رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
1٬110   مشاهدة  

سمير الإسكندراني الصوت الذي يشبه مدينة كوزموبوليتانية

سمير الإسكندراني
  • ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



مع بداية ستينات القرن الماضي بدأ تنمو على هامش الحالة الغنائية المصرية بعض التيارات الموسيقية الشبابية التي ابتعدت قليلًا عن إرث الغناء المصري الرصين، توالت ظهور الفرق الغنائية ذات الطابع الغربي والتي حلت محل الفرق التي تم ترحيل أغلب أعضائها بعد قرارات نظام دولة يوليو، وظهرت العديد من التجارب الغنائية الفردية التي اتخذت مسارًا غربيًا قحًا في التناول كتجربة محمد نوح، أو اخرى حاولت دمج ما بين التيار الغربي ومابين إعادة إحياء التراث الغنائي في صورة أكثر حداثة.

يبرز في هذا المضمار اسم “سمير الإسكندراني” هذا الشاب اليافع الذي أثار جدلًا واسعًا ببطولته كعميل للمخابرات المصرية في فترة الحرب مع إسرائيل، ثم قرر تحويل مسار حياته بالإتجاه إلى الغناء، في فترة قلقة كانت الأغنية الكلاسيكية لازالت تسيطر على المشهد الرسمي متمثل في “أم كلثوم” و”عبد الحليم”.

وسط طغيان حدوته سمير الإسكندراني المخابراتية على مشهد حياته، سنجد أنه من الصعب تحديد بداياته الفنية الحقيقية، في إتقانه للهجة الإيطالية ساعدته في الوصول إلي الإذاعة  المصرية التي كانت تعمل على تمصير العديد من البرامج الأوروبية فعمل مذيعًا ومطربًا في البرنامج الإيطالي، وهي النقطة التي يمكن الارتكان إليها كبداية لمسيرته الفنية.

استمع إلى صوته الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب والذي قال فيه أنه لو امتلك هذا الصوت خرب الدنيا، وهو ما اعتبره الإسكندراني إهانة شخصية له فقرر اعتزال الغناء، سرعان ما اتصل به عبد الوهاب ليوضح له أن الجملة معناها إعجابه بصوته ولحن له أغنيتان باللغة الأنجليزية هما  Never let me go والتي غنى فيها الجزء العربي و Silvery Nile

YouTube player

في غياب التوثيق الجدي لتلك الفترة الموسيقية سوف يصعب حصر أعماله بالكامل وبالترتيب الزمني، لكن الشاهد أن صوت سمير الأسكندراني كان أشبه بمدينة كوزموبوليتانية اختلطت فيها عدة مدارس موسيقية مختلفة، فتجده يغني لمشايخ المدرسة الكلاسيكية يا صلاة الزين “زكريا أحمد” و”قمر له ليالي” داوود حسني ” ثم يغني بالإنجليزية  The Sunny Land   و Take me back to Cairo من ألحان “اندريا رايدر” ثم يدمج بين الفلكلور وبين التوزيع الغربي الحديث في “مين اللي قال” من ألحان محمد قابيل، ويبدو أنه هذا التنوع الدسم في موسيقى اغانيه يشبه الإسكندرية المدينة التي اقترن بها اسمه.

YouTube player

اقرأ ايضًا

أحمد الحجار النجومية في طورها الأنقي

تحركت أغاني سمير الأسكندراني في عدة مسارات مختلفة، فغني أغاني وطنية كثيرة متأثرًا بالفترة التي قضاها يخدم الوطن  أشهرها “يارب بلدي” من ألحان سيد مكاوي” اللى عاش حبك” من ألحان جمال سلامة، لكن تظل أهم تجاربه على الإطلاق هي محاولة إعادة صياغة بعض الأغاني الفلكلورية مع الشاعر حسين السيد في ألبومي “مين اللي قال” و“قدك المياس” والذي نفذ بالكامل في لندن وكأن أول مطرب يغني كورال خلف صوته، وغني فيه موشح “يا شادي الألحان” بمعالجة موسيقية ابتعدت عن قالب الموشح الكلاسيكي بتنفيذ موسيقي غربي قح تتألق فيه الجيتارات الكهربائية صحبة النحاسيات مع إيقاع غربي لاهث، كل تلك المسارات صنعت مزيجًا مدهشًا مثل حالة فنية مختلفة لصوت عرف كيف يطوع كافة المدارس الموسيقية كي تلائم صوته و تتماس مع الثورة الموسيقية التي كانت تقتحم المشهد الغنائي في تلك الفترة.

YouTube player

مثلت هيئة سمير الإسكندراني مزيجًا غريبًا على شكل المطربين الذى اعتاده الجمهور، يرتدي البدلة الكلاسيكية ومن فوقها عباءة شرقية كتعبير عن المزج بين الحداثة والتراث، ويحتفظ بلحية “سكسوكه” تأثر بها من الأساتذة الإيطاليين الذي درس على أيديهم الفن التشكيلي  

امتلك الإسكندراني مقومات البقاء من حيث قدرته على التجديد وكسر جمود قالب الغناء الكلاسيكي ومزج الفلكلور في شكل حداثي وتقريبه إلي الجمهور الذي بدأ ينفتح على ثقافات موسيقية مختلفة، بالإضافة إلي أدائه المسرحي المبهر، وصوته المختلف عن بقية الموجودين على الساحة، لكن كعادة الوسط الغنائي الذي يتحمس للتجارب الجديدة سرعان ما يلفظها لحساب تجارب أجدد وظهور جيل الأغنية الشبابية فتوقفت التجربة ومعها قل شغفه بأن يجد لنفسه دورًا وسط هذا الزخم الموسيقي الذي أنقلب على ثورتهم الموسيقية التي بدأت ملامحها في الستينات.

رحل سمير الإسكندراني عن عالمنا تاركًا إرثًا فنيًا كبيرًا وحكايات أكبر يجب أن تحكى عن  موسيقاه التي ستحتار في تصنيفها هل هي شعبية فلكلورية محضة؟ أم حداثية تسخر من التراث وتحاول تطويعه لملائمة تلك الحالة الغريبة والمختلفة لمطرب جمع عدة حيوات في موسيقاه.

إقرأ أيضا
العالم

 

 

 

الكاتب

  • سمير الإسكندراني محمد عطية

    ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
4
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان