شخصيات شوارع مصر الجديدة (3) إبراهيم اللقاني .. الأزهري الصوفي الذي كره التدخين
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
نستكمل نشر موضوعات سلسلة شخصيات شوارع مصر الجديدة حيث تناولت الحلقة الأولى شخصية أحمد خشبة باشا، بينما تناولت الحلقة الثانية شخصية نخلة المطيعي، فيما تتناول الحلقة الثالثة شخصية إبراهيم اللقاني.
شخصيات شوارع مصر الجديدة أزهريًا
يندرج اسم إبراهيم اللقاني في قائمة شخصيات شوارع مصر الجديدة الأزهريين، فهناك غيره من العلماء الأزاهرة الذين لهم شوارع بأسماءهم مثل «ابن سينا، حسونة النواوي، علي عبدالرازق، محمد متولي الشعراوي»، لكن تكمن قيمة تسمية شارع على اسم إبراهيم اللقاني في أنها أعادت ذكر أحد أهم علماء الأزهر علميًا والذي لم ينل جانبًا من التوثيق.
إبراهيم اللقاني ومعنى اسمه
الشيخ إبراهيم اللقاني له ألقاب كثيرة، مثل برهان الدين، وأبو الإمداد، وجميعها جاءت في كتب كثيرة مثل شجرة النور الزكية، وقد جاءت تلك الألقاب لتشرح حياته، فأبو الإمداد نظرًا لإمداده العلمي الغزير، بينما برهان الدين كوصف لإرثه الديني.
الإسم الكامل له هو إبراهيم بن إبراهيم بن حسن بن علي بن علي بن علي بن عبد القدوس بن محمد بن هارون، اللقاني، وقد وُلِد عام 1555 م وجاء اسمه نسبةً لقرية لقانة وهي حاليًا تتبع مركز شبراخيت في محافظة البحيرة.
لا توجد أي معلومات عن نشأة الشيخ إبراهيم اللقاني لكن الدكتور عبدالله الهلالي في تحقيق كتاب منار أصول الفتوى وقواعد الإفتاء بالأقوى قال «بإلقاء نظرة سريعة على مخزون اللقاني الثقافي والعلمي وعلى محيطه العائلي نستنتج أنه من المستبعد جدًا أن ينشأ فحل مثله في بيئة ووسط غير علميين، ومما يؤكد هذا الاستنتاج النبوي العلمي الذي عُرِف به عماه شمس الدين اللقاني وناصر الدين اللقاني، إضافةً إلى نبوغ إبراهيم اللقاني الذي تدل عليه مؤلفاته المتعددة والمتنوعة فضلاً عن كثرة شيوخه وتلاميذه».
شيوخ إبراهيم اللقاني
تتلمذ الشيخ إبراهيم اللقاني على يد أكابر شيوخ عصره وفي شتى العلوم، فأخذ الفقه الحنفي عن الشيخ علي بن غنام المقدسي والشيخ محمد النحريري والشيخ عمر بن نجيم، وتتلمذ في الفقه المالكي على يد الشيخ محمد السنهوري، والشيخ طه الصفتي المالكي، والشيخ أحمد المنياوي، والشيخ عبد الكريم البرموني، وأخذ الفقه الشافعي عن الشيخ الإمام محمد البكري الصِّديقي، والشيخ الإمام محمد الرملي، والعلامة أحمد بن قاسم العبادي، والعلامة نور الدين الزَّيَّادي علي بن يحيى.
وفي الحديث تتلمذ إبراهيم اللقاني على يد الشيخ أبو النجا سالم، والشيخ محمد البهنسي، والشيخ يحيى القرافي، والشيخ محمد الوسيمي، ومن حيث التصوف فقد كان له شيخ كثر أبرزهم الشيخ أحمد البلقيني الوزيري والشيخ محمد بن الترجمان.
لعل النزعة الصوفية في حياة اللقاني ندرك أسبابها في طبقات الشعراني، فاللقاني هو حفيد محمد بن هارون الذي كان يقوم لوالد الشيخ الصوفي إبراهيم الدسوقي إذا مر عليه، ويقول في ظهـره: ولىّ يبلغ صيتـه االمشرق والمغرب، وهو أبو الأمداد الملقب برهان الدين اللقانى المالكي.
شخصية اللقاني وميراثه العلمي
أعطى الدكتور شادي بن محمد بن سالم آل نعمان جانبًا من شخصية اللقاني في كتاب كتاب بهجة المحافل وأجمل الوسائل بالتعريف برواة الشمائل حيث قال «وُصف الإمام اللقاني بأنه كان قوي النفس، عظيم الهيبة، تخضع له الدولة، ويقبلون شفاعته، وعُرِف كذلك باهتمامه بوقته، فلا يكاد يمضيه إلا فيما ينفع، كما كان منقطعًا عن التردد إلى واحد من الناس، يصرف وقته في الدرس والإفادة، والتعلم، والتعليم».
وحكى العياشي في رحلته الشهيرة جانبًا من شخصية اللقاني ومدى احترام الناس له حيث قال «وحج في تلك السنة الشيخ المحقق أبو الإمداد إبراهيم اللقاني المالكي، وكان يحبني كثيرًا، فلما قدمنا مكة جاء العلماء يهرعون للسلام عليه والتماس بركته».
تتلمذ على يد اللقاني علماء كثر منهم نجليه «عبدالسلام وخليل، والشمس البابلي، والشبراملسي، ويوسف الفيشي، وياسين الحمصي، وحسين النماوي، وحسين الخفاجي، وأحمد العجمي، ويوسف الطهدائي وعبدالباقي الزرقاني، وأحمد الزريابي، ومحمد بن قاسم بن إسماعيل الصوفي، ويوسف القيسي، وعبدالقادر الصفوري، وبرهان الدين الشبرخيتي، وتاج الدين المالكي، ومحمد الخرشي».
تأثر اللقاني يلاحظ من تلامذته، فمثلاً الشيخ محمد الخرشي هو أول أزهري يتولى منصب شيخ الأزهر في شكله الحالي كـ إمام أكبر.
أما كتبه فبعضها دُرس في الأزهر مؤخرًا فقد وضع كتاب جوهرة التوحيد وشرحه الشيخ البيجوري وتمت دراسته بالمرحلة الثانوية عام 2019 م.
أما أشهر كتبه فهي «توضيح ألفاظ الأجرومية، قضاء الوطر من نزهة النظر في توضيح نخبة الأثر، إجمال الوسائل وبهجة المحافل بالتعريف برواية الشمائل، منار أصول الفتوى وقواعد الإفتاء بالأقوى، عقد الجمان في مسائل الضمان، نثر المآثر فيمن أدرك من القرن العاشر».
من ضمن كتبه التي أثارت لغطًا وقتها كتاب نصيحة الإخوان باجتناب شرب الدخان، وقد حرم في ذلك الكتاب التدخين بكل أشكاله وأصنافه.
تعرض كتابه لمعارضة من الشيخ الشيخ على بن محمد الأجهورى المالكي فكتب كتابًا يرد عليه وسماه غاية البيان لحل شرب ما لا يغيب العقل من الدخان.
وقد توفي الشيخ إبراهيم اللقاني عام 1631 م أثناء عودته من الحج ودُفِن في مدينة العقبة ورثاه المصطفى بن محب مع الشيخ المقري ببيتين من الشعر قال فيهما
مضى المقري إثر اللقاني لاحقا … إمامان ما للدهر بعدهما خلفُ
فبدر الدجى أجرى على الخد دمعه … فأثر ذلك الدمع ما فيه من كُلفُ
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال