قصة أزمة مفتاح أحد أبواب المسجد الأقصى “لماذا أثيرت بعد النكسة وكيف انتهت ؟
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
لم تترك نكسة 1967 أي أثر سلبي على الأمة العربية إلا وفعلته، لكن تبقى أزمة باب المغاربة في المسجد الأقصى هي واحدة من أكثر الأشياء التي أحزنت رجلاً عربيًا فلسطينيًا وهو الشيخ حسن طهبوب مدير أوقاف القدس.
حكاية أزمة باب المغاربة
في أغسطس 1967، وقبل مرور شهر على الاحتلال الإسرائيلي للقدس العربية، وقبل الانتهاء كليا من تدمير وتسوية أطراف حارة المغاربة، أمر وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك موشيه ديان، مدير أوقاف القدس، المرحوم حسن طهبوب، بتسليم مفتاح باب المغاربة للقوات الإسرائيلية، لكن حسن طهبوب، وبالتشاور مع أعضاء الهيئة الإسلامية رفض هذا الطلب، على اعتبار أن أبواب المسجد هي جزء لا يتجزأ من محيط الأقصى ، الذي هو ملكية إسلامية خالصة، وأن السيادة الإسلامية عليه غير قابلة للنقاش وتضمنها كل القوانين الدولية، ومنها التاريخ الإسلامي الطويل للموقع.
اقرأ أيضًا
التراجم الخاطئة للقرآن “قصة 800 سنة من طليطلة للمدينة المنورة في 2020”
وفي 31 أغسطس من نفس العام، حضرت قوة من الجيش الإسرائيلي إلى مقر دائرة الأوقاف الإسلامية وانتزعت مفتاح باب المغاربة بقوة السلاح، وهكذا أصبح مفتاح الباب والباب ذاته تحت سيطرة القوات الإسرائيلية التي وضعت عليه قوة من الشرطة العسكرية الإسرائيلية تمركزت أيضا في جزء مما تبقى من الزاوية الفخرية (زاوية أبو السعود).
اعتبر بعض الإسرائيليين أن السيطرة العسكرية الإسرائيلية على باب المغاربة قد وضعت حدا لحلم المتطرفين اليهود بالسيطرة على كافة أنحاء المسجد الأقصى في حين رأت الأوقاف الإسلامية أن الأمر يتمثل في كسر السيطرة الإسلامية المطلقة على الموقع، وبداية للتدخل الإسرائيلي التدريجي، ليس فقط في إدارة الموقع، بل في حرية العبادة ومن ضمنها حرية الوصول إلى الأماكن المقدسة.
معركة دائرة الأوقاف والكيان الصهيوني
بدأت المعركة بين دائرة الأوقاف الإسلامية والحكومة الإسرائيلية، بخصوص باب المغاربة، تأخذ أشكالا متعددة، وتصاعدت بحريق المسجد الأقصى في 21 أغسطس 1969، حيث ربطت الأوقاف الإسلامية الحريق بالسيطرة الإسرائيلية على باب المغاربة، على اعتبار بأن مسبب الحريق قد استخدم ذلك الباب تحت نظر وسمع القوات الإسرائيلية لتهريب المواد الحارقة التي استعملها في إشعال السقف الخشبي لسطح المسجد وقبته ، وبذلك طالبت الأوقاف استرداد سيطرتها على الباب.
سارعت إسرائيل إلى إغلاق باب المغاربة خشية دخول إسرائيليين إلى الحرم والدخان يتصاعد من المسجد، كما سارعت الأوقاف إلى إغلاق كافة بوابات الحرم أمام غير المصلين المسلمين، وربطت بين إعادة فتح الحرم أمام الزوار غير المسلمين بإعادة سيطرتها على باب المغاربة.
خشيت إسرائيل أن تكون الأوقاف الإسلامية قد استطاعت، بحكم الأمر الواقع، من استعادة سيطرتها على الحرم متذرعة بحريق المسجد الذي ألهب مشاعر المسلمين في كافة أنحاء المعمورة، وصلت أهمية الأمر حدا دعا الحكومة الإسرائيلية إلى عقد جلسة لمجلس وزرائها عام 1969 لمناقشة الأمر بشكل مطول، واتخذت قرارا بفرض فتح الحرم أمام الزوار لإعادة الحياة الطبيعية لهذه المنطقة.
قامت القوات الإسرائيلية بفتح باب المغاربة عنوة أمام الزوار غير المسلمين متحدية بذلك قرار الأوقاف الإسلامية، ومؤكدة بأن السيطرة على الحرم الشريف ليست إسلامية خالصة، أو على الأقل غير معترفة بسيطرة الأوقاف المطلقة.
حال باب المغاربة الآن
حتى لا يظهر الأمر وكأنه قرار إسرائيلي بحت، سارعت الأوقاف إلى فتح باقي بوابات الحرم بعد شهر من القرار الإسرائيلي، لكنها أبقت على إغلاق المساجد أمام الزوار، أي أصبح بإمكان الزائر الدخول إلى باحات الحرم القدسي الشريف فقط، الأمر الذي استمر حتى 1972، حين قررت الأوقاف الإسلامية إعادة فتح المساجد قبة الصخرة والمسجد الأقصى أمام الزوار.
لم تنفك دائرة الأوقاف الإسلامية من إعلاء صوتها، محليا ودوليا، معلنة رفضها وخشيتها من السيطرة الإسرائيلية على باب المغاربة، حيث لمست التغييرات التي يمكن أن تحدث نتيجة هذه السيطرة.
فعلى سبيل المثال، أصدرت الهيئة الإسلامية بتاريخ 18 فبراير 1976 بيانا ذكرت فيه بالواقع الذي وصل إليه الحرم «يكفي أن نقول أن دائرة الأوقاف الإسلامية، وهي الدائرة المختصة بحماية المسجد الأقصى، لا تملك الإشراف الفعلي على مداخله وأبوابه، فما زالت السلطات الإسرائيلية تحتفظ حتى هذه اللحظة بمفتاح أحد الأبواب الرئيسية وهو باب المغاربة».
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال