همتك نعدل الكفة
307   مشاهدة  

عندما انتحل شيخ مُعمم شخصية بيرم التونسي واكتشفه بيرم الحقيقي

بيرم التونسي
  • كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



كاد بيرم أن يشد في شعر رأسه وهو يكتب هذا الموقف الذي نشرته الجرائد قديمًا بعناوين عن ظاهرة (التبيرم) حيث انتحال شخصية بيرم التونسي للاسترزاق من الزجل على مقاهي الإسكندرية .. وكتب بيرم متعجبًا : كان ذلك منذ سنين طويلة .. وكنت أزور الأسكندرية .. فدعاني أحد الأصدقاء إلى سهرة ممتعة .. وقال إنه سيفاجئني فبها بمفاجأة مدهشة .. وقد كانت آية الإدهاش حقًا .. فقد قصدنا إلى مقهى بلدي رأيت زبائنه يجلسون في حلقة حول شيخ معمم، كدت أصرخ من الدهشة حينما قيل لي إنه بيرم التونسي الزجال المعروف .. دهشت حقًا لأني لم أكن أعلم أن بيرم كان في ذلك الوقت شيخًا معممًا، بل الذي كنت أعلمه أنه (أفندي ابن حنت) .. كما يقول في أزجاله !

وتقدمت إلى الشيخ أصافحه بكل إجلال واحترام .. ورجوته أن ينشدنا شيئًا من زجله، فأبى أن ينشد زجلًا، ولكنه أبدى استعداده لأن يسمعنا ما أحب من ذلك، وهو أول قصيدة نظمها من الشعر (الحلمنتيشي) منذ أيام، وكان عنوانها (المجلس البلدي) .. وكنت أعرف أنها أحدث وأفكه ما نَظَم بيرم، فسررت سرورًا عظيمًا لأن أسمعها من فضيلته شخصيًا .. وتنحنح الشيخ، ثم أضطجع إلى الوراء، وأنشد يقول :

قد أوقع القلب في الأشجان والكمد
هوى حبيب يسمّى المجلس البلدي
ما شرّد النوم عن جفني القريح سوى
طيف الخيال .. خيال المجلس البلدي
يا بائع الفجل بالملليم واحدة
كم للعيال وكم للمجلس البلدي؟
أمسي وأكتم أنفاسي مخافةً
يعدها عامل للمجلس البلدي
وإن جلست في جيبي لست أتركه
خوف اللصوص وخوف المجلس البلدي !

إلى آخر القصيدة الفكاهية التي ألقاها علينا (الشيخ بيرم) فأبدع في إلقائها، واستحق من الجميع كل التقدير والإعجاب .. كدت من فرط تعجبي أن أصفعه على قفاه .. فلم يكن (بيرم التونسي) الزجّال وصاحب القصيدة إلا أنا شخصيًا وليس ذلك الشيخ المُدّعي ! .. وأظنك لا تصدق ولا تتصور أن صفاقة تبلغ صفاقة هذا الشيخ الذي جابهته بشخصيتي، فراح يتهمني بالإدعاء وسهددني بمقاضاتي إذا تماديت في ادعاء شخصيته !.. وكان أكثر الجالسين في المقهى لا يعرفون شخصي، ولكنهم كانوا يثقون في الشيخ ولا يشكّون في أنه (بيرم التونسي) منذ أن وفد على ذلك المقهى، وقال لهم إنه بيرم وإن ظروفًا خاصة تضطره إلى التخفي في هذا الزي .. ولشد ما كانت دهشتي حينما وجدت أكثرهم – وهم من فتوات الأنفوشي– يصدقونه ويكذبونني، مما زاد الشيخ تبجحًا فراح يطالبني بشهادة ميلادي ليثبت أنني كاذب مدعي .. وأخذ يؤنبني بكل صفاقة، ويقول : – هذه المرة سأسامحك .. ولكن إذا عُدت إلى هذا الادهاء فإن وقعتك ستكون سوداء .. !

وأخيرًا تمكّن صديقي الذي دعاني إلى هذه المفاجأة من إقناع الناس بالحقيقة فانهالوا على الشيخ ضربًا، حتى فر من وجوههم بعد أن قطعت جبته، وبقيت من آثاره عمامته، فاحتفظوا بها رهينة إلى أن يعود ليزيدوه تأديبًا . ولكنه لم يعد –طبعًا- ولعله بحث عن مقهى آخر (يتبيرم) فيه دون أن يتطرق إليه بيرم الحقييق الذي هو أنا .. !

 

إقرأ أيضا
الأسامة

 المصدر : مجلد نوادر الصحف المصرية

الكاتب

  • بيرم محمد فهمي سلامة

    كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
1
واااو
1


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان