عصر مبارك وطريق الكباش “.. قصة مشروع تعثر خمسة مرات قبل أن ينتهي في 2021”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
أعاد نشاط مواقع التواصل الاجتماعي خبرًا عن عصر الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك وطريق الكباش من موقع المصري اليوم يعود تاريخه إلى يوم 11 يناير 2011 م يقول أن الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك سيفتتح طريق الكباش في 22 فبراير 2011.
اقرأ أيضًا
الصوفية والحضارة المصرية “مشاركة بدأت من ألف سنة وأنجحها حفل الكباش”
تصور أصحاب التعليقات وناشري الخبر أن حفل افتتاح طريق الكباش الذي شهدته مصر في 25 نوفمبر 2021 خلال عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي هو فكرة مسروقة من عصر الرئيس الأسبق مبارك، وتلك شائعة تاريخية خاطئة ويقوم موقع الميزان بتفنيد كل جوانبها
احتفال 2011 و 2021 .. ما هي الفوارق بين ما حدث وما لم يحدث ؟
على وجه اليقين فإن حفل 2021 هو الأفضل بلا منازع، ولو كان حفل 2011 حدث كما هو مخطط له، لصار فيما بعد فضيحة جمالية تتشابه إلى حد بعيد مع حفل نقل تمثال رمسيس الثاني من محطة مصر إلى ميدان التحرير والذي كان احتفال كرنفالي مهترأ؛ والمقارنة بين الحفلين بناءًا على نص خبر المصري اليوم هــنــا بتاريخ 11 يناير 2011 وخبر اليوم السابع هــنــا بتاريخ 9 يناير 2011 هي ما يلي :-
- حفل 2021 م كان احتفالاً بإتمام طريق الكباش بنسبة 100 % (2700 متر طول + 76 متر عرض).
ـــ أما حفل 2011 الذي لم يحدث فكان احتفالاً بإتمام 80 % من المشروع (2160 متر طول + 59 متر عرض)، أما باقي المشروع فكان سيتم استكمال العمل عليه بعد افتتاح الرئيس الأسبق مبارك له.
(أي أن عصر مبارك كان سيشهد افتتاح مشروع لم يكتمل). - حفل 2021 م تم بـ 1057 تمثال (807 تمثال على شكل رأس أبو الهول + 250 تمثال على رأس كبش – موزعين على صفين أحدهما بـ 120 والآخر بـ 130).
ـــ أما حفل 2011 فكان مخططًا بـ 890 تمثال فقط (وقبل الافتتاح بشهر عُثِر على 420 تمثال). - حفل 2021 لم يكتفي بمجرد الاحتفال بالطريق، وإنما شهد الإعلان عن الشكل النهائي لوادي الملوك في البر الغربي، وظهور معبد هابو بعد انتهاء ترميمه، بالإضافة إلى الكشف عن ترميم أعمدة معابد الكرنك، فضلاً عن ظهور قدس أقداس معبد حتشبسوت بعد 50 سنة من ترميمه.
ـــ أما حفل 2011 فكان احتفالاً بافتتاح 80 % من المشروع بالإضافة إلى افتتاح قصر ثقافة العوامية.
هل بخس عهد السيسي ما أنجزه عصر مبارك ؟
رغم الفوارق التي استعرضناها بين عصر الرئيس الأسبق مبارك وطريق الكباش شكلاً وحفلاً، وبين عهد الرئيس السيسي، إلا أن حفل افتتاح طريق الكباش 2021 لم يبخس حق فترة مبارك في مشروع الكباش.
يدلل على ذلك كلام وزير الآثار للرئيس السيسي في بداية الحفل والذي قال «النهاردة بنعلن عن انتهاء مشروع الكشف عن طريق الكباش، الحفائر بدأت سنة 1949 والشغل الأكبر طبعا كان من سنة 2004 و 2010 والدولة قامت بعمل مشروعات ضخمة للتنفيذ لكنه تعثر بسبب 2011».
بالتالي ففرضية قيام عصر الرئيس عبدالفتاح السيسي ببخس حق عصر الرئيس الأسبق مبارك مع طريق الكباش، ليس لها أي أساس من الصحة، وهذا من ناحية الكشف عن المشروع.
طريق الكباش في عصر مبارك .. التخطيط بلا خطة خلال 14 سنة
تبدأ البداية الفعلية لعصر مبارك مع طريق الكباش عندما الحفائر سنة 1992 في 7 مواقع أثرية تم نزع ملكيتها، وفي سنة 1996 م وافق وزير الثقافة فاروق حسني على اقتراح الدكتور محمود خلف بوضع مخطط عام لمنطقة طريق الكباش وتطويرها، ثم صدر الأمر العسكري رقم 1 لعام 96 والذي يقضي بمنع التعدي على الأراضي الزراعية والأثرية.
في شهر فبراير سنة 1997 أعلن الدكتور محمد الصغير مدير عام آثار الوجه القبلي أنه تم الكشف عن عناصر أثرية منقوشة باسم الملك أوتاس في طريق الكباش.
استمرت أعمال البناء والتعديات على طريق الكباش بعد شهرين فقط من ذلك الكشف وعقب مضي سنة كاملة على صدور أمر 1 لسنة 1996 من الحاكم العسكري الذي يقضي بمنع التعدي على الأراضي الزراعية والأثرية.
وكانت عمليات البناء تلك تتم في نفس وقت العمل على الطريق، وانتهى عام 1997 بالكشف عن 34 تمثال على شكل أبو الهول في شهر أكتوبر.
وللحيلولة دون استمرار أعمال البناء اتفق المجلس الأعلى للأقصر مع وزارة الثقافة التي كان يشغلها فاروق حسني ووزارة التعمير التي كان يتولاها محمد إبراهيم سليمان على توفير مساكن بديلة لـ 500 أسرة مع إزالة مساكن 200 أسرة من الذين يقطنون المساكن العشوائية خلف الكرنك بسبب تهديد مياه الصرف الصحي للمعابد.
جاء العام 2000 وتم الكشف عن قواعد 625 تمثال تمثال من تمثايل أبو الهول، ومع حلول سنة 2001 بدأت الفوضى في الحدوث بشكل يرسم صورة مؤسسات الدولة خلال عصر مبارك مع طريق الكباش، فالعمل بدأ سنة 1997 م، وبعد 4 سنوات من البدء، دخلت وزارة الآثار في نزاع مع المجلس الأعلى لمدينة الأقصر بسبب عدم التنسيق بينهما في عمليات نزع ملكية المنشآت القائمة المكونة من مباني سكنية وتجارية ودينية وأراضية زراعية ومنشآت حكومية، وتم حل النزاع في فبراير 2001 م، أي أن عدم التنسيق بين المؤسستين كان موجودًا في نفس وقت العمل على الخطة.
في 8 يوليو سنة 2001 أعلن المجلس الأعلى للأقصر والمجلس الأعلى للآثار عن بدء وضع خطة لتطوير طريق الكباش وتحديد مساراته والكشف عن معالمه.
جانب آخر يعطي مزيدًا من أشكال الفوضى حدث في سبتمبر 2003 م عندما شن أعضاء المجلس المحلي لمدينة الأقصر هجومًا عنيفًا على مسئولي الآثار بسبب تعثر المشروع واصفين طريقة العمل بأنها تسير بسرعة السلحفاء وتتسم بالإهمال واللامبالاة لدرجة أن القطع الأثرية التي تم اكتشافها منذ بدء المشروع ما زالت مبعثرة ولم يتم ترميمها أو اتخاذ الاجراءات لحمايتها.
وعلى الصعيد المالي وجه أعضاء مجلس الأقصر تهمة للمسؤولين في الآثار إذ ذكروا أنه تقرر إنشاء صندوق لجمع التبرعات من الشركات ورجال الأعمال، لكن تلك التبرعات تم استخدامها في توفير نفقات المشروع لا الإنفاق عليه.
هذا المناخ من اللاتنسيق في الفترة من 1997 و 2003 أثر على النتائج إذ تم الكشف عن 3 كيلو متر من أصل 5 كيلو متر في 4 سنوات (ثم تم التعديل بأنه 2.7 كيلو متر وليس 5 كيلو متر)؛ كذلك فعدم التنسيق بين الأجهزة جعل عملية كشف أول كبش من الكباش تتعثر إلى يوم 22 نوفمبر 2005 م أي بعد 8 سنوات من بدء العمل على المشروع.
نأتي لأجواء 2011 على طريق الكباش لنجد أنه كانت هناك حالة من حالات اللادولة قبل افتتاح الرئيس الأسبق للمشروع بشهر واحد بل وحتى قبل أحداث ثورة 25 يناير.
ففي 18 يناير 2011 بدأت الخلافات بين زاهي حواس أمين المجلس الأعلى للآثار والدكتور سمير فرج محافظ الأقصر، حيث قال حواس أن مشروع تطوير طريق الكباش متوقف بسبب عدم تعاون المحافظة.
وقبل الافتتاح بـ 15 يوم (المفترض أن يشهده رئيس الدولة وضيوف العالم) قام أهالي الأقصر بوضع أيديهم على 6 آلاف و 865 متر من طريق الكباش وذلك بسبب أن تعويضاتهم لم يتم صرفها من سنة 2008 م، فضلاً عن أن تلك الأرض تم بيعها لوزارة الاستثمار، وهو ما أكده سكرتير المحافظة حيث قال أن تلك المنطقة تم بيعها لوزارة الاستثمار، وربما تكون هناك أخطاء وقعت في توزيع التعويضات ومحدش معصوم من الخطأ.
طريق الكباش في عصر السيسي .. ماذا جرى في إرث 14 سنة فوضى
في العام 2017 بدأ نظام الرئيس السيسي يتعامل مع طريق الكباش الذي تعطل 5 مرات قبل رئاسته، كانت الأولى في عهد المحافظ مجدي أيوب إسكندر، بسبب عدم التعامل مع الكنيسة الإنجيلية، والثانية في عهد المحافظ سمير فرج بسبب إنشاء كنيسة.
والثالثة بعد زوال نظام مبارك عندما توقف المشروع في عهد المحافظ خالد فودة للظروف السياسية، ومع عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي تعطل المشروع للمرة الرابعة لأسباب مالية عام 2012 م، ومن أغسطس 2013 لم يتمكن اللواء طارق سعد الدين من إكمال المشروع لأسباب سياسية ومالية.
ومع سنة 2016 بدأ الاهتمام بالمشروع يلوح في الأفق فكان على الدولة حينها إزالة القمامة من الطريق وهي عملية بدأت في يوليو 2016 وخلال شهر تم رفع 20 طن قمامة، ثم بدأت دراسة مخططات الطريق إلى أن أعلن الدكتور خالد العناني في 17 يوليو 2017 عن تكليف الرئيس السيسي للحكومة بحل موضوع طريق الكباش، وفي سنة واحدة تم رفع كفاءة كل كبش بطول 2700 متر والانتهاء من ترميم 775 متر وزرع 600 شتلة وتقليم 150 شجرة بمحيط الكرنك، وإنهاء أزمة الكنيسة الإنجيلية بإيجاد مكان بديل لها.
جانب آخر من مدى التعامل في التنسيق بين الدولة والأهالي، فمثلاً في 6 مايو 2018 غضب أهالي القرنة من كوبري الكباش الثالث وطالبوا بإقامته أعلى الطريق لخدمتهم في التنقل بالمعديات من الغرب للشرق، وهي الأزمة التي تم حلها بعد 5 أيام فقط حين تأسس طريق للسيارات يساعد الأهالي.
وفي 21 يناير سنة 2019 تم الإعلان عن الانتهاء من 90 % وفي 4 يناير 2021 تم الانتهاء من 97 % من المشروع ليأتي منتصف العام ويتم الاعلان عن نهاية المشروع ليتم افتتاحه في حفل ضخم يوم 25 نوفمبر 2021 م.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال