صُنع في بنجلاديش..عبودية الأطفال في صناعة الملابس
-
محمد احمد
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
قبل أن تشتري الملابس المصنوعة في بنجلاديش، بإمكانك أن تعرف أنها صنعت بأيدي الأطفال الأميين في الخامسة عشرة، فهناك وصلت عمالة الأطفال إلى معدل مُحزن للغاية.
فوفقًا لاستطلاع الآراء الوطني عن عمالة الأطفال الذي أجراه مكتب الإحصاءات البنجلاديشي عن عامي 2002_2003 يعمل 93 بالمائة من الأطفال العاملين في القطاع الغير رسمي، وفي حين أن ثمة عددًا محدودًا من الأطفال الذين يصنعون ملابسنا في بنجلاديش، يوجد 4.9 ملايين طفل تتراوح أعمارهم ما بين خمسة أو أربعة عشر عامًا يعملون في وظائف أخرى.
تشكل صناعة الملابس والمنسوجات في بنجلاديش 76 بالمائة من صادرات البلاد السنوية، أو ما يعادل نحو ثمانية مليارات دولار، ورغم ذلك، في عام 2005 كان رجال الصناعة في بنجلاديش يعتقدون أنه كتب عليهم مواجهة مصيرهم المحتوم، وذلك بعد وقف العمل باتفاقية الألياف المتعددة.
اتفاقية الألياف المتعددة هي عبارة عن سياسة تفرض القيود على كمية الملابس التي تستطيع الدول النامية تصديرها، وباعتبار بنجلاديش واحدة من أفقر دول العالم، سُمح لها أن تصدر بقدر محدود من الرسوم والقيود في ظل اتفاقية الألياف المتعددة.
كان هذا يعني تلك الاتفاقية لبنجلاديش المنافسة على المستوى العالمي مع دول مثل الصين التي خضعت صادراتها لقيود مُشددة بموجب هذه الاتفاقية، ولكن مع وقف العمل باتفاقية الألياف المتعددة، تمتعت الصين بمطلق الحرية في تصدير الكمية التي ترغبها للدول المتقدمة، مما أدى إلى احتباس أنفاس الصناعة في بنجلاديش، كيف يمكن أن تتصدى لمنافسة الصين التي تمتلك بنية تحتية، حيث إنها ليست مضطرة إلى استيراد المواد الخام، فهذا البلد القديم الضخم لديه كل شيء تقريبًا، بما في ذلك العدد الكافي من الفقراء للعمل بأجور متدنية.
لكن بنجلاديش استهانت بما لديها من قدرة على تحقيق قيمة وتوفير في التكاليف، فبنجلاديش تمتلك أرخص عمالة في العالم، أخص من الصين، ليس بإمكان صناعة الملابس والمنسوجات في بنجلاديش أن تظل باقية وحسب، بل يُتوقع أن يتضاعف حجمها خلال السنوات القادمة.
في عام 1992، أذاع برنامج “ديتلاين” على شبكة إن بي سي مقطع فيديو تم تصويره من داخل أحد مصانع الملابس في بنجلاديش، وظهر فيه بعض الأطفال صغار السن في السابعة من عمرهم يقومون بتشغيل ماكينات ويحيكو الملابس لصالح خط إنتاج أحد المنتجات المعروضة بوول مارت، وزعمت إدارة وول مارت أن العمال الذين ظهروا في مقطع فيديو يبدون كأنهم أطفال في سن السابعة من العمر ولكنهم في الحقيقة كانوا أشخاصًا راشدين عانوا من سوء التغذية وتأخر في النمو.
لم يقتنع المستهلكون الأمريكيون بهذا التبرير، وصارت عبارة “صُنع في بنجلاديش” مرادف “صُنع بأيدي الأطفال” وبدافع الشعور بالقلق حيال عمالة الأطفال في بنجلاديش، اتخذ الأمريكيون قرار بمقاطعة الملابس المصنوعة في بنجلاديش، إلا أن الأطفال في بنجلاديش لم يقتنعوا بمدى جدية هذا القرار تحقيقه بمطالبهم، واحتجوا على المقاطعة الأمريكية، بالإضافة إلى المنظمات غير الحكومية المدافعة عن حقوق الأطفال في بنجلاديش وعمال آخرين في مجال صناعة الملابس، فلم يرغب الأطفال في فقدان أعمالهم، فهم مضطرون لإعانة أسرهم.
وفي عام 1994 طلبت جمعية مصنعي ومصدري الملابس والمنسوجات في بنجلاديش- تحت ضغط المقاطعة الأمريكية والصورة المشوهة للملصق الخاص بـ”صنع في بنجلاديش”- من المصانع العاملة تحت إمرتها طرد جميع الأطفال دون سن الرابعة عشرة بلا تعويض، لكن المنظمات المحلية غير الحكومية والنقابات العمالية على هذا القرار بعدما امتلأت شوارع “دكا” في بنجلاديش بالأطفال العاطلين عن العمل.
واستجابة لهذه الأزمة، مولت الحكومتان الأمريكية والبنجلادشية، بالإضافة إلى المنظمات الدولية مثل منظمة العمل الدولية وصندوق الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” المدارس لاستقبال الأطفال المتسربين من التعليم بسبب العمل بسبب العمل إلى أن يصلوا إلى السن القانونية للعمل.
الكاتب
-
محمد احمد
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال