عندما لا تملك غير ضعفك .. فتتفوق منى زكي في لعبة نيوتن

لم نحبس أنفاسنا مع منى زكي في لعبة نيوتن إلا لأننا عشنا معها على مدار الحلقتين الأولي والثانية وصدقنا أنها هي “هنا” السيدة المغلوبة على أمرها التي لم تأخذ من الحياة فرصها العادلة لتثق بنفسها وتعرف أنها تستطيع أن تتدبر أمرها وحدها

كيف أمسكت منى زكي بتفاصيل هذه السيدة المهزوزة التي لا تشبهها، قلق دائم، خوف من أبسط الأشياء في الحياة من انقطاع الكهرباء وحتى كلاب الشارع ومحاولات مستمرة لإثبات جدارتها أمام زوجها المستغل لضعفها وقلة حيلته والذي يقوم بدوره الفنان محمد ممدوح (تايسون) بإحساس قوي وإتقان كبير .

استطاعت “هنا ” ان تستحوذ على عاطفتنا وأصبحنا نترقب مصيرها بقلق بالغ حول سيدة أرادت التقدير من زوجها قبل أن تستحقه هي وتشعر به في داخلها .

فكان منطقيًا أن تطيع وتذهب في رحلة عمل إلى الولايات المتحدة تخفي حملها بإيعاز من الزوج الذي يقود دائمًا بينما تتطلع إلى النجاح في مهماتها التي يكلفها بها دائمًا لتنال التقدير ، وهو التقدير الوحيد الذي تبحث عنه ” هنا ” في الحياة والذي تأخذ عنه قيمتها ليبرر لنا بكل منطقية أن يتمرد المهزوم على حارسه الأمين ويختار أن يثبت كفاءته في المهمة الأصعب على الإطلاق من كل الرحلة التي عاشتها أو ظنت أنها هي من عاشت.

لمن لم يتابع المسلسل ( لعبة نيوتن  ) فهو يسرد  رحلة حازم وهنا الزوجين اللذين يخططان في سرية تامة لإنجاب طفلهما على الأراضي الأمريكية، طبعًا ليحصل ابنهما المنتظر على الجنسية التي يحلمان أن تكون تميمة الحظ التي يهبونها له بدلًا عن حظهما الضيق في الحياة، ولكن تتعقد المغامرة شيئًا فشيئًا وتأخذهما في مواجهة كل منهما أمام الآخر ما يمهد لثورة الزوجة  ” هنا ” التي تقوم بدورها النجمة منى زكي والتي قامت كمارد يرتعش تتملكه عقد النقص التي شكلتها كامرأة من بيئة اجتماعية متوسطة ومحافظة على بناتها من كل الفرص .

جاءت علاقة ” هنا ” بوالدتها تجسيدًا واقعيًا على تبعيتها الكاملة لكل ولي أمر لها – امرأة هشة  بكل ما تحمله الكلمة كل من المجتمع وأسرتها الصغيرة يحق له أن يسوقها ويعنفها ويحط من قدرها بينما هي تعتذر  لهم عن كل حق لها لم تدركه.

لا أريد أن استبق الأحداث بالكاد شاهدت حلقتين من المسلسل إلا أنني أتوقع أن تكون النجمة منى زكي هي الحصان الرابح بين النجمات لهذا الموسم والذي سيكون نتاجًا لما يقدمه لنا مخرج العمل تامر محسن فمهما حمل العمل اسم نجم بحجم منى زكي فلا يمكن أن يضمن ذلك المشاهدة والنجاح بغير مخرج استطاع أن يجذب المشاهد إليه منذ اللحظة الأولى من خلال أحداث تركض بوتيرة تغلف أجواء المشاهدة  بتوتر وترقب  بكل التفاصيل الحقيقة التي حافظ عليها مخرج العمل إضافة إلى قيادته لجميع الممثلين ممن ظهروا خلال الحلقتين  سواء كانوا شخصيات رئيسية أو ثانوية – كان جميعهم شخصيات حقيقية كما في الحياة ظهروا في مشاهدهم بأحجامهم الواقعية  .

يبدو واضحًا من المشاهدة لما عُرض من مسلسل لعبة نيوتن أنك أمام عمل درامي يقوده المخرج وهو رئيس العمل الشرعي وفق ” الكار ” فلا تلحظ للنجمة أي أثر بل ترى ” هنا ” بإنجليزتها الركيكة ووجهها الذي انصاع في بعض المناطق الصغيرة للجاذبية الأرضية بتجاعيد طبيعية حقيقية تطل عبرها البطلة بأوجاع وحمول “هنا ” غير تضائلها أمام زوجها وفي صحبة زملائها أثناء رحلة العمل وهي تخفي عنهم حملها بينما لم تخفي خيباتها حتى وهي تتخلف عن العودة معهم إلى مصر لقد كان العمل هو النجم فصدقته.

حتى اللحظة لم أجد نفسي في وضع يرقب ويتصيد الأخطاء المهنية الواردة في أي عمل ولم تزعجني تفصيلة بعينها بشكل عام ولن أتوقف أمام الصورة والألوان والاكسسوارات الخ ، حيث بدى لي كل شيئ متقن من نقطة ختم الجوازات في المطار على الآراضي الأمريكية حتى وشاح ” هنا ” الرخيص  الذي تخفي به حملها .

لذا يمكنني أن أوجز وأقول أنني نسيت أثناء المشاهدة أنني أتابع دراما لذلك صدقت كل التفاصيل بأبطالها الذين خلقهم المخرج بأبعاد إنسانية حقيقية في وضوحها وتضادها دون تسطيح .

إقرأ أيضا

كيف حال (ها) في مصر الآن ؟

أرشح مسلسل لعبة نيوتن للمشاهدة ربما يكون المسلسل الوحيد ضمن باقة الأعمال الدرامية الرمضانية الذي يناقش تفاصيل حياة الطبقة المتوسطة بمشكلاتهم القريبة من روحهم وحقيقتهم بكاميرا مخرج يمكنه أن يروي حكاياتنا نحن بعدسة قريبة تحمل وجوهنا الحقيقية فتخفق معها قلوبنا أثناء المشاهدة.

مسلسل “لعبة نويتن ” من بطولة منى زكي ، محمد ممدوح ، محمد فراج ، سيد رجب ، عائشة أحمد،  أسامة الهادي ، والممثل المصري الأمريكي أدهم الشرقاوي وقصة تامر محسن وكتابو ورشة السيناريو بمشاركة مها الوزير مع سمر عبد الناصر، عمار صبري ومحمد الشخيبي وطبعًا إخراج تامر محسن ومن إنتاج ميدياهب – سعدي – جوهر .