سامح العجمي و أشرف سالم صاحبا أغنية “زحمة الأيام” .. أخر جيل صناع الأغنية الحقيقي

عندما كتبت مقالًا مطولًا عن الراحل “سامح العجمي” بادرني أحد الأصدقاء بتعليق صادم جدًا لي، ملخصه أني قمت بمجاملة هذا الشاعر وأعطيته أكثر من حقه، وأن إسهاماته الفنية لا تعطيه المكانة التي وضعته فيها.

بعد رحيل “العجمي” بفترة قصيرة، فجعنا الموت برحيل أحد رفقاء دربه الملحن “أشرف سالم” والذي كون معه ثنائية فنية صنعت العديد من الأغنيات الناجحة جدًا في بداية الألفية الجديدة، ووقتها لم يكن هناك متسعًا للكتابة عن أشرف سالم، لكن أعتقد أن من حق الجيل الجديد الذي يتخذ الآن من بعض أشباه الفنانين قدوة له، أن يتعرف عن أخر جيل من صناع الأغنية الحقيقيين.

يسبق العجمي الملحن أشرف سالم في الوسط الغنائي بعشر سنوات تقريبًا، في تلك السنوات كان العجمي قد خلد نفسه فنيًا بتجارب مدهشة، وتعتبر أغنياته هي أنضج تجارب موسيقى الجيل على الإطلاق، نوع إنتاجه الشعري ما بين مساحات التجريب في أغاني كثيرة، وما بين الانتشار بأغنية بسيطة سريعة والتي لم تخلو أيضًا من صور شعرية جديدة أو مفردات مختلفة، بجانب هذا يمتلك العجمي قدرة رهيبة على تدوير نفس الألفاظ والمفردات في عدة أغنيات دون أن تشعر بأنه ينسخ نفسه، وهي البصمة التي حافظ عليها طيلة مشواره في عالم الأغنية

لو مررنا سريعًا على الأغاني التي كتبها العجمي سنجد تنوعًا رهيبًا ينم عن شاعر قوي مبهر سنجد ذلك في أغاني “حبيبي” “البيانولا” و”عم جحا” و”نامت المدينة” وهي الأغاني التي أعطت عمقًا في تجربة المطرب مصطفى قمر، “عودة” أو “في سكوت زماني يفوت” والتي تعتبر واحدة من أكثر أغنيات حميد الشاعري استماعًا على الإطلاق، أغاني فيلم “السلم والتعبان” التي ساهمت في انتشار الفيلم وبقاؤه حتى الآن.

اقرأ أيضًا

سامح العجمي وسيرة شاعر خلد أغنيات موسيقى الجيل

كان اللقاء الأول بين الثنائي في أغنية “الخدود رمان” والتي تعتبر أول ألحان “أشرف سالم” والتي غناها منير في ألبوم “الفرحة” بعدها انطلق الثنائي ليصنعوا تجربة جيدة في أغنية البوب المصري.

تنوع إنتاج الثنائي ما بين أغاني إيقاعية سريعة Hits ضرب منها مثلًا، “غزالى” حميد الشاعري، “ليلة حبيبي” و“روحي” سميرة سعيد، “دلع الحبايب” إلين خلف، “ناسيني ليه” نوال الزغبي، “بحبك” و”كدهو يا هوى” مصطفى قمر، “الحلو حلو” ايهاب توفيق، وما بين الأغاني الرومانسية مثل الدويتو الشهير في بداية الألفية “غمض عينيك” مجد القاسم ومي كساب، “حاولت أنساك” إلين خلف، “ليالينا الحلوة “حميد الشاعري، ثم التجربة الأهم بينهما في أغاني فيلم “السلم والتعبان”.

بعد الانفصال الفني الذي حدث بين “مصطفى قمر” و”سامح العجمي” قل إنتاجه الشعري كثيرًا وتفرغ بعدها للإنتاج السينمائي، لكن هذا لم يمنع “أشرف سالم” من مواصلة غزواته التلحينية مع شعراء آخرون، نذكر منها “صوتك” لمحمد منير، “لو عندك كلام” إلين خلف، “راجعالك ” “مستحملاك أنا”سميرة سعيد، “حالة حب” و”أنا عارفاك” لطيفة، “في الأول” محمد محي، “اطمني” أحمد فوزي، “أنا كده” لؤي.

إقرأ أيضا

“صاحبة الفستان الأزرق” عندما كان الموضوع تريندًا يخص ملابس فلاحين مصر عام 1962م

دائما ما يحسب سامح العجمي على شلة “موسيقى الجيل” في فترة ازدهار سوق الكاسيت المصري في التسعينات، وهذا مدخل قد يأخذه البعض للتقليل من تجربته، دون الدخول بعمق في تفاصيل إسهاماته المؤثرة جدًا، ومعه يأتي “أشرف سالم” الذي لم ينال ما يستحقه ويعتبر أخر عضو في  جيل الملحنين الذي كان يهتم بالجملة الموسيقية ومدى ملائمتها للكلمات المكتوبة جيل كان يصنع الأغنية بشكلها الطبيعي المعتاد، من ولادة الكلمات في البداية ثم وضع اللحن المناسب، وليس جيل التيمة اللحنية الرائجة التي تحقق نجاحًا زائفًا لا يدوم.

مع ذكرى رحيل الثنائي المبهر صدرت أغنية “زحمة الأيام” من غناء الرباعي الأسطوري في البوب المصري “حميد الشاعري” و”مصطفى قمر” و”هشام عباس” و”إيهاب توفيق” لتثبت تلك الأغنية زيف التجارب الغنائية الجديدة وأن هذا الجيل رغم أخطاؤه إلا أنه أخر جيل من صناع الأغنية الحقيقيين وأنه لازال قادر على صناعة أغنية تعيش طويلًا في ذاكرة الجمهور.