سر القصة المصرية التي جعلت سليم حسن ينادي بعدم تمصير الأدب العربي والرجوع للفراعنة
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
في موسوعته عن التاريخ المصري القديم قال الأثري سليم حسن «فإذا كنَّا ننادي الآن بوجوب تمصير القصة في الأدب العربي، فإن المصريين القدماء قد سبقونا إلى تمصيرها».
اقرأ أيضًا
“دوروثي إيدي”.. حكاية فتاة اكتشفت أنها عشيقة ملك فرعوني عن طريق تناسخ الأرواح
بهذه الجملة تحسر سليم حسن على إهمال الأدباء للأدب المصري القديمة، ليس لأنه تخصص في المصريات وإنما لإعجابه بقصة سا نهت التي تعزز فكرة الوطن وحبه.
قصة سا نهت التي ظلت تُقْرَأ 500 سنة
أُلِّفت قصة سنوهيت أوائل الأسرة الثانية عشرة حوالي سنة 2000ق.م، وظلت تُنسَخ وتُقرَأ نحو 500 سنة في المدارس المصرية.
استعرض سليم حسن موضوع القصة بأنها قصة بصيغة ضمير المتكلم وفيها حكى «سنوهي» أنه كان عائدًا من غزو ضد اللوبيين بقيادة ولي العهد «سنوسرت الأول»، فحدث في تلك الأثناء أن مات الملك «أمنمحات» الأول، ونعاه الناعي إلى «سنوسرت» فترك الجيش، وخفَّ مسرعًا إلى العاصمة ليطمئن إلى عرشه الذي آلَ إليه، ولكن أمر الوفاة كان قد ذاع بين الأمراء المرافقين للحملة، وسمع به «سنوهيت» خلسة، فما كان منه إلا أن فرَّ هاربًا إلى سوريا لأسباب غامضة لم يستطع هو أن يجد لها تعليلًا مقبولًا، وقد أحسن استقباله هناك أحد رؤساء القبائل، وزوَّجه؛ فأصبح رب أسرة، وصارَعَ أحد رؤساء العشائر السورية المعادية فصرعه وجدَّ له، وبعد فترة طويلة عاوده الحنين إلى وطنه، وتاقت نفسه للرجوع إلى مصر ليكون في خدمة مولاه الملك الذي ظلَّ مخلصًا له طول حياته، وليلقى ربه، ويُدفَن في البلد الذي وُلِد فيه وترعرع، ولما سمع الملك بآلامه وأحلامه عفا عنه، وأعاده إلى منصبه في الحكومة، وسمح له أن يعود إلى وطنه معزَّزًا مكرَّمًا ليقضي ما بقي له من أيام تحت سمائه.
يترآى من تفاصيل قصة «سنوهيت»، أن دافعه الأكبر في الرجوع إلى مصر، وترك ما كان فيه من عز وسيطرة، وإصراره أن يُدفَن في بلاده كعادة المصريين، كذلك فهي درس نفسي عظيم.
رغم عشق سليم حسن للقصة لكنه انتقدها حيث قال «مما نأخذه عليها ظهور الصناعة في الصياغة والأسلوب، وإن كان ذلك يدلنا على أن الأدب المصري قد تخطَّى دوره الإنشائي الأول، فإنه من ناحية أخرى نذير بالتكلُّف الذي يؤدي إلى انحطاط الأسلوب، هذا وليست نقطة الجاذبية عند القارئ المصري القديم في وقائع القصة التي يمكننا تلخيصها في بعض جمل، بل في تعبيراتها الجذابة التي تستهوي لبه، وتجعله يعكف على قراءتها بلذة وشغف».
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال