عاطف العراقي وفيلم المصير .. تفاصيل الحرب الفكرية بين عاشق بن رشد ويوسف شاهين
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
استحوذت حياة وفلسفة بن رشد على المسيرة الفكرية للدكتور عاطف العراقي أستاذ الفلسفة بكلية الآداب بجامعة القاهرة، حيث كتب عنه 7 مؤلفات كاملة، أحدهم أخذ سيرة ذاتية بعنوان «الفيلسوف ابن رشد ومستقبل الثقافة العربية .. أربعون عامًا من ذكرياتي مع فكره التنويري».
المثقفون وفيلم المصير
مع أواخر تسعينيات القرن الماضي اتجه يوسف شاهين لإخراج فيلم عن الفيلسوف بن رشد، وكان لأغلب المثقفين موقف من الفيلم شديد الضراوة في رفضه بمن فيهم الدكتور عاطف العراقي.
بدأ حزب العمل تبني رفض الفيلم عندما نظم ندوة في 7 سبتمبر 1997 حول الفيلم حضرها الدكتور عبدالوهاب المسيري، والدكتور جلال أمين، والدكتور حسن الشافعي، والكاتب جمال البنا، والدكتور محمد مورو، وأدارها الكاتب محمد إبراهيم مبروك.
الدكتور عبدالوهاب المسيري ذكر أن الفيلم يمثل كارثة كبرى فهو ليس هجومًا على التراث الإسلامي بل ويهاجم المسيحية، فضلاً عن إسقاط التاريخ والإشارة إلى الشذوذ الجنسي في مشهد استدراك ابن الخليفة للانضمام إلى الجماعة في الحمام.
واتفق بقية الحضور في الهجوم على الفيلم فيما عدا الدكتور جلال أمين والذي قال أن يوسف شاهين لم يكن يقصد إخراج فيلم تاريخي أو فكري عن ابن رشد وفلسفته، وإنما أراد مهاجمة الجماعات الإسلامية بعد أزمته في فيلم المهاجر.
عاطف العراقي وفيلم المصير .. تفصيل الخلاف
يمكن تقسيم موقف الدكتور عاطف العراقي من فيلم المصير على مرحلتين، كانت الأولى قبل عرض الفيلم والثانية بعد عرضه، وخلال المرحلتين صب العراقي جام غضبه على العمل.
بدأت ثنائية الدكتور عاطف العراقي وفيلم المصير عندما قام الكاتب وائل عبدالفتاح حين كان صحفيًا في روز اليوسف بإجراء حول مع العراقي قبل تصوير الفيلم سنة 1996 م وذكر العراقي أن أحد مساعدي يوسف شاهين اتصل به وأخبره أنهم يجهزون فيلمًا عن ابن رشد وقال له «نريد أن نعمل بعض التوابل»، وسأله إذا كان ممكنًا أن يتم تناول قصة حب بين بن رشد وزوجته قبل الزواج، لكن العراقي أخبره بأن ما سيجذب الجمهور هو حريق كتب بن رشد في الأندلس، ولم تتم استشارة العراقي في أي شيء بعد ذلك رغم عرضه عليهم أنه مستعد لمراجعة قصة الفيلم والسيناريو مجانًا.
خلال حوار وائل عبدالفتاح ظهر جليًا أن العراقي قدم اقتراحاتٍ ما كان ليوسف شاهين أن يقبلها، فقد طلب أن يكون محمود مرسي بديلاً لنور الشريف، وأن تكون سوسن بدر هي زوجة بن رشد لا ليلى علوي ـ حينها كان التصور أن ليلى علوي ستقوم بدور صفية العمري بالفيلم ـ؛ كما استنكر أن يقوم شاهين باختيار سوريا لمكان التصوير وطلب أن تكون إسبانيا.
بعد عام وقبيل طرح الفيلم بشهر كتب عاطف العراقي مقالاً في الوفد بعنوان «حول فيلم المصير .. بن رشد ظلمناه حيًا وميتًا»، ولم تختلف أطروحاته في المقال عن أطروحاته في حواره مع وائل عبدالفتاح.
بعد عرض فيلم المصير استعرض الدكتور عاطف العراقي أخطاءًا جمة في الفيلم والذي وصفه بأنه اختراع يوسف شاهين لابن رشد لا نعرفه، وأنه قدم الفلسفة عبر رقص ليلى علوي وأغاني محمد منير، مؤكدًا أن الفيلم لم يعرض فكرةً واحدةً من أفكار بن رشد الفلسفية.
ذكر عاطف العراقي أن ما تم حرقه هو كل كتب الفلاسفة وليس كتب بن رشد فقط، فضلاً عن أن ابن رشد لم يحضر حرق الكتب لأنه كان منفيًا في بلدة أليسانة، واستفاض عاطف العراقي في سرد أخطاء الفيلم فقال أن ابن رشد كان لديه العديد من الأولاد والبنات وليس كما ذكر الفيلم له بنت واحدة والتي لم تتزوج ابن المنصور أصلاً؛ إلى جانب أن عملية تهريب كتب بن رشد لم تحدث بتاتًا لا إلى مصر أو أي دولة أخرى.
المراجع
-
مجلة روز اليوسف ـ 4 نوفمبر 1996 م
-
جريدة الوفد – 3 يونيو 1997 م
-
جريدة الشعب – 24 أكتوبر 1997 م
-
مجموعة كتب د. عاطف العراقي
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال