همتك نعدل الكفة
1٬100   مشاهدة  

عندما سأل أبي: هل تبحث “سي تي في” عن متبرعي الكلى “لله في لله”؟

الكلى


مضطرا يأتي إلى مسامعي وعيناي بعض من مقتطفات التليفزيون القديم في بيتنا، الذي يؤنس أبي وأمي، خصوصا أمي لأنها متدينة حبتين كمثل أي أم مصرية.. فأمي لا تمسك الريموت لتغيير قناة “سي تي في” إلا في حالة واحدة، لو كان موعد عظة أبونا “مكاري يونان” على قناة “الكرمة”.. قصة قناة “سي تي في” طويلة مع المسيحيين في مصر.. فهي “الكنيسة التي في بيتك” كما يقول شعارها الشهير.. فقد بدأت القناة  بثها في عام 2007 على القمر الصناعي المصري، لتكون القناة الثانية التابعة للكنيسة المصرية، بعد قناة “أغابي”.
لكن “سي تي في” بعد فترة قصيرة من بثها، بدأت في عمل برامج عامة للصحة والأطفال، وحتى السياسة ومواد مختلفة لتبدو قناة عامة، بالإضافة لإذاعة وعرض القداسات والترانيم والبرامج الدينية.. وبالفعل نجحت القناة أن تتحول إلى قناة مثل أي قناة مصرية.. بسم الله ما شاء الله.. كلها إعلانات عن منتجعات وقرى سياحية ومستشفيات تجميل خاصة، كلها لرجال أعمال أقباط.. بالإضافة لفقرة إعلانات الفقراء والتبرعات والمشاريع القومية.
فرح الأقباط لانفتاح كنيستهم وقناتهم لاستضافة المسلمين في فقرات برامجهم.. وزراء وإعلاميين وفنانيين ومفكرين.. .. وكان من أهم تلك البرامج العامة، برنامج التوك شو “في النور” الذي يعرض كل مساء منذ عدة سنوات.. وكان يقدمه المذيع “أيهاب صبحي” بمشاركة المذيعتين ” عايدة يوسف” و “نانسي مجدي”، قبل أن يغادر صبحي البرنامج باكيا على الهواء، رغم أن الخلاف بينه وبين الإدارة كان على المقابل المادي للتجديد.. واكتفى “صبحي” بالتمثيل في الأفلام الدينية المسيحية، وعمل الإعلانات للقرى السياحية على نفس القناة.. لكن المسيحيين الحقيقة لم يتمكنوا من السكوت على تعيين مذيع مسلم، خلفا لإيهاب صبحي، وهو الصحفي “أشرف عبد المنعم”، فقد حدثت أزمة فور إعلان اسم “عبد المنعم”.. ودشن عدد كبير من الأقباط حملات لمقاطعة “سي تي في”، وكل أسباب الرفض تنحصر في “ديانة” مقدم البرنامج الجديد.. لأنه مسلم.. طيبين قوي المسيحيين دول يا أخي ومش عنصريين ولا طائفيين بالمرة.

أبي يهوى ومتعود على مشاهدة برنامج “في النور” كل مساء، لاسيما لو كان حاضرا في بيتنا صديقه الأنتيم “عم إسحق”، الفلاح خفيف الدم، والذي يجعل أبي يضحك بصوت عال، لا نسمعه إلا في حضور “أبو أشرف” .. يشاهدا البرنامج ويعلقا على فقراته، وينتظر أبي ويلقفه الخيط لتطلع إفيهات “عم إسحق” على كل ما يدور.. لا يحب أبي المذيعة “عايدة” ويراها ثقيلة الظل.. ينتظر فقرة “المفقودين” ليتعاطف معهم ويتابع من “التايه” الجديد في القائمة، ومن مازالت صورته تتصدر الفقرة رغم مرور السنين..سيدات.. وأطفال ومسنين وشباب، عدد كبير من المفقودين.. كل مساء يدعون لهم بالعثور عليهم أحياء ويردهم لبيوتهم وأهلهم سالمين..

لكن لأن أبي وصديقه فلاحين ولا تفوت عليهم الفوتة.. يتعجبون من فقرة ثابتة في البرنامج

الكلى
غير فقراته العامة، والأخبار، واللقاءات، والمداخلات، ومناقشة الموضوعات المطروحة على الساحة.. لكن يتخلل البرنامج إعلان لبعض الأشخاص _يتغيرون كل مرة بالطبع_ يبحثون عن متبرع للكلى!.. يتعجب أبي وصديقه ويتساءلا عن “اللي اتقر في نافوخه” ويتبرع بكلاويه.. أول مرة أسمع صوت المذيعة وهي تعلن عن أسماء مرضى بالفشل الكلوي، يبحثون عن متبرع بالكلية بمواصات كذا وكذ.. ومع الاسم رقم التليفون للتواصل.. طيبة أمي تقول “ولاد الحلال” كتير.. فكرت أن أقول لها يا أمي، لا يوجد قانون يتيح نقل الأعضاء إلا بالتبرع، وأن المتبرع سوف يحصل على مقابل لبيع جزء من جسده بسبب العوزة والفقر.. أصمت محاولا عدم تدنيس طهرها وإيمانها بكل ما هي مؤمنة به.. فلا يمكن أن تصدق أمي أن قناة الكنيسة تفعل ذلك أو تشترك فيه.. لكن أمي ينظر لها خاتما الحديث “أنتي موكلة وعلى نياتك”.

اقرأ ايضا

طقس ديني وبديل للنقود .. لماذا حرمت الكنيسة تناول الشوكولاتة؟

إقرأ أيضا
كهنوت

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
2
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
1
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان