سحرة فرعون الصعايدة “كيف أعاد مسلسل الاختيار ذكراهم ؟”

وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال

استعرض مسلسل الاختيار قصة سحرة فرعون في المشهد الذي جمع سعد مع معتصم حين قرر الأخير الذهاب إليه ليقنعه بأن يشارك معهم في تأمين المسيرات الإخوانية التي تقوم ضد الدولة والجيش لأنه كان جنديا في الصاعقة ويستطيع حمل والسلاح وإطلاق النار على الهدف، وهو ما رفضه سعد فاتهمه معتصم أنه يستمع إلى الإعلاميين الذي وصفهم بـ سحرة فرعون ليرد سعد أن السحرة آمنوا.

سحرة فرعون .. ما أصلهم وعددهم

يعود أصل سحرة فرعون إلى بلدة إنصنا وهي حاليًا قرية الشيخ عبادة التابعة لمركز ملوى بمحافظة المنيا في جمهورية مصر العربية، وذكر المقريزي عن إنصنا أنها تأسست على يد اشمون ابن مصريم بن بيصر بن حام بن نوح، أما ياقوت الحموي فقال عنه «أَنْصِنا بالفتح ثم السكون وكسر الصاد المهملة مدينة أزلية من نواحي الصعيد على شرقي النيل».

أكثر سحرة فرعون من قرية انصنا ووضع شريف السلماوي دراسة عنها قال أن جُل سحرة فرعون من تلك القرية كما ينص على ذلك أغلب المؤرخين فمثلاً إبراهيم بن دقماق القاهري قال في الجزء الخامس من كتابه «الانتصار لواسطة عقد الأمصار» ص 153 «أنصنا بلدة قديمة وبها آثار عظيمة وكان بها مقياس صغير يقاس فيه ماء النيل وبعضه باق إلى الآن وهى جارية في وهى على ضفة النيل الشرقية قبالة الأشمونين قال الإدريسي وهى المدينة المشهورة بمدينة السحرة ومنها جلبهم فرعون».

أما الجزء الرابع من كتاب «نزهة المشتاق في اختراق الآفاق» للإدريسي فيقول «ومن منية ابن خصيب إلى مدينة الأشمونين مسافة نصف يوم أو أكثر قليلاً وهى مدينة صغيرة حسنة عامرة بها جنات وبساتين ونخيل وزروع وضروب من الحبوب والفواكه والنعم السابغة ويعمل بها ثياب معروفة كثيرة، وأمامها من شمال النيل بوصير وهى مدينة صغيرة القدر والعمارات بها متصلة وفيما يحكى أن أكثر سحرة فرعون كانوا من هذه المدينة وبها الآن بقية من طلاب السحر، ومن بوصير إلى أنصنا بشرقي النيل ستة أيام، وهي مدينة قديمة البناء حسنة البساتين والمتنزهات كثيرة الثمار غزيرة الخصب والفواكه وهى المدينة المشهورة بمدينة السحرة ومنها جلبهم فرعون في يوم الموعد للقاء موسى النبي عليه السلام».

وفي ص 21 من الجزء الأول لكتاب «بدائع الزهور في وقائع الدهور» للمؤرخ محمد بن أحمد بن إياس الحنفي قال «ويقال إن سحرة فرعون الذين آمنوا في ساعة واحدة كانوا من أنصنا»، أما في ص 204 من الجزء الأول بالخطط المقريزية فجاء بها «يقال أن سحرة فرعون كانوا منها وانه جلبهم منها يوم الموعد للقاء موسى عليه السلام ويقال أن التمساح لا يضر بساحل أنصنا لطلاسم وضعت بها وانه إذا حاذى برّها انقلب على ظهره حتى يجازها ويقال أنّ الذي بني مدينة أنصنا اشمون ابن مصريم بن بيصر بن حام بن نوح وهى واقعة شرق النيل»، كذلك يضيف المقريزي أن قرية في إخميم محافظة سوهاج كان بها 12 ألف عريف من السحرة يُقال أن فرعون استعان بهم يوم ألقى موسى العصا.

أما علي باشا مبارك في ص 96 من الجزء الثامن لكتابه الخطط التوفيقية «ويغلب على الظن أن السحرة إنما جلبوا من مدينة بيز التي بالقرب من أنصنا وكانت ذات شهرة في الزمن الأول».

جرى خلاف حول الأقوال فى أعداد سحرة فرعون فالمؤرخ الحافظ بن كثير خلال ص 31 من كتاب البداية والنهاية قصة النبي موسى قال «يخبر تعالى عن فرعون أنه ذهب فجمع من كان ببلاده من السحرة وكانت بلاد مصر في ذلك الزمان مملوءة سحرة فضلاء فى فنهم غاية فجمعوا له من كل بلد ومن كل مكان فاجتمع منهم خلق كثير وجم غفير فقيل : كانوا ثمانين ألفاً قاله محمد بن كعب، وقيل سبعين ألفا قاله القاسم بن أبي بردة وقال السدي : بضعة وثلاثين ألفا وعن أبي أمامة : تسعة عشر ألفا وقال محمد بن إسحاق : خمسة عشرة ألفا وقال كعب الأحبار : كانوا اثني عشر ألفا، وروى ابن أبي حاتم عن ابن عباس : كانوا سبعين رجلا وروى عنه أيضا أنهم كانوا أربعين غلاما من بني إسرائيل أمرهم فرعون أن يذهبوا إلى العرفاء فيتعلموا السحر ولهذا قالوا : وما أكرهتنا عليه من السحر».

أسماء سحرة فرعون وتخليد ذكراهم

إقرأ أيضا

سيرة بيرلو (4).. الرجل الأسود!

سرد المؤرخ الطبري في ص 408 من الجزء الاول لكتابه «تاريخ الرسول والملوك» أسماء سحرة فرعون حيث قال كان رءوس السحرة الذين جمع فرعون لموسى «ساتور، وعادور، وحطحط، ومصفى، أربعة وهم الذين آمنوا حين رأوا من سلطان الله فآمنت السحرة جميعاً».

عن فضلهم قال عبد الله بن عباس وعبيد بن عمير: «كانوا من أول النهار سحرة فصاروا من آخره شهداء بررة، فهم شرف لمن نسبوا إليه».