شريف عامر .. حتى أنت يا بروتس ؟
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
ما الذي يمكن قوله عندما يبيع أحدهم الثمين بالغث، الغالي بالرث، عندما يهدم الإعلامي الكبير شريف عامر جسر الثقة الذي شيده بينه وبين المشاهد على مدار سنوات كان الجميع فيها يهرع للتريند ويحتفظ هو بقيمته على الشاشة، على مدار سنوات يصبغ برنامجه بصبغة التأدّب واحترام المشاهد ثم يمسك كل هذا التاريخ ويلقيه بأقرب صندوق قمامة بلا مراجعة حتى لأي ثمين يرمي ! يهد الجسر بأرخص معول يجده أمامه ، يخرج الخنجر من جيبه ليطعن نفسه ويتحول لما تحول له كثيرين .
والحقيقة أن الحملة الجماهيرية المرتفعة أصواتها حاليًا انتقادًا لشريف عامر بدأت متأخرة عدة أشهر، ذلك لأن الواضح فيها أغضب المشاهد لكن الباطن يحتاج لنظرة فاحصة أكثر فأكثر، واختار شريف عامر التوقيت الخطأ بينما المشاهد المصري الآن يحاول أن يتخلص من أورام التريند الخبيثة ويستنجد بالإعلام لنجدته وعلاجه من هذا الإدمان، وهنا نرجع كم خطوة للخلف لنقف عند اللحظة التي غير فيها شريف عامر سياسة برنامجة قطرة فقطرة حتى وصل لصاحب كليب “شيماء” ، وهي مدرسة كانت تخص وائل الإبراشي وحده لأنه بارعًا فيها، وصادقًا أيضًا في مدرسته ويتفرد بإعلامه (الحراق) الشعبوي الذي لا يخجل منه، وكان المشاهد يصدقه لأنه من البداية صارح الجميع بأنه متخصصًا في مثل هذه التريندات . لكن شريف عامر ظن للحظة أنه من الممكن أن يضحك على كل الناس طوال الوقت .
بصوته الهادئ وملامحه الجادة ، دخل شريف عامر إلى كل البيوت كالإبن البكر، العاقل ، الذي يتوخى الحذر قبل أن تخرج الكلمة من لسانه لأنه –طبعًا- يعرف قيمة الكلمة والكلام ، كيف تبني الكلمة مدينة فاضلة وكيف تصبح أفاعي سامة تُسقط (أجدعها) مدينة .. وعندما قام تغيير سياسته ، بدأ باصطحاب الشيخ مبروك عطية وإقحام فتاويه في كل ما هو صغير وكبير، شارد ووارد، حشر كلام الرجل حشرًا فيما ليس به موضع، فأصبح برنامج الشيخ مبروك عطية وصديقه شريف، حتى إنه اصطحب الشيخ في سيارة توقف أي من المارة بالشارع وأثناء توصيله يفتحون معه موضوعًا في الفراغ ليقولون له أيًا من النصائح الإنسانية المفرطة، فظهر كصانع محتوى أكثر منه مذيعًا .
وكانت الطامة الكبرى حين اعترف محمد الملاح المعروف بـ “المحلل الشرعي” في مداخلة تليفونية مع الإعلامي سيد علي، أن حلقته مع شريف عامر كانت ضلال في ضلال، وأن هذه القصة مُفبركة، وأنه لم يدخل بأكثر من ثلاثين سيدة ليتمكن زوجها من العودة إليها مرة أخرى، ومن الممكن أن نقول بصراحة أن شريف عامر لا يعلم بتلك القصة وأن الخطأ الكبير كان من طاقم الإعداد، لكن على الأقل كان لابد على شريف عامر الاعتذار بنفس حماس الحلقة ، لكنه لم يفعل .
مرت الأيام ، وكانت محاولات شريف عامر في القضم من شجرة التريند واضحة ، إلى أن سقط في الهوة التي أسقطت ورقة التوت الأخيرة عنه ، وهي حين استضاف صاحب الكليب التافه “شيماء” ، روث السوشيال ميديا الذي لا يمكننا التحكم فيه بالمجال المفتوح لكن يمكننا توقيفه على التليفزيون ، وكان شريف عامر عندما تم الهجوم عليه بعد استضافته لـ المحلل قد برر ذلك بأنه “لا يمكننا تغافل التراب تحت السجادة ، ولابد من التعامل مع المشكلة لحلها”، فما بالك أيها الإعلامي الكبير بمن يجلب التراب من الشارع ويضعه تحت السجادة ثم يقول للناس لابد أن نخرج هذا التراب من تحت السجادة، هذا ما يسمى بصناعة الأزمة للتظاهر بحلها .
وعلى الأستاذ شريف أن يكون واضحًا بعد ذلك ويطلق على برنامجه اسم “تريند مصر” ، أو يعتذر عما يقدمه، ولا يتمسّح في ثوب الرقي بينما يلقي بقمامته من شباك السيارة على الطريق، أن يكتفي بلقاء سارة سلامة وسؤوالها عن عمليات تجميلها ولا يدعي أي مهنية أو أهمية .. كان يوليوس قيصر قد أطلق صرخة الخيانة الشهيرة “حتى أنت يا بروتس؟” عندما وجد صديقه بروتس ضمن قاتليه طعنًا ، بينما نحن نقول الآن : حتى أنت ياشريف ؟ ! .
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال