“عن أول جمعية إطعام في مصر” موقعها في باب اللوق وسقطت من الذاكرة

في قلب ميدان باب اللوق وقبل 115 سنة من الآن، بدأ تاريخ أول جمعية إطعام في مصر وإن كانت تخصصت في إطعام المرضى من الفقراء فقط، لكنها كانت بذرة جمعيات الطعام.

كيف جاءت فكرة أول جمعية إطعام في مصر

اكتسبت أول جمعية إطعام في مصر اسم “جمعية تغذية المرضى الفقراء”، وكان صاحب الفكرة هو طبيب الأطفال عبدالعزيز نظمي وكان اسمه كاملاً عبدالعزيز عبدالرزاق نظمي، من مواليد القاهرة سنة 1878م، وتعلم فيها ثم سافر إلى مصر وتخصص في طب الأطفال، ليعمل في مستشفيات الأوقاف بعد عودته، ووضع سلسلة كتب طبية، إلى أن توفي سنة 1945م.[1]

الفكرة التي تولدت عند عبدالعزيز بك نظمي، شاركه فيها آخرون ولاحقًا صاروا هم أعضاءها، وكان السبب فيها غلاء أسعار الطعام على الفقراء، ولأن من علامات الشفاء من المرض هو التغذية السليمة، رأى مجموعة من الأطباء تأسيس تلك الجمعية.

في إبريل من العام 1909م، تم إشهار الجمعية بانتخاب مجلس إدارة مؤقت برئاسة الطبيب عباس حلمي، ونائبه عبدالعزيز نظمي، بينما تولى أمانة الصندوق محمد خلوصي، وكان كاتب السر هو جرجس نخلة، ومساعده ميشيل مرزا، وعضوية عبدالرحمن ذهني ومحمد صادق وحسيب نجار وميخائيل داود، ويوسف عاذر.

تقرر أن يكون الاشتراك في جمعية تغذية المرضى الفقراء بـ 500 قرش صاغ سنويًا عن العضو الدائم، و60 قرش سنويًا عن العضو العامل، ويتم دفعها على أقساط لا تزيد عن 4 أقساط، وتم إيداع طلبات الاشتراك عند أعضاء مجلس الإدارة.

اتخذت الجمعية 3 مقار لها كلها صيدليات، الأولى في صديلية الغوري في ميدان باب اللوق وكانت هي المركز المؤقت للجمعية، ثم صيدلية لوندره في شارع كامل صدقي باب الشعرية، ثم صيدلية الحرية في شارع الضاهر.[2]

بدأت الجمعية عملها في 20 مايو سنة 1909م بدأ عمل الجمعية في 20 مايو 1909م بميزانية تسمح بإطعام 10 مرضى فقراء، ودعت رموز مصر للتبرع لها، ثم وجهت نداءًا للأطباء بأن يبعثوا بمرضاهم الفقراء للصيدلات الثلاث.[3]

أخذ مؤسسو جمعية تغذية الفقراء المرضى بالدعاية للجمعية، وقاموا بتنظيم قوائم الأعضاء المعاونين لهذا المشروع الخيري النبيل بالعدد الذي تتمكن الجمعية بواسطته من أن تؤدي عملها الانساني على صورة مكفولة بالنجاح واسعة المدى، وطبعوا لذلك آلاف من تذاكر الاشتراك وزعوها في أنحاء البلاد، وتحمس الناس لهذه الفكرة السامية واشترك الكثيرون في هذه الجمعية، إلى أن جاءت أم المحسنين أمينة هانم إلهامي زوجة الخديوي توفيق وأم الخديوي عباس حلمي الثاني، وقررت أن تساعدها وتمنحها رعايتها، فبعثت بطلب لرئيس الجمعية، وأعلنت عن تخصيص مبلغ 10 جنيهات بدءًا من ديسمبر سنة 1909م.[4]

من المفارقات أن الجمعية قررت أن لا يكون عملها قاصرًا على المصريين وإنما للأجانب الفقراء، فضلاً عن عدم إعطاء أيٍ من اللاجئين نقودًا حتى تضمن أن لا ينفقها في غير ما أعطيت له من أجله، ولذا وضعت في المادة 16 من قانونها نصًا يقول «تصرف الجمعية الإعانة الغذائية لكل مريض فقير بدون استثناء في الجنسية والديانة مباشرةً بناءً على أمر الطبيب وبقرار من اللجنة التنفيذية حسب ما تسمح به الميزانية، وفي أي حال من الأحوال لا تكون هذه الإعانة نقدية بل من غذاء فقط».

ونجحت الجمعية في أن تنهض على قدميها واستطاعت أن تدرج في صفحات الوجود، ثم أخذت تنظيم استيراد الطعام الخاص بالمرضى وقصرته على اللحم واللبن، ولا يتم صرف شيء من هذا الغذاء إلا بأمر الأطباء وباستمارة خاصة ويتقدم بها المريض عن طريق طبيبه.

إقرأ أيضا

أزمة الأغنية المصرية (1) : الشعر الغنائي … يا أهل المغنى دماغنا وجعنا

تم إنشاء 3 فروع لهذه الجمعية في المناطق الآهلة بالسكان الفقراء فكان أولها في عابدين والثاني في العباسية والثالث في باب الشعرية، ومع قيام الحرب العالمية الأولى، أصيبت المرافق الاقتصادية بالشلل، فتشتت أعضاء الجمعية وأغلقت أبوابها.

[1]  الزركلي، الأعلام، ج4، ط/15، دار العلم للملايين، بيروت – لبنان، مايو 2002م، ص21
[2]  جريدة مصر الفتاة، عدد 3 إبريل 1909م، ص2.
[3]  المصدر السابق، عدد 19 مايو 1909م، ص2.
[4]  مجلة الدنيا المصورة، ع122، يوم 11 ديسمبر 1930م، ص7.