فيلم Encanto .. أن تكون الأسرة سببًا في خيبة الأمل
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
أن تبحث عن ذاتك المفقودة، أو بمعنى أصح أن “تبحثين”، الفتاة ذو الخامسة عشر عام، الرشيقة المُبتهجة على الدوام “ميرابيل”، التي تُمثل ترسًا في ماكينة عائلة “مادريجال”، تلك العائلة التي تعيش في منزل المعجزات خلف الجبال كولومبيا، في سن الخامسة تحديدًا يحصل كل طفل في العائلة على معجزته الخاصة، هذا يتحدث إلى الحيوانات، وتلك تتحكم في الطقس من حيث الرعد والبرق والعواصف والأمطار، وهذه تمتاز بقوة خارقة في حمل الأثقال للدرجة التي يمكنها تحمل عمارتين كاملتين وترقص بهما واقفة على إصبعها الصغير ! وتترأس هذه العائلة جدة ذو شخصية قوية تصل حد الجفاف، الجميع يحمل ميزة تجعله ذو قيمة ما داخل العائلة التي تترأس سكّان المدينة جمعاء .. الجميع مهم في نظر الجميع .. إلا التعيسة “ميرابيل” !
و”ميرابيل” هي بطلة الفيلم، لكنها في نظر نفسها ليست بطلة البتة، تفتقد للثقة بالنفس، حيث إنها الوحيدة ضمن أفراد العائلة التي لا تحمل أي صفة خاصة، هي فتاة عادية ، ما جعلها منبوذة في نظر العائلة، بالأخص في نظرة الجدة الصلفة التي تتحكم في العائلة رأسًا، وتدخل ميرابيل في دوامة المجهود الخارق فوق العادة لإثبات نفسها، لكنها تفشل كل مرة في أن تصبح تلك الفتاة المميزة! حيث أن بدأت همهمات في العائلة تفسر مجهوداتها على إنها تخريب لمميزات أفراد العائلة، وفي نفس الوقت تسعى هي لرفعة مكانة العائلة .. آه .. كم يشعر الإنسان بغصة حين تُفسّر مجهوداته على إنها حقد على الجميع !
وهنا لا نريد التحدث عن النهايات الخارقة للأبطال العاديين، بقدر ما نريد أن نـ zoom على فترة الإنهاك العصبي والبدني التي يشعر بها المنبوذ داخل أسرته، ذلك البتر في الروح الذي يلاحق الفاشلين في نظر أُسرهم، هذا الاتجاه التي تظنه صحيحًا ويظنوه كارثيًا، الشعور بالندم الداخلي بأنك آسف لكونك ليس الشخص الذي يمكن أن يصبح مصدرًا للفخر والزهو بين الناس، أو إنك لست الريشة التي يمكن لأسرتك أن تضعها على رأسها .. سوء الفهم الذي تفاقم ككرة الثلج التي تتدحرج رويدًا رويدًا من قمة جل شاهق حتى ترتطم بالأرض فتكون النتيجة الحتمية قطيعة كُبرى بين الأسرة وأحد أعضائها، وغالبًا ما تكون الأعصاب المشدودة في لغة التفاهم بينهم على الدوام غلافًا لحب كبير بين الأطراف، لكنه حبًا عجز عن الإفصاح عن نفسه فظهر معوجًا في صورة كُره دامغ كما يقول الروائي الكبير الطيب الصالح ، وكأن طريقين يصلان لنفس النهاية لكن كثرة تقاطعهم يكفي لأن تتخيل أن لا نهاية واحدة لمثل هذا الاستقطاب .. حين تصرخ وحيدًا : أنا معكم ، لكن أفعالك وردود أفعالهم كافية لتفقد كليكما الانتماء بالآخر .. هو ليس اختلافًا من الفرد للمجموعة بقدر ما هو شعور بالتعاسة، وانطفاء القلب، وأحيانًا ما يودي إلى رد فعل عكسي، بالضبط كأن تسير عكس الطريق غاضبًا من قلة تقدير من مشيت معهم في نفس الاتجاه لكن تفسيرًا مزعجًا لما تبذله من مجهود كان كفيلًا بالابتعاد .. وهكذا انهت بطلة الفيلم “ميرابيل” مهمتها بنجاح بعد رحلة من الإنهاك النفسي .. لكن .. كم من “ميرابيل” انتهت الحكاية معهم في منتصفهم دون نهاية سعيدة .. دون نهاية أصلًا !
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال