شيخ الساخرين وفيلسوف الغلابة وصانع البهجة .. هل تذكره ؟!
-
مريم المرشدي
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
12 فبراير 2012
13 فبراير 2009
الفرق بين وفاتهما يوم واحد !!
أبي الذي علمني النقد الساخر، وأبي الذي وهبني الحياة، وحببني في القراءة، وعلمني الثبات علي مبادئي وقول كلمة الحق في وجه اتخن تخين..
” حاولوا أن تطفئوا حرائق الجهل ثم تضيئوا أنوار العلم , هذا هو الداء والدواء “...
” نصيحة .. لا تبع الثلج فى بلاد الاسكيمو، ولا تبع الجهل فى بلاد العرب “
يحكي أن كاتبا مات كمدا لأنه رأى أبناء شعبه يتقاتلون ويصرع بعضهم البعض.
كان فيلسوف الغلابة، صانع البهجة، شيخ الساخرين، الغائب الحاضر الذي مات هلعًا وحزنا وكمدا، خريج الكلية الحربية، الذي شارك في ثلاثة حروب منهم حرب اكتوبر، والذي مات بأزمة قلبية في مظاهرة وهو يهتف، كان هو العم جلال عامر.
مات الساخر وعاشت المسخرة !!
درس جلال عامر القانون في كلية الحقوق والفلسفة في كلية الآداب، وكان يكتب في مجالي القصة القصيرة والشعر وله أعمال منشورة، وقد كانت بداياته كاتباً صحفياً في جريدة القاهرة، ثم نشرت مقالاته في عدة صحف، وكان له عمود يومي تحت عنوان تخاريف.
خلق جلال عامر مدرسة جديدة في فن الكتابة الساخرة اعتمدت على التداعي الحر والتكثيف الشديد وطرح عدداً كبيراً من الأفكار في المقال الواحد، ثم ربطها معاً بشكل غير قابل للتفكيك، بحيث تصير المقالة وحدة واحدة شديدة التماسك، برغم احتواءها على أفكار منفصلة عن بعضها، كذلك يتميز أسلوبه باحتواءه على العديد من التوريات الرائعة التي تجذب انتباه القارئ حتى آخر المقال.
يوم كتب رحمه الله : ” أعلم ان المنافقين في الآخرة في الدرك الأسفل من النار، لكنهم في الدنيا في الصفحات الأولى من الصحف والأخبار”، ويوم قرأت مقولته : “كل نصاب يلزمه طماع وكل دجال يلزمه جاهل”، ويوم قال : ” تذكرت نقودي التي انفقتها علي كتب قرأت انصفاها وتُركت في مكتبتي تحاوطها عدد من ذرات الأتربة لا بأس به، فما أكثر المنافقين النصابين والدجالين الذين يدعونهم زورا مثقفين، وما أكثر الطماعين والجهلة ممن يسمونهم متعلمين !!
رحل أبي ورحل جلال عامر فقط بجسديهما، فالعظماء يموتون مرة واحدة، ولكنهم يظلون بكلماتهم وأفكارهم في قلوب عشاقهم التي تبعثهم ملايين المرات من جديد.
اليوم تمر ذكري وفاة شيخ الساخرين عم جلال عامر الثامنة، وغدا تمر ذكري وفاة أبي الحادية عشر !!
لكنني صعلوق…عابر سبيل…انا ابن الحارة المصرية…ليس لي صاحب…
لذلك كما ظهرت فجأة سوف اختفي فجأة..
فحاول تفتكرني
لروحك أيها الخلوق النبيل ولروح أبي كل المحبة…كل السلام…
اقرأ أيضا
بين إسماعيلية رايح جاي والفن السابع “اتنين عصير فراولة”
الكاتب
-
مريم المرشدي
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال