بسبب بروميثيوس .. قصة عقاب زيوس للبشر كما يرى الإغريق “الجزاء بالنساء”
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
كان الإغريق يعتقدون بوجود عائلتين من الآلهة، العائلة الأولى هي الأوليمبية، وكبيرها هو زيوس أما العائلة الثانية فهي الجبابرة، أو التايتن.
الحرب والخيانة
اندلعت الحرب بين العائلتين بسبب الصراع على العرش، وكان ملك الجبابرة لديه ابن يُدعى بروميثيوس، الذي يملك القدرة على التنبؤ بالمستقبل، وعلم أن الأوليمبك هم الفائزون في تلك الحرب، فقام بخيانة عائلته وأنضم هو وأخوه شيرون لصفوف زيوس.
اقرأ أيضًا
عبدوه ليأمنوا شره.. رحلة “الإله سوبك” منذ قدومه حتى تعامد الشمس عليه بالفيوم
وبالفعل انتهت الحرب لصالح العائلة الأوليمبية، وقرر زيوس أن بروميثيوس، وعينه مستشار له، وكلفه هو وأخيه بتشكيل الأرض والحيوانات والبشر، ويهيئهم للحياة.
كان شيرون سريع للغاية في تشكيل الحيوانات، وأعطاهم قوى كبيرة مثل السرعة، الشجاعة، الرؤية عن بعد، السمع من مسافات بعيدة، أسلحة للدفاع عن أنفسهم مثل الأنياب والقرون والحوافر، وغيره الكثير من القدرات، أما بروميثيوس فكان بطيء للغاية، وصنع البشري الواحد يستغرق منه أيام عديدة، وبعد مدة من الزمن، نفذت جميع الموارد القوى المتاحة لهم من قِبل زيوس على تشكيل الحيوانات، ولم يتبق شيء للبشر، فذهب بروميثيوس لطلب المزيد من الموارد، لكن زيوس رفض حيث أراد أن يظل البشر ضعفاء من غير قوة، حتى لا يتحداه أحد يومًا ما.
انقلاب بروميثيوس على زيوس
غضب بروميثيوس كثيرًا، خاصة بعد أن صار هائمًا بالبشر، وقرر أن يسرق بعض هبات ومميزات آلهة الأوليمبك، ونجحت خطته، وأعطى البشر الكثير من العلم والموهبة والفنون، كما علمهم تسخير الحيوانات لخدمتهم، وأعطاهم موهبة التداوي والشفاء.
غضب زيوس بشدة وقام بتحذيره أنه سيعاقب إذا تكررت أخطائه، ولكن لم يستمع بروميثيوس لذلك التحذير، وقام بسرقة النار من إله الحدادة لأنه أشفق على البشر من البرد، واستخدمها البشر في جميع المجالات، وفي تسوية الطعام، وتقدموا كثيرًا بفضل النار، وهنا جن جنون زيوس وقرى أن يحرم البشر من النار، ووقفت كل الأعمال التي اعتمدت على النار وعاد البشر لكهوفهم وللبرد والظلام.
طبعًا لم يعجب بروميثيوس بالأمر، فقام بسرقة شعلة العلم والمعرفة وأعطاها للبشر، وبعد فترة قليلة بدأت الحضارة والثقافة تغزو الأرض بأكملها، وبدأت الآلهة في الإعجاب بالبشر.
عقاب بروميثيوس
اشتاط زيوس غضبًا من تصرفات بروميثيوس، وقرر أن يكون عقابه عسير، فأمر إله الحدادة أن يصنع سلاسل وقيود حديدية لبروميثيوس، وربطه أعلى جبال القوقاز، وأمر نسر عملاق أن يأكل كبده وأحشائه يوميًا، تخيل أن يأتي النسر صباحًا يأكل لحمه وكبده ويتركه في ألم مميت، وفي المساء تلتئم جروحه وينمو له كبد جديد، وفي الصباح التالي يعيد النسر فعلته، وهكذا، ظل بروميثيوس على ذلك الوضع عدة قرون، ولكنه كان يعلم أن هناك أحد من نسل زيوس سيقوم بإنقاذه يومًا ما.
المرأة عقابًا للبشر
أما عن البشر، عاقبهم زيوس بدهاء شديد، فخلق لهم المرأة، وأمر كل الآلهة بإعطائها من قدراتهم، فوضع قوته في جمال جسدها وصوتها، وأعطتها أثينا قوة التحمل والإبداع، وأفروديت منحتها طوق به تعويذة سحرية خاصة بالحب والجاذبية، أما عن هيرمس فأعطاها المكر والدهاء، وعقل صغير، وسطحية في التفكير، ومنحوها اسم باندورا، ويعني “التي مُنحت كل شيء”.
وأرسل زيوس باندورا إلى شيرون أخو بروميثيوس، وكان معها صندوق مغلق ومكتوب عليه “لا تفتحه”، ووقع شيرون في غرام باندورا منذ اللحظة الأولى التي رآها فيها، وتزوجا وعاشا معًا في سعادة بالغة، وبعد فترة ظلت باندورا تلح على زوجها ليفتح الصندوق ربما وجدا بداخله كنز، وكان شيرون يرفض باستمرار، ولكن تحول الأمر لدى باندورا لهوس بالصندوق، كانت تسهر بجواره طوال الليل وتتخيل ما بداخله، ويومًا ما لم تتمالك نفسها واستغلت غياب شيرون، وقامت بفتح الصندوق.
وفجأة أظلم العالم، وخرجت جميع الشرور من الصندوق، النفاق، الفقر، المرض، الكذب، الجوع، ولم تستطع باندورا أن تغلق الصندوق إلا على فقد الأمل، وهكذا تحولت جنة البشر لجحيم وسط كل تلك الشرور، ولكنهم عاشوا على أمل أن يتم إنقاذ بروميثيوس، لينتشلهم من ذلك العذاب.
إنقاذ بروميثيوس وغضب زيوس
كما تنبأ بروميثيوس من قبل، جاء هرقل ابن زيوس، وقتل النسر وأنقذ بروميثيوس من ذلك العذاب، ولكنه لم يتمكن من فك القيود، كان لابد أن يُضحي أحد بنفسه ويقف مكان بروميثيوس لتنحل القيود من عليه، فقرر شيرون أن يُضحي من أجل أخيه ووقف مكانه، وأصبح بروميثيوس حرًا أخيرًا، وعرفانًا لشيرون قام البشر بجعله واحدًا من أبراج السماء “برج القوس”.
غضب زيوس بشدة وقرر عقاب بروميثيوس عقاب شديد، فقام بإغراق الأرض بالطوفان، ومات جميع البشر الذين صنعهم بروميثيوس، ولكن بروميثيوس كان قد تنبأ بذلك الأمر قبل حدوثه، فأخذ ابنة أخيه وزوجها وأخفاهما فوق جبل برناسوس ونجيا من الطوفان، وذهب بهما إلى الآلهة ثيميس العرافة لتقول لهما على طريقة لإعادة إعمار الأرض، فأمرتهم بإلقاء الحجارة ورا ظهورهم، ومن الحجارة التي رمتها فيريا ولدت النساء، بينما ولد الرجالي ومن الحجارة التي ألقاها ديكالون.
وفي النهاية استسلم زيوس، وقام بإعطاء بروميثيوس حريته، ولكن أراد شيئًا يذكره دائمًا بعقابه حتى لا يُكرر أخطائه، فصنع له خاتمًا من السلاسل التي كان مربوط بها على الجبل، وأجبره على ارتداءه طوال الوقت، وظل البشر يرتدون الخواتم امتنانًا لما فعله بروميثيوس من أجلهم.
الكاتب
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال