان آخر ألبوم ليبي صدر لها في 2003 وهو كلمات عبد الله منصور، وقد ربحت أغنية “نفسي عزيزة” جائزة أفضل أداء وكلمات في مهرجان شرم الشيخ بمصر.
أغنية “نفسي عزيزة” الفائزة في المهرجان
كان اللقاء مع الملحن هاني مهني طريق ذكرى للهجرة إلى مصر عام 1994 بعد 4 أعوام في ليبيا، لتنال مكانتها المستحقة وسط نجوم الأغنية العربية، حيث انتج لها مهنى ألبومين هما “وحياتي عندك” في سنة 1995 والذي نجح نجاحا ساحقا في الوطن العربي ووضع اسمها على قائمة النجوم الكبار، بعدها انتج لها ألبوم “أسهر مع سيرتك” سنة 1996 لكنه لم يلاقي النجاح المطلوب بسبب عدم توفير الدعاية اللازمة، وفي سنة 1997 صدر لها ألبوم من إنتاج “مبجاستار” يحمل اسم “الأسامي” ليعاود النجاح رسم ابتسامتها على وجهها مرة أخرى.
ثم أصدرت ألبوما من إنتاج “فنون الجزيرة” بعنوان “يانا” سنة 2000، وأخيرا ألبوم “يوم عليك” والذي صدر في 2003 قبل وفاتها بثلاثة أيام.
وكان صوت ذكرى هدفا خلال تلك الفترة لكل الملحنين الكبار في الوطن العربي، لتجسيد ألحانهم وتخليدها عبر صوت صار قادرا على أداء أكثر الألحان صعوبة ومنحها تأشيرة نحو أذن المستمع وقلبه.
كذلك قامت أيضاً بغناء العديد من الديوهات مع العديد من الفنانين العرب مثل طلال مداح في أغنية “ابتعد عني” وأبو بكر سالم في أغنية “يا مشغل التفكير” ومحمد عبده في أغنية “حلمنا الوردي” في سنة 2003، ومع الفنان عبد الله الرويشد في أغنية “مافقدتك” صدر بعد وفاتها اواخر 2007، والفنان غيهاب توفيق في أغنية “ولا عارف”.
وفي نهاية نوفمبر 2003، وبعد قصة حب قصيرة انتهت بالزواج من رجل الأعمال المصري، حضر صوت ذكرى للمرة الأخيرة حين صرخت وهي تتلقى رصاص مسدس الحبيب، لتبدأ الفرق للمرة الأخيرة، بعيدة عن الوطن وبلد المهجر الأولى داخل مصر بلد الرحيل.
أغنية “ولاعارف” بصحبة إيهاب توفيق
الكاتب
-
أسامة الشاذلي
كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال