قصة أول قضية جنائية ضد أجنبي بعد إلغاء المحاكم المختلطة في مصر
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
جاء يوم 15 أكتوبر 1949 م ليحمل في طياته خبر إلغاء المحاكم المختلطة بعد فترة دامت 74 عامًا وكانت أولى أشكال التدخل الأجنبي في مصر قبل الاحتلال البريطاني.
كيف جاءت فكرة المحاكم المختلطة
جاءت المحاكم المختلطة بين عام 1875 و 1876 م في عصر الخديوي إسماعيل عقب مفاوضات مطولة بين مصر وأصحاب الامتيازات الأجنبية، وضمت قضاة أوروبيين ومصريين وحلت محل المحاكم القنصلية ليمثل أمامها الأوروبيين المتهمون بارتكاب جرائم قانونية وجنائية سبق أن حوكموا بسببها.
أقيم احتفال إلغاء المحاكم المختلطة في الساعة 11 ظهر يوم 15 أكتوبر 1949 في دار الأوبرا وسط حضور كوكبة من الأمراء والنبلاء ورجال القضاء، وكان الفرح طاغيًا في الحفل لأنه كان جزء من أشكال التواجد الاستعماري لتلك المحاكم.
أول قضية ضد الأجانب بعد إلغاء المحاكم المختلطة
في نوفمبر من العام 1949 م بدأت أولى القضايا ضد الأجانب بعد إلغاء المحاكم المختلطة وكان طرفها المصري محمد محمد خليل، أحد تجار مصر الجديدة، حيث عائدًا فى ساعة متأخرى من الليل الى عزبة المبيض التى يقيم فيها فاستوقفه ثلاثة أشخاص كان أحدهم يحمل بندقية وطلبوا منه أن يعطيهم ما معه من نقود بعد أن صوب حامل البندقية فوهتها نحو صدره.
وكان هذا التاجر يحمل مبلغ 18 جنيهًا ونصف جنيه وساعة من الذهب فعز عليه أن يعطي هذا المبلغ والساعة إلى جيوب اللصوص ولما قاومهم أطلق ذلك الشخص عيارًا ناريًا في الهواء على سبيل الإرهاب، وأعقب ذلك أن اندفع شخصان نحو التاجر وطوقاه بأذرعتهما حتى شلا حركته وتقدم الشخص الثالث وفتشه واخذ منه النقود والساعة ولاذ الجميع بالفرار.
بالصدفة البحتة تواجد أحد جنود البوليس من الموجودين على مقربة من مكان الحادث قد سمع صوت إطلاق الرصاص ولما اتجه لنحو مصدره وجد شخصًا يعدو فتبعه وقبض عليه وظهر أن هذا الشخص من رعايا اليونان ويدعى الفريس جان يواثو، ولما ساله الجندي عن سبب جريه في الطريق أخبره بأنه سمع صوت انفجار قنبلة منذ لحظة قصيرة فخاف على نفسه ولاذ بالفرار.
كانت مظاهر الارتباك تبدو عليه مما جعل الجندي يشك في صحة روايته فقبض عليه وقاده إلى قسم مصر الجديدة، وبينما كان أحد الضباط يستجوبه وصل الى القسم المجنى عليه لكي يبلغ حادث السرقة الذي وقع له ولم يكد يرى ذلك الأجنبي حتى اتهمه بأنه أحد اللصوص الثلاثة الذين سلبوه نقرده بالإكراه وأنه هو الذي فتشه وأخذ النقود عندما طوقه شريكاه.
أحيل المتهم الأجنبي إلى النيابة المختلطة والتي حققت معه وأطلقت سراحه ثم أخذ رجال البوليس في البحث عن شريكيه فلم يهتدوا إليهما، ثم أتمت النيابة التحقيق في الحادث وقررت تقديم المتهم اليوناني إلى محكمة الجنايات بتهمة ارتكاب الحادث مع متهمين مجهولين.
أحيلت هذه القضية إلى محكمة الجنايات على إثر إلغاء المحاكم المختلطة وأخطرت النيابة رجال البوليس السياسى ورجال الموانئ والمطارات للبحث عن المتهم خشية فراره إلى الخارج.
المراجع
- جريدة البلاغ 9 نوفمبر 1949 م
- عصر إسماعيل لـ عبدالرحمن الرافعي
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال