فيضان العسل.. قرصة النحل التي كبدت أمريكا 100 مليون دولار

صباح يوم 15 يناير 1919 م، كانت أمريكا تتابع عن كثب ما ستفعله أوروبا من إصلاحات بعدما فتكت الحرب العالمية الأولى بكل مواردها البشرية والاقتصادية، لكن تعطلت أمريكا ونالت ما نالته أوروبا من خسائر، لكن السبب لم يكن نتيجةً للحرب وإنما جراء “العسل الأسود”.

الطبيعة و أمريكا لهم علاقة بالغة التوتر عبر التاريخ، وتكبدت أمريكا خسائر بمليارات الدولارت نتيجة للأعاصير والزلازل على مدار قرن من الزمان، لكن شكل الطبيعة مع أمريكا تطور سنة 1919 م، وبدلاً من أن تكون المياه والسماء عنصرين في الدمار، كان العسل أشد عليها من الأعاصير.

في مدينة بوسطن عاصمة ولاية ماساتشوستس، كانت شركة بورايتي تقوم بتحول العسل الأسود إلى مشروبات كحولية، وتأزمت ظروف الشركة حين قررت الحكومة الأمريكية حظر التجارة في المشروبات الكحولية ووضعها على قوائم السلع غير القانونية، وحددت الحكومة مدة زمنية لتحقيق هذا القانون.

أراد إدارة الشركة الإسراع في تحويل العسل الأسود إلى مشروبات حتى تنجح في بيعه قبل المنع القانوني، وكان العسل الذي تملكه الشركة موجوداً بنظام التخزين داخل خزان ضخم له عيوب في التصميم بالغة الخطورة.

بدأ تسرب العسل من الخزان، ورغم علم الشركة بعيب تصميم الخزان استمرت الشركة في شحن العسل بعد تحويله، ووضعت دهاناً باللون البُنِّي على جسم الخزان لكي لا تلاحظ الحكومة أي شيء هندسي فيه.

الضابط فرانك مامونس كان أول من لاحظ هذا التسريب، فأرسل عبر اللاسيلكي رسالات استغاثات للشرطة وقوات الدفاع المدني من أجل إنقاذ مدينة بوسطن من فيضان العسل، عن طريق إرسال كل المقومات التي تتيح السيطرة على العسل.

من يرى غير من يسمع وبالتالي قوبلت استغاثات الضابط فرانك بالسخرية، لكن بات الأمر حقيقياً حينما انهار الخزان وتحولت شوارع المدينة إلى أنهار من العسل بلغت ارتفاعها طابقين، وبسبب هذا التدفق الهائل من العسل الذي أدى إلى انهيار الخزان، دُمِّرت كل مباني ولاية بوسطن.

بعد محاولات حثيثة بدأت ملامح حل الكارثة تظهر بعد شهور من التنظيف، وظلت الشوارع مع كل الجهود تحمل آثار العسل، ويبدو ملمسها لزج لفترة طويلة جدا حتى أن أغلبية سكان الحي الحاليين يقسمون أنهم في الأيام الصيفية يشمون رائحة العسل الأسود في الجو وذلك من العام 1919 م حتى العام 1923 م.

إقرأ أيضا

“القمل كان وسيلتها للثراء” قصة متسولة ساعدت مصر في مكافحة التيفود

إقرأ أيضاً

الحيوانات في الحرب العالمية الأولى “مالم تذكره أسوشيتد برس عن مصر”