رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
1٬128   مشاهدة  

رجل في زمن العولمة .. يهزم القلق بالحب

رجل في زمن العولمة
  • إسراء سيف كاتبة مصرية تخرجت في كلية الآداب، عملت كمحررة لتغطية مهرجانات مسرحية، وكصحفية بموقع المولد. ساهمت بموضوعات بمواقع صحفية مختلفة، وتساهم في كتابة الأفلام القصيرة. حصلت على الشهادة الوظيفية لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها من الجامعة الأمريكية وألفت كتابًا لتعليم اللغة العربية للأطفال بالدول الأوروبية.

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



هناك معضلة يختلف حولها المبدعون دائما مثل معضلة البيضة جاءت أم الفرخة بالضبط، وهذه المشكلة تكمن في تساؤل هل يجب أن يكون للعمل الفني رسالة؟ أم أن الفن لإمتاع المشاهد فقط؟

 البعض يرى أن العمل الفني يجب أن يحمل رسالة ما والأفضل أن تكون مستترة، والبعض الآخر يقول أن الفن غرضه الرئيسي الترفيه والمتعة وفقط، وعلى من يريدون الرسائل إرسالها بالبريد كما قال المخرج الكبير هتشكوك.

 عام٢٠٠٢ كنت أخرج من شرنقة الطفولة وأتحول لمراهقة تتابع المسلسلات التلفزيونية وتحاول فهمها. وقعت في حب مسلسل ” رجل في زمن العولمة” بداية من  موسيقى تتر المسلسل  المايسترو راجح داوود حتى السيناريو والحوار و موسيقى تتر الجزء الثاني للفنان ياسر عبد الرحمن.

ملامح مما قدمه العمدة المثقف صلاح السعدني

 وللمسلسل عدة رسائل تربوية وأخلاقية، و معظم هذه الرسائل تلمسها مع كل حدث بسياق درامي منطقي، فنجح المسلسل في جذب المشاهد الذي على أعتاب .المراهقة، والمراهق وكذلك الآباء

رجل في زمن العولمة
السيناريست والمخرج عصام الشماع

ورغم أن المسلسل من هذا النوع الذي يطلق عليه الجمهور “عمل هادف” إلا أن حوار المسلسل لم يكن مثل بقية المسلسلات الهادفة التي تشعر كأنك في خطبة وعظية في حضرتها.

وعلى سبيل المثال فالحسيني رضوان الذي جسد شخصيته الفنان الكبير صلاح السعدني، يعمل مدرسًا لمادة الأحياء. ومعظم المشاهد التي تناقش قضايا سياسية وأخلاقية وأحيانا دينية تكون بين الحسيني وتلاميذه في سياق درامي مبرر.

عكس بعض المسلسلات التي كان غرضها رسائل أخلاقية أيضًا، ولكن ركزت على المباشرة في الحوار، فبدا للمشاهد أنه في محاضرة بالجامعة أو حصة إرشادية بالمدرسة.

وكانت هذه النقطة من أهم نقاط نجاح سيناريو الأستاذ الكبير “عصام الشماع” ونجاح المسلسل الذي استمر لجزئين.

وبجانب الرسائل التي حملها المسلسل والقضايا التي ناقشها و التي كانت ظاهرة بمطلع الألفينات، استمتع المشاهد بمشاهدة المسلسل وقد تعود  على طباع الحسيني الذي لا يفوته موقفًا دون أن يحوله لنقاش هام بينه وبين أولاده.

فقد أحب المشاهد بيت الحسيني مع كل اختلاف يحدث بهذا البيت عن طريق هذه المناقشات التي كانت تظهر رسائله على لسان الحسيني نفسه.

فقدم المسلسل المتعة -مقصد الفن- والرسائل الأخلاقية معّا دون أن يشعر المشاهد بالملل.

YouTube player

 وبجانب تميز المسلسل من هذا الجانب، فالحوار بالمسلسل يتميز أيضًا برشاقة غير عادية، فتشعر أن الحوار جاء طبيعي مناسبًا لكل شخصية، وبنفس الآن بسياق يحتاجه ودون مط أو تطويل.

 وقد لعب عصام الشماع مع المشاهدين لعبة فلسفية، فكان يطرح بعض الأسئلة بالحوار لتوصيل رسائل محددة، والإجابة تكون على لسان أولاد الحسيني مرة، ولسان الحسيني نفسه مرة أخرى، ثم يلعب لعبة أن يستنبط المشاهد الإجابة بنفسه والرسالة بنفسه، ويترك المناقشة بين الحسيني وشخصيات المسلسل مفتوحة دون إجابة.

يدفع عصام الشماع بعد ذلك المشاهد للتفكير، وتشكيل وجهة نظر تخصه، أو استنباط الإجابة من خلال الحوار، وكأنما يمارس الفلسلفة التي يحبها بشكل السهل الممتنع.

 وبجانب الحوار الشيق الذي يدور دائما ببيت الحسيني، فقد نجح الأستاذ عصام الشماع برجل في زمن العولمة في تعريف معاني مهمة بالحياة بجمل فلسفية ولكن بسيطة، ولا تمر على أذنك أبدًا مرور الكرام.

والعبارات التي تلخص معانٍ عميقة بالعلاقات الإنسانية دائمًا تكون مختصرة، وكاشفة لجروح البشر وأحلامهم وآمالهم وكذلك حزنهم، فتجد بحوار دار بين الفنانة هالة صدقي والفنان أحمد السعدني جملة تلخص ما يتبقى من العلاقات الإنسانية التي لم تقتل الحب بعد انتهائها، فتقول:

“اعتبر علاقتنا حد بس مات عزيز علينا، لا هنقدر ننساه ولا ننسى سيرته”

 

فيما بحوار آخر بين الفنانة سماح أنور والفنان أحمد السعدني أيضًا، تصف مدام رنا الحب فتقول:

“الحب دا عامل زي هب الريح، عاطفة كدة بتيجي فجأة زي خبطة الباب”

وكان هذا التعبير عن حالة الحب  من أكثر التعبيرات واقعية التي سمعتها بحياتي

فيما بنهاية المسلسل وبالحلقة الأخيرة من الجزء الثاني، يتحدث الحسيني مع رجل من أولياء الله بالمسجد ويدور بينهما الحوار التالي:

أستاذ كامل: ازي الحال؟

الحسيني: الحمد لله

أستاذ كامل: الحمد لله خير من السؤال.

إقرأ أيضا
دهب

الحسيني: الحمد لله.

أستاذ كامل: شايفها يا أستاذ حسيني؟

الحسيني: أيوة بس أحيانا بينطفي البصر، وأحيانا بتختلط البصيرة.

فيعبر الحوار عن حالة الإيمان والرضا التي وصل إليها الحسيني في رحلتنا معه بالمسلسل، ويعبر الحوار بنفس الآن عن القلق من عدم اتضاح الرؤية بعد اختلاط البصيرة بقلق الإنسان نحو المستقبل في ظل زمن العولمة، وبشكل أعم عن حالة القلق التي تصيب الإنسان عندما لا يبصر لحكم الله والقدر،. وعبر الحوار أيضًا عن تناقض المشاعر داخل الإنسان والتي تجعله إنسانًا.

 

الحب يهزم القلق في رجل بزمن العولمة

 

رغم القلق الذي تخلل للحسيني بعد الثورة التكنولوجية، وبعد التغيرات السريعة التي تحدث للناس من حوله ولم يسلم منها حتى أولاده، تضح الرسالة الكبرى من مسلسل رجل بزمن العولمة بنهايته؛ وهي الحب الذي يستطيع أن يغلب خوفنا من الماضي والمستقبل.

فيجد كل من أولاد الحسيني الحب بشكل مختلف؛ تعطي زينب فرصة أخرى لنجاح علاقتها مع زوجها، في حين يتصالح عمر مع نفسه ويوفر لها الحب اللازم بعد فشل علاقته مع داليا، ويجد باسل روحه مع فتاة أخرى اتفقت معه في الكثير من الأفكار التي كانت جسرًا لنشأة علاقة عاطفية مستقرة بحياته.

وسحر أيضًا استقرت علاقتها العاطفية بحبيبها، فيما كانت المفاجأة استسلام الحسيني نفسه للحب وإعطاء رنا فرصة حقيقية والتفكير بالزواج منها رغم علاقته العاطفية بداليا التي سببت له صدمة وخوف من دخول علاقة جديدة.

استطاع عصام الشماع أن يجعلنا نحب المسلسل ولا ننساه رغم مرور ما يقرب من عشرين عامًا من عرضه،  كما جعلنا نؤمن أن هناك رجل ما هزم الخوف بالحب وأعطانا أملًا في زمن العولمة.

الكاتب

  • رجل في زمن العولمة إسراء سيف

    إسراء سيف كاتبة مصرية تخرجت في كلية الآداب، عملت كمحررة لتغطية مهرجانات مسرحية، وكصحفية بموقع المولد. ساهمت بموضوعات بمواقع صحفية مختلفة، وتساهم في كتابة الأفلام القصيرة. حصلت على الشهادة الوظيفية لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها من الجامعة الأمريكية وألفت كتابًا لتعليم اللغة العربية للأطفال بالدول الأوروبية.

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
4
أحزنني
0
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان