“قبل متحف الحضارة” كيف كان يتم عرض المومياوات الملكية بعد منعها بقرار جمهوري
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
خصص متحف الحضارة قاعة تعرض المومياوات الملكية القديمة الذي يضم 22 مومياء منها 18 مومياء لملوك و 4 مومياوات لملكات، بعد 31 عامًا من عرض بعضها في غرفة عادية بالمتحف المصري.
المومياوات الملكية من المنع إلى العرض
لم يتم عرض المومياوات الملكية في المتحف المصري بسهولة، إذ أصدر الرئيس محمد أنور السادات قرارًا بمنع عرض المومياوات الملكية للجمهور بعد أن أزاح الستار عن مومياء الملك رمسيس الثاني، وقال حينها ملوك مصر ليسوا فُرْجَة للعالم.
بعد حجب عن عيون المشاهدين استمر قرابة الأعوام العشرة منذ مقولة السادات عادت غرفة مومياوات ملوك مصر القديمة في أول أكتوبر عام 1990 م بعد الجدل الطويل الذي أثير حول علاج مومياء رمسيس الثاني في باريس وماتعرضت له في ذلك الوقت وتم إغلاق الحجرة بالمتحف، ثم تقرر عرض المومياوات للجمهور وبطريقة حديثة تعتمد على أجهزة علمية متقدمة وأفكار علمية أمريكية متقدمة قام بها علماء معهد بول جیتي بمدينة لوس أنجلوس وكان حينها واحدًا من أكبر المراكز العلمية الأثرية في العالم.
لم يعرض المتحف المصري كل المومياوات وإنما تقرر أن يكون هناك 12 مومياء فقط وذلك لأن حجم الغرفة لا يتسع لكل المومياوات، وقال الدكتور سيد توفيق رئيس هيئة الآثار المصرية حينها «إن سعر تذكرة دخول حجرة المومياوات من أول أکتوبر 1990 م سيكون ٥٠ جنيهًا مصريًا بالإضافة إلى تذكرة دخول المتحف مع مراعاة أن يكون سعر تذكرة الدخول عاليًا نظرًا للقيمة العظيمة للمومياوات وتقليلاً في نفس الوقت من عدد الزوار».
أما فاترينات العرض فكانت بخامات مصرية من الزجاج والألومنيوم وذلك اقتداءًا بنموذج قدمه علماء معهد بول جيتي الأمريكي، وإلى جوارها الأجهزة المهداة من معهد بول جيتي الأمريكي والتي تستخدم في ضبط نسب الهواء داخلها، ومزود بالجهزة متقدمة جدا لحماية المومياوات من البكتيريا.
علق محمد محسن مدير عام المتحف المصري حينها بقوله «فكرة عرض المومياوات مرة أخرى ستتم بطريقة حديثة تعتمد على نظام إضاءة متقدم جدًا يعطى إحساسًا بوجود المومياء في مقبرتها الأصلية وسيتم تركيز الإضاءة على الوجه فقط، وهي داخل الفاترينة وستكون الحجرة معقمة تمامًا وأرضيتها مغطاة بمادة ماصة الصوت ومكيفة بدرجة محسوبة علميًا».
أما الدكتور شوقي نخلى مدير عام الترميم في هيئة الآثار المصرية شرح المسائل العلمية حول هذا الوضع فذكر أن تصنيع فاترينات العرض الجديدة يعتبر إنجازًا علميًا هامًا بعد التجارب التي أجريت عليها في معهد جيتي الأمريكي وأثبتت إمكانية نجاحها في حماية المومياوات من البكتيريا والكائنات الدقيقة التي تهاجمها ومن التلوث ومختلف الأمراض التي تعاني منها في السنوات الأخيرة.
والفكرة الأمريكية ببساطة تعتمد على أن الوقاية خير من العلاج بمعنى أن هذه الفاترينات سيتم تصنيعها وبداخلها أجهزة حديثة لضبط نسب تكوين الهواء بنسبة معينة لا تصلح لنمو الكائنات الدقيقة وذلك عن طريق تقليل نسبة الأكسجين إلى حوالي 1% من حجم الهواء الكلي في الفاترينة وبذلك تكون الغلبة فيها لغاز النيتروجين الخامل الذي لا يساعد على نمو هذه الكائنات بعكس الأكسجين، وهذه الفكرة تختلف تمامًا عن الفكرة الفرنسية التي كانت تهدف إلى علاج المومياوات بأشعة جاما كما حدث لرمسيس الثاني ومحاولة قتل الكائنات والميكروبات التي تعاني منها المومياء بهذه الأشعة وهي الفكرة التي لم تحقق النجاح أو الامان المنشود، ولكن الفكرة الأمريكية عكس ذلك تمامًا فهي تعمل على تجميد حالة المومياوات الصحية كما هي ووقف أي عوامل تساعد في نمو أو زيادة الأمراض التي تعانى منها.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال