285   مشاهدة  

س و ج حول أوضاع السودان الجميل

السودان
  • شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



في ظل الأوضاع السياسية المشتعلة في السودان الشقيق حاولت اجمع أكبر قدر من الأسئلة التي تدور في أذهان المصريين بخصوص الشأن السوداني والأوضاع الآنية هناك.

س: لماذا أشتعلت الأجواء فجأة وأنقلب شركاء السلطة إلى أعداء؟

ج: التحالف من البداية هش، حيث أنه تم بين فرقاء متباعدين سياسيًا وأيدلوجيًا كمان تم عن غير رغبة من أطرافه في التعامل مع بعضهم البعض.

“المكون العسكري”: الجيش النظامي بقيادة الفريق البرهان + قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي.

والدعم السريع ده قوة شبه نظامية، تكونت في الأساس كميلشية موالية للنظام البشير وعرفت باسم “الجنجويد”، ثم لأسباب يطول شرحها (أقليمية ودولية) تم تحويلها إلى قوة نظامية تتبع الجيش نظريًا لكن عمليًا لها كامل استقلاليتها.

“المكون المدني”: وده ضم أكبر قدر ممكن من الكيانات السياسية المعارضة لنظام البشير، أحزاب وحركات سياسية مدنية كانت أو حركات مسلحة. فكان مثلا ضمن المحسوبين على المكون المدني حركتين مسلحتين من أقليم دارفور، حركة العدل والمساواة (وهي حركة إسلامية) ويحلم قائدها جبريل إبراهيم أن يرث عرش الراحل حسن الترابي.. ككبير تيار الإسلام السياسي في السودان، بالإضافة لحركة جيش تحرير السودان بقيادة مني آركو مناوي.

آركو مناوي كان قيادي في حركة تحرير السودان التي اسسها ويقودها عبد الواحد نور، لكن بعد مفاوضات أبوجا 2006 ورفض الحركة التوقيع على اتفاق السلام، قاد آركو مناوي إنشقاق قبلي داخل الحركة واسس حركة جيش تحرير السودان ووقع على الاتفاق باسمها للمشاركة في حكم السودان تحت رئاسة البشير، وشغل منصب كبير مساعدي الرئيس، لكن سرعان ما أدرك أنه مهمش في قصر الرئاسة فترك المنصب وعاد للعمل المسلح.. لكن بشكل منفصل عن عبد الواحد نور.

باختصار لدينا قائد جيش نظامي ترقى ووصل لأعلى المناصب خلال 30 سنة من حكم “الكيزان” ما يعني ولاءه التام لهم، ولدينا أيضًا قائد مليشياوي لا نهائي الطموح وواسع الاتصالات الأقليمية، بالإضافة إلى قائد مليشية إسلامية مسلحة حالم بقيادة الإسلام السياسي، ورابع متهافت يبحث عن جزء من السلطة بشتى الطرق. وهؤلاء الأربعة هم من نفذوا الإنقلاب ما بين سلطة عسكرية وغطاء جماهيري وسياسي خفيف الوزن.

السودان

هؤلاء الفرقاء اجتمعوا مجبرين تحت ضغط الأمر الواقع، فالمكون العسكري دبر ونفذ فض اعتصام القيادة العامة، 3 يوليو 2019، فيما عرف شعبيًا باسم “مجزرة القيادة العامة”، وكان يتوقع أن يقضي بذلك على الثورة وينفرد بالسلطة.. لكن الشارع السوداني لم يهدء بل اشتعل شكل أكبر وعادة الأمور لنقطة الصفر، ما أجبره على القبول باقتسام السلطة مع المدنيين.

على جانب المدنيين فكان التعامل مع العسكريين مرفوض جماهيريًا وسياسيًا (التيارات الرديكالية) بوصفهم المسؤولين عن المجزرة ولا يمكن التفاوض أو التعامل معهم، لكن رسالة العسكريين كانت واضحة… ورفض اقتسام السلطة خلال المرحلة الانتقالية كان يعني الدفع بالشعب السوداني لحرب مفتوحة ضد قواته المسلحة ومليشيتها “الدعم السريع”.

 السودان

س: هل يوجد إنشقاق في الشارع السوداني؟

ج: بطبيعة الحال لا يوجد إجماع تام على أي رأي في الحياة، لكن سياسيًا لا يمكن وصف الشارع السوداني إنه منقسم على نفسه، فمجموعة المؤيدين بالإنقلاب يسهل وصفهم بالفلول يزيد عليهم منتسبين للحركتين السابق ذكرهما أو أجسام سياسية وقبلية خفيفة الوزن.

س: هل يمكن العودة خطوة للوراء واستئناف الشراكة كأن شئ لم يكن؟

ج: هذا السؤال أجاب عليه رئيس الوزراء السوداني، د. عبد الله حمدوك، بتحديده لثلاث شروط يجب أن تسبق عودته لمباشرة أعماله.. وهي:

الاعتراف بأن ما جرى هو إنقلاب عسكري على السلطة المدنية الانتقالية.

إطلاق سراح أعضاء المجلس السيادي والحكومة وكافة المعتقلين بعد إعلان حالة الطوارئ.

إبعاد الجيش عن العملية السياسية.

س: هل الشعب السوداني مستعد لقبول استكمال الشراكة بين المدنيين والعسكريين؟

ج: بشكل عملي الوضع متفاوت بين الشارع السوداني والملعب السياسي السوداني، بالنسبة للشارع يصعب التجاوز عن ما حدث، مجزرة القيادة + الإنقلاب وما شهده من أحداث دموية عنيفة، والقاعدة في السودان تقول أن كل ديكتاتور طال الوقت أم قصر تأتي نهايته على يد تحركات شعبية، بداية من الجنرال عبود (1958-1964) أطاحت به “ثورة أكتوبر”.. مرورًا بالجنرال النميري وتحولاته الإسلامية (1969-1985) أجبرت “انتفاضة إبريل” القوات المسلحة بقيادة عبد الرحمن سوار الذهب على خلعه.. وصولًا للجنرال البشير ونظامه العسكري-الإسلامي الصرف (1989 إلى 2019) الذي أطاحت به ثورة ديسمبر.

YouTube player

س: هل هناك لاعبين في المشهد السياسي يمكن أن يخوضوا في مفاوضات جديدة مع العسكريين؟

بالنسبة للملعب السياسي فيمكن لبعض أحزاب الوسط أن تلعب دور الوسيط بين المدنيين والعسكريين، إن كان بالتفاوض المباشر أو بنقل وجهات النظر في مفاوضات غير مباشرة.

س: كيف تقييم موازين القوة في المشهد الحالي؟

ج: حاليًا الطرف الأقوى على الإطلاق هو الشارع السوداني، ففور أنتشار الأنباء عن التحركات الإنقلابية خرجت الجماهير للشوارع لمواجهة هذه التحركات فورًا.. قبل أن يصدر أي فصيل سياسي أي بيان أو تصريح يوضح موقفه من الحدث أو يدعو عضويته للتحرك.

وتمخض رد الفعل الشعبي عن سؤال صفري اصبح على كل اللاعبين السياسيين هناك الإجابة عليه: “معانا.. ولا مع الخيانة؟”، بالتالي فالشارع السوداني سابق كل الكيانات السياسية على الساحة.. وهي من تحاول اللحاق به ونيل رضاه الثوري.

أما على مستوى القوة العسكرية فبطبيعة الحال القوة الأولى هي الجيش النظامي يليها جنبًا إلى جنب قوات الدعم السريع وجيش الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال.

س: ما هو وزن تجمع المهنيين في السودان؟ وهل له تواجد خارج العاصمة؟

لتجمع المهنيين وزن كبير في الشارع السوداني، وقد استعرض ذلك بوضوح خلال أحداث 2019، فحين أعلن نظام الإنقاذ بقيادة البشير حظر التجوال.. نجح التجمع في حشد الجماهير في الشوارع بمختلف مدن السودان، وحين دعا النظام الناس للانخراط في الحياة بشكل عادي.. نجح التجمع في تنظيم عصيان المدني شل الحركة في كافة ربوع السودان وبدت شوارع مختلفة المدن خاوية على عروشها. وكلها أمور سجلت بالصوت والصورة.

ويمتلك التجمع تواجد في مختلف أحياء السودان في شتى المدن والأقاليم لسبب بنيوي، فالتجمع هو كيان يتكون من عدد كبير جدًا من نقابات واتحادات وروابط عمالية ومهنية كل منها على اتصال حقيقي بقواعده. كما أن قراره بعدم الانخراط في الحكومة الجديدة والبقاء كجزء من المجتمع المدني يراقب عملية التحول الديمقراطي وانتقال السلطة للمدنيين أكسبه المزيد من الشعبية والمصدقية.

إقرأ أيضا
مدني

السودان

س: ما هي الدعامة الاجتماعية لحكومة حمدوك؟

ما حققه حمدوك وحكومته من منجزات سريعة وملموسة خاصة على مستوى رفع الحصار الدولي عن السودان وعودة البلاد لأحضان المجتمع الدولي أكسبه شعبية كبيرة بين الجماهير بالإضافة لاكتسابه ثقة “لجان المقاومة” عبر انحيازاته الثورية خاصة بعد زيارته التاريخية لمدينة كاودا عاصمة المناطق المحررة (المناطق الواقعة تحت سلطة الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال).

س: كيف يدير الثوار الحياة اليومية على الأرض بين مهام ثورية من تتريس وحراسة.. إلخ وبين تفاصيل الحياة من توفير مواد غذائية واحتياجات المواطنين.. خاصة خلال فترة العصيان المدني؟

يمتلك الثوار آليات شديدة المرونة والتنظيم تمكنهم من إدارة متطلبات اليوم بشقيها الثوري والحياتي، ذلك عبر “لجان المقاومة” (الرقم الأهم والأصعب في المشهد السوداني)، آليات بسيطة وناجزة لكن لا يمكن الافصاح عنها الآن فهي تعد أسرار ميدانية. لكن.. سأشرحها بالتفصيل بعد انتصار الثوار.

س: ما تأثير ما يحدث في السودان على الأمن القومي المصري؟

النتيجة النهائية لما يحدث في السودان بالقطع سيكون لها تأثيرها على مصر، فالوضع في السودان لا يقبل القسمة على أثنين هذه المرة.. وعودة هيمنة العسكريين على السلطة أمر غير مطروح لدى الشعب من جهة ولدى حركات الكفاح المسلح “العلمانية” من جهة أخرى.

ما يعني أن البديل عن الحكم المدني هو الحرب الأهلية أو المزيد من الانقسامات للرقعة السودانية، خاصة من جانب الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، التي وضعت علمانية الدولة وفيدرالية النظام كشرطين أساسيين لقبول الإنخراط في مفاوضات سلام.

س: ما مصير مفاوضات سد النهضة في ظل وجود العسكريين في السلطة؟

استكمالًا للإجابة السابقة.. أن ظهور دولة جديدة على ضفاف النيل تعني بالطبع إعادة ترتيب الأوراق في هذا الملف، خاصة وأن النيل الأزرق يمر داخل “المناطق المحررة”، التي ستكون أراضي الدولة الجديدة حال أضطرت الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال لخيار الانفصال.

 

إقرأ أيضاً

لاظوغلي لم يفعل مذبحة القلعة فقط .. حكاية مجزرة شندي في السودان

الكاتب

  • السودان رامي يحيى

    شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
3
أحزنني
0
أعجبني
3
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان