همتك نعدل الكفة
253   مشاهدة  

فولكلور عرض يدخلنا في رحلة تاريخية من القديم إلى الحديث

فولكلور
  • إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



إن كنت من محبي الرقص الحديث فعليك بمشاهدة عرض فولكلور للمخرج عصام عزت وستجد نسخة منه بموقع يوتيوب بعد عرضه بدار الأوبرا المصرية منذ سنوات.

وسنحلل هذا العرض من حيث كل العناصر الفنية التي استخدمها المخرج.

الدراما الحركية

كانت الحركات  بالفصل الأول على مستوى واحد في المجموعة الراقصة بانتظام بنوع الرقص المعاصر على إيقاع موسيقي بطيء منذ البداية، وأدخل المخرج حركات استخدمها المصري القديم تناسب العرض الذي يمثل التاريخ المصري القديم.

وبدأ العرض بشاب وفتاة يرقصون سويا ثم انضمت إليهم بقية للمجموعة والراقصين.

حركات الأيدي كلها كانت تعبر عن الحقبة التاريخية الخاصة بهذا العرض، فيما كان يرقص الراقصون على مسافات منتظمة من بعضهم البعض.

وكأن كل لقطة وحدها تمثل لوحة فنية راعى فيها الفنان التوازن والشكل الهندسي المنسق.

كانت الرقصات معظمها تميل لتكون أقرب إلى الأرض، وهذه من سمات الرقص المعاصر.

فيما كثرت هذه الحركات التي كان الراقصون يحتكون فيها بالأرض مباشرة بالفصل الثاني من العرض الذي بدأ أيضا براقص واحد وراقصة واحدة

فيما كانت رقصة الفصل الثاني بين راقصة وراقصة فقط في ابداع حركات حديثة جمعت بين الراقصين على الأرض على الإيقاع الموسيقي

وبالفصل الثالث عاد المخرج لاستخدام المجاميع بحركات نوبية بعيدة تماما عن رقص البالية المتعارف عليه، وكأن الباليه المعاصر يقبل كل أنواع وأشكال الرقص ويحتوي كل ألوانه، بهذه المرونة التي جمعت بين الباليه والرقص النوبي بفصل واحد.

وبالفصل الرابع عاد المخرج لاستخدام راقص وراقصة فقط أمام بعضهما البعض في حركات تناسب الجو الشرقي، فكان الرقص مزيجا من الباليه الحديث مع حركات بسيطة من الرقص الشرقي.

ثم بالفصل الخامس نعود لرؤية مجموعة من الصعايدة تنتشر بالمسرح كله في توزيع جيد جدا من المخرج، يرقصون بالعصا في مزيج من الرقص الحديث والرقص التراثي الصعيدي في هرموني مع الموسيقى التي بدأت بإيقاع بطيء ثم بإيقاع سريع.

بالفصل السادس نرى مشاهد بين رجل بالطربوش وامرأة بالملاءة اللف ، يرقص في الهواء كسمة من سمات الباليه ثم يقع على الأرض في دلالة على حالة الهيام والاستسلام أمام الفتاة الجميلة.

وكان الرقص يعبر عن التراث الشرقي ممزوجا بحركات من الرقص الحديث ، وبالفصل قبل الأخير تطور الرقص الشرقي لرقص شعبي سكندري من مجموعة من الفتيات ثم اختتم المخرج العصر برقص تعبيري متحرر حديث.

الديكور

مثل الديكور في كل فصل البيئة التي تميز كل رقصة ففي الفصل الأول كانت الخلفية شكل معبدًا حتى تكون الرقصات في رحب هذا المعبد، مما أضاف شعور بالقدسية وكأن هذه الرقصات قامت من أجل التعبد.

.

وجعل المخرج الفرقة النوبي بالفصل الثالث بين ديكور لسلسلتين كبيرتين، فجعل التركيز دائما حول هذه المجموعة التي وضعها بينهما.

فيما استخدم البروجتكور لعرض صورة للبيوت النوبية على الشاشة، ثم غير في الديكور بذكاء، فأخفى الشاشة وأنزل من أعلى ديكورات على هيئة اكسسورات نوبية.

أما عن الفصل الرابع الذي كان حول التراث الشرقي، فكانت الخلفية باب في منتصف أعلى المسرح من الأبواب الإسلامية الشرقية من الخشب.

فيما بالفصل الخامس الذي مثل التراث الصعيدي ، عرض على الشاشة منظرا لنخيل يعبر عن الصعيد، فيما عاد المخرج للرقص الشرقي ولكن الشعبي منه، وعرض ديكورا على الشاشة يمثل وسط البلد والأرابيسك.

وبالفصل السادس نرى ديكورا يعبر عن التراث الشرقي بخلفية بشاشة تصف شوارع وسط البلد وتصميمات الأرابيسك، في ديكور لم يبتعد كثيرا عن ديكور الفصل الرابع الذي عبر عن التراث الشرقي أيضا ولكن جاء الخامس ليعبر عن وقت الملاءة اللف والرقص الشرقي الذي يكون بفستان شعبي.

الموسيقى 

كانت الموسيقى  بالفصل الأول بإيقاع بطيء وجمل لحنية ثابتة ومتكررة توحي بالعصر المصري القديم استخدم فيها الطبول والدرامز لتوحي بالإثارة واستخدم فيها آلة القانون والبيانو من الآلات الإيقاعية.

وبالفصل الثاني اذهلتنا الموسيقى بحالة جديدة تعبر عن العصر الروماني واستخدمت فيها الأجراس بشكل ملفت للانتباه، ثم جاءت نقلة مختلفة بالفصل الثالث باستخدام موسيقى النوبة على وقع الدفوف.

أما بالفصل الرابع الذي عبر عن التراث الشرقي، فكانت الموسيقى على وقع الرق والقانون والعود الذين مثلوا هذا العصر بوضوح تام وبإيقاع متوسط السرعة .

أما بالفصل الخامس فكانت الموسيقى تعبر بإيقاع بطيء في البداية عن الفولكلور الصعيدي، فيما دخلت الات أخرى بالايقاع فأصبح الإيقاع سريعا، وعلى وقع الدفوف والمزمار والأورج.

وبالفصل السادس كان العود من تصدر اللحن تعبيرا عن حالة الرقص الشعبي، وفي الفصل  قبل الأخير سمعنا إيقاعا سريعا رشيقا يحمل في طياته أجواء رقص الفتيات السكندرية على إيقاع الرق والطبلة والأوكرديون.

أما بالفصل الأخير فلجأ المخرج لموسيقى كلاسيكية إيقاعها بطيء يتناسب مع حركات من الرق صالحديث حرة بين ثلاث من الراقصين.

الملابس

كانت الملابس بطلة أساسية من أبطال العرض، فالعرض تحت اسم فولكلور يعبر عن التراث المصري بكل أشكاله، وكانت الملابس تعبر عن حالة كل فصل من الفصول.

كانت ملابس العرض تمثل كل حقبة تعبر عن الرقصات بكل فصل، في الفصل الأول الملابس  عبرت عن العصر المصري القديم بالتنورة القصيرة التي يتميز بها المصريون القدماء والألوان التي ظهر بها المصريون على المعابد بجزء من الملابس (الكت) على تنورة قصيرة بقطعة من القماش تزينها تظهر من الأمام.

إقرأ أيضا
يوجا

أما بالفصل الثاني فكانت الملابس تعبر عن العصر. الرزمانس، بيضاء بكتف واحد وبلا نقوش، فيما بالفصل الثالث كانت تعبر عن الحضارة النوبية وتراثها بالألوان المميزة المعروفة لملابسهم، باللون الأخضر والأبيض والأزرق، فيما استخدم المخرج بالديكور ألوان بيوت النوبة لتتوحد مع ألوان الملابس. ثم نرى ببقية الفصول ملابس صعيدية وملابس شرقية سكندرية، فبفصل الصعايدة نرى القفطان والعصيان، وبفصل الرقص الشرقي المصري نرى بدلة تقترب من بدلة الرقص ولكن ببنطال كي تتناسب مع الرقص الحديث، وبفصل الرقص الشرقي  الشعبي، ترقص الفتاة بفستان  ويشمك وملاءة لف، فيما يرتدي الشاب بدلة وطربوش مناسب لهذه الحقبة. 

فيما جاء فصل آخر قبل الأخير  بملابس الفتيات السكندريات بالفستانين الملونة والملاءة اللف والتي ناسبت حالة الفصل الأخير.

بالفصل الأخير يعود المخرج وينهي الفلكلور برقص حديث، وكأنه وصل برحتلنا معه لعالما الآن، برقص تعبيري متحرر بقمصان للراقصين مفتوحة، وفستان أحمر بسيط للراقصة بينهما.

الإضاءة

 كانت الألوان تميل للون الأزرق والأسود التي توحي بغمزض عصر سبق لم نعيشه من قبل في الفصل الأول والثاني 

وكانت الإضاءة بالفصل الثالث التي عبرت عن الحضارة النوبية بالوان الملابس، الازرق والاخضر. فيما استخدم اللون الأحمر بالفصل الذي عبر عن الرقص الشرقي الشعبي، ليوحي لنا بالسهر والسمر بين رجل يقع في حب امرأة ترتدي الملاءة اللف، فجاء اللون مناسبا للحالة.

فيما كان يسلط بؤر من الضوء على الراقصين في كل فصل كان به راقص أمام راقصة، فكان الرقص المنفرد على سبيل المثال للراقصة الشعبية بمنتصف المسرح يحتاج لدائرة من الضوء كي يركز معها الجمهور وكي يرقص حولها الراقص ليوحي أنه يرقص في فلكها وعالمها الذي وقع في شباكه بعد حبه لها

اقرأ أيضا…أوديب عقاب القدر لمن يعانده

الإخراج

المخرج عبر عن نوستالجييا يعيشها عبر بها عن العصور التي مرت على مصر من عصر المصريين القدماء مرورا بالعصر الروماني والإسلامي  وحتى العصر الحديث.

YouTube player

نجح المخرج في إدارة المجاميع بشكل جيد، وكل حركة كانت بمكان منضبط على مسافة واحدة بين الراقصين في أشكال هندسية  متوازنة، فيما جاءت الحركة المتحررة فقط في الفصل الأخير الذي عبر عن الرقص التعبيري الحديث.

استغل المخرج عصام عزت كل العناصر بشكل جيد جدا، بداية من الإضاءة التي مثلت بكل لون حالة كل فصل من سهر ليلا باللون الأحمر وحتى الإضاءة البيضاء في الفصل ال ي عب رعن هوية الإسكندرية والرقص أمام الفنار نهارا.

اهتم المخرج بالدراما بالعرض، فقد رأينا في عرض فولكلور حالة من التعبد في محراب معابد مصر القديمة بالرقص، ورأينا حالة حب بالرقص الشرقي الشعبي عبر عنها الراقصين.

فلم يغفل عصام عزت أن تكون هناك حدوتة ما بالفصول القصيرة التي شاهدنها، وعبر عن كل حقبة مرت بها مصر بشكل جاذب وبوقت قصير لا يسبب مللًا للجمهور.

الكاتب

  • فولكلور إسراء سيف

    إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
1
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان