عملة نادرة الحلقة الأولى.. الظلام سيد الموقف
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
من المفيد أن يزخر عملك بكم كبير من المواهب، ولكن من العجيب ألا تحاول استغلال تلك المواهب، أو الأسوأ وهو أن تهدرها في أثناء محاولتك للاستفادة منها، أي لا تحسن الاستفادة من تواجدها معك، وهذا الهاجس ينتابني كلما شاهدت عملًا يجمع العديد من المواهب الحقيقية، فأحيانًا كثرتها قد تضر بالعمل، وهذا ما لا أتمناه لمسلسل عملة نادرة للمؤلف مدحت العدل والمخرج محمد العدل.
اتسمت الحلقة الأولى بسمة حلقة الفعل الواحد ثم سرد ردود الأفعال حوله، ومن خلال هذه الطريقة نتعرف على الصراع والشخصيات، ورغم أن طريقة حلقة الحدث الواحد في الغالب ما تكون مصابة بالترهل والبطء وهو ما حدث بالفعل في عملة نادرة، ولكنها قد تكون ميزة إذا كان الحدث الذي نشاهده فيها هو الحدث المحرك للعمل.
وساعد على الترهل أيضا الحوار، فالحوار بطيء رتيب ممل ولولا المهارات التمثيلية للممثلين لقلت أن الشخصيات جميعا تحدثت بنفس اللسان والطريقة والأسلوب، فقارن بين أي مشهد ومشهد فلن تجد تميزًا بين حوار شخصية عن الأخرى، كذلك ستجد الحوار يقع في فخ شديد السذاجة وهو فخ تقديم الشخصيات لنفسها ولعل المشهد الأبرز لذلك هو مشهد ظهور الوجه الجديد هشام عاشور الذي قدم مشهد من أسوأ ما يكون سواء على مستوى التمثيل أو الكتابة.
وعلى الرغم أن نهاية الحلقة جاءت قوية ولكنها لم تكن مباغتة على الإطلاق، فبشكل شخصي توقعت الأمر من منتصف الحلقة، لأن تلك النهاية هي السبيل الوحيد والمبرر لاعتماد على الحدث الواحد، ربما ما خفف من حدة تلك المشكلات التي شهدتها الحلقة الأولى هو الأداء الهادئ والبسيط لكلًا من محمد فهيم وأحمد عيد.
آفة مسلسلات الدراما الصعيدية في مصر هي “الحزق” وهو ما تساعد عليه اللكنة أيضًا، فيلجأ الجميع ربما بدون وعي إلى الحزق المبالغ فيه في النطق والكلمات ويتبعه هذا مغالاة في الأداء مثل ما حدث مع علي الطيب ومريم الخشت في الحلقة الأولى، ولكن وسط كل هذا الحزق جاء أداء عيد وفيهم بسيطًا هادئًا بدون مغالاة في الكلمات، مروضًا للكنة الصعيدية الصعبة.
يبدو أننا أمام دراما الشخصيات فيها تخفي أكثر ما تظهر – أو هكذا أتمنى- وربما هذا هو السبب لاختيار المخرج محمد العدل تلك الإضاءة الخانقة المظلمة حتى في أشد لحظات النهار وضوحًا وفي المشاهد الخارجية فكأن هذه البلدة تقع تحت سحابة ملبدة يلفها الضباب والغبار، والأمر الذي جعل الصورة غير واضحة في العديد من المشاهد فطمست بعض ريأكشنات الممثلين خلفها فكان الظلام سيد الموقف.
الحقيقة أن الظلام سيد الموقف بالنسبة للمسلسل ككل، فالحلقة الأولى على الرغم مما بها من مشكلات ولكنها تعطي وعودًا لا بأس بها على الإطلاق بالنسبة للمشاهد، ولكنها ليست ذات إغراء كافي خاصة إذا استمرت الحلقات بنظام الحدث الواحد واستمر الحوار بنفس المشكلات.
الكاتب
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال