صلاة الفاتح في مسلسل موسى .. رد على أشهر شبهة طالت أوراد الطريقة التجانية
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
جاءت صلاة الفاتح في مسلسل موسى خلال أحداث الحلقة 29 من خلال مشهد الممثلة هبة عبدالغني (بخيتة) وهي تقرأ تلك الصلاة لمولودها وتتمنى لو أن والده الشيخ صالحين حيًا لكي يحفظه القرآن ويقرأ عليه صلاة الفاتح.
اقرأ أيضًا
ملامح الصوفية في مسلسل موسى “حل لغز نار النبي إبراهيم وفوارق بين صالحين وحسين”
مجيء صلاة الفاتح في مسلسل موسى لم تكن المرة الأولى في الدراما المصرية فقد سبق وأن أداها الممثل أحمد الشافعي في مسلسل الرحايا والممثل مدحت تيخا في مسلسل شيخ العرب همام، والفنان أحمد فؤاد سليم في مسلسل جبل الحلال.
ما هي الشبهة التي طالت صلاة الفاتح في مسلسل موسى
صيغة صلاة الفاتح هو «اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق، ناصر الحق بالحق والهادي إلى صراطك المستقيم وعلى آله وصحبه حق قدره ومقداره».
اقرأ أيضًا
متابعة موقع الميزان لـ حلقات مسلسل موسى
تمثل صلاة الفاتح جزءًا من الأوراد اللازمة للطريقة التجانية الصوفية المكونة من الورد والوظيفة والهللية، ولها مكانة كبيرة وفضل عظيم عند الطريقة التجانية، وقد شرحها شيوخ الطريقة في كتب عديدة مثل الشيخ محمد الحافظ التجاني في كتابه عن أوراد الطريقة والشيخ صلاح التجاني خلال كتاب النور في الطريقة التجانية.
المكانة التي لصلاة الفاتح عند الطريقة التجانية عرضت مريدي الطريقة إلى شبهة سلفية إذ يرى شيوخ السلفية الوهابية (وكلامهم موجود على مواقعهم في جوجل) أن التجانية كفرة بسبب هذه الصلاة وذلك لأن شيخ التجانية الأكبر ومؤسس طريقتهم الشيخ أبو العباس أحمد التجاني في كتاب جواهر المعاني يرى أن قراءة صلاة الفاتح مرة واحدة تعدل ثواب قراءة القرآن الكريم 6 مرات.
أصل الشبهة وصاحبها
لم تكن تلك الشبهة وليدة المواقع الإلكترونية السلفية على جوجل، بل إنها قديمة وتعود إلى ثلاثينيات القرن الماضي، وأول من كتب عنها هو مفتي المالكية محمد الخضر الجكني الشنقيطي (من وفيات 1936) في كتاب ألفه قبل وفاته بعام اسمه مشتهى الخارف الجاني في رد زلقات التيجاني الجاني وهو كتاب هاجم الطريقة التجانية بضراوة في كل شيء.
واستدل الشنقيطي في هجومه على التجانية بكتاب جواهر المعاني وبلوغ الأماني في فيض سيدي أبي العباس التجاني الذي كتبه الشيخ علي حرازم بن العربي برادة الفاسي سنة 1798 م والذي نص على أن الشيخ أبو العباس أحمد التجاني قال بأن قراءة صلاة الفاتح لها ثواب يعادل 600 ختمة من القرآن.
الرد على شبهة أن صلاة الفاتح تعدل القرآن
أثار كتاب الشنقيطي جدلاً واسعًا في ربوع العالم الإسلامي خاصةً لاتساع رقعة التجانية في الدول العربية والإفريقية.
الأمر الذي جعل الشيخ محمد الحافظ التجاني المصري سنة 1935 يرد على هذا الكتاب بمؤلفات عديدة منها رد أكاذيب المفترين على أهل اليقين، براءة التجانية من كل ما يخالف الشريعة.
أما مسألة أن صلاة الفاتح تعادل القرآن فقد خصص لها الشيخ محمد الحافظ التجاني كتابًا بعنوان إعلان الحجة على أعداء الطريقة التجانية ـ الرسالة الخامسة، وهو في الأصل رسالة كتبها الشيخ محمد الحافظ التجاني سنة 1935 إلى مقدم الطريقة التجانية في سيناء الشيخ رضوان محمد.
قال الشيخ محمد الحافظ التجاني في رسالته «إننا نحذر كل من ينتمي إلى هذه الطائفة السنية من أن يعتقد أحد منهم أن صلاة الفاتح أو غيرها من الصلوات تعدل مرتبة شيءٍ من القرآن في الفضل، ومن كان يعتقد أن تفضل آية من القرآن أو تساويها فهو ضال مضل والطريق براء منه».
وحول الجملة المشار لها في كتاب جواهر المعاني فقال الشيخ محمد الحافظ أن مهاجمي الطريقة تعاملوا معها بنظام ولا تقربوا الصلاة وأخذوا الكلام على ظاهره، لأنهم لو أكملوا قراءة الكتاب لوجدوا أن لأن الشيخ أبو العباس أحمد التجاني قال في جواهر المعاني «إن من يريد السلوك إلى الله وكان لا يحسن أداء كتاب الله كما ينبغي أو يخل بأوامره فالأنفعل له أن يجعل أكثر اشتغاله بالصلاة على سيدنا النبي، وليس معنى ذلك أن يترك القرآن ، كلا بل يداوم على تلاوة القرآن مع مجاهدة نفسه في التأدب بآدابه فإن إكثاره من الصلاة عليه توصله إلى التأدب الامل بأدب القرآن، فإن وصل لتلك المرتبة جعل أكثر شغله بكتاب الله تعالى».
ليس هذا فحسب بل إن الشيخ أبو العباس أحمد التجاني قال صراحةً في جواهر المعاني «القرآن أفضل الكلام والذكر فأما تفضيل القرآن على جميع الكلام من الأذكار والصلاة على سيدنا النبي فأمر أوضح من الشمس، القرآن أفضل الذكر لكن السلوك به على شرط أن يقدر التالي (القارئ) نفسه في نفسه أنه يشهد نفسه في وقت التلاوة أن الرب سبحانه هو الذي يتلوه عليه وهو يسمع».
وشرح الشيخ محمد الحافظ معنى الجملة فقال «الكلام في حال القارئين لا في فضل القرآن فإنه لا ريب فيه، المقصود أن من لم يحسب أدب القرآن تلاوةً فالأنفع له الصلاة على رسول الله ما دام أنه غير مؤدب مع كلام الله، فالشيخ يتكلم عن أحوال قارئ القرآن لا أنه يفضل غير القرآن على القرآن وقد صرح بمراده، فمن اعتقد أن شيئًا من الكلام يفضل القرآن فهو ضال مضل خارج عن الملة».
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال