كافور الإخشيدي والمتنبي “أيهما كان على حق في الخلاف ؟”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
لم يحدث في تاريخ الشعر العربي تأصيل للقصائد بين الحكام والشعراء كتلك الحكايات التي وقعت بين كافور الإخشيدي والمتنبي الشاعر الشهير.
كافور الإخشيدي والمتنبي .. ما بين الحاكم والشاعر
أنصف محمد علي بنان وضع كافور الإخشيدي في شعر المتنبي بقوله “مَن يقرأ المتنبي فلن تَغيبَ عنه أبياتُ الهِجاء التي قالها في كافور، وربَّما لم يحفظ بعضُهم عنه إلا تلك الأبيات، ومَن سمِع بكافور مِن طريق المتنبي فقد لا يُسلِّم أن يكون من الغاوين إن لم يتساءلْ عن الحقيقة، أين تكون؟ أما لو قرأنا التاريخ، وعرَفْنا ما كان عليه أبو المسك كافور بن عبد الله الأخشيدي، لتملَّكَنا بعض الحياء مِن تلك الأبيات المقذعة، ولاستبدلْنا الثناءَ عليه بالهجاء، وأعقبْنا ذلك بالدعاء له بالرحمة والرضوان”.
أقبح ما وقع فيه المتنبي بحق كافور الإخشيدي أن الشاعر وصفه بالعبد الدميم الذي بِيع في الأسواق، وهذا ليس نقدًا وإنما تجريحًا لأن عبودية كافور لم تكن باختياره.
المتنبي مرتزقًا
المهتمين بتاريخ المتنبي يؤكدون أنه شاعر مرتزق بين الشام ومصر والعراق وفارس وهدفه الرئيسي هو انتقاء الولاة البارزين والاتصال بهم حيث مكنته موهبة الشّعر من ذلك؛ طمعًا في كسب المال والجاه والقُرْب.
اقرأ أيضًا
“ابن زيدون”.. شاعر برتبة قاضي ساهم في القضاء على الأمويين وأسس الخلافة الجهورية
ذهب المتنبي إلى مصر بعد أن ترك بلاط سيف الدولة الحمداني والتحق ببلاط كافور الإخشيدي وقد مدح حاكم مصر بنفس القصائد التي مدح بها سيف الدولة ولما رأى أنه لم يجد بغيته عنده كتب قصائد هجاء بأقذع ما أملته عليه موهبته الشعرية، ثم لاذ بالهرب من مصر خفية، واتصل بعد ذلك بعضد الدولة البويهي، وقد حظِي المتنبي بالإكْرام والعطاء عندَ كافور كما دلَّتْ على ذلك أبيات شِعْره، ولكن أطماع المتنبي ورَغائبه في الوصول إلى ما لا يستحقُّ جعلتْه يتنكَّر لكلِّ ذلك.
موقف كافور الإخشيدي من المتنبي
كان كافور حليمًا فحينما هجاه المتنبي كان في إمكانه وهو يحكُم مصر والحجاز إذ ذاك – وله الكثيرُ مِن الأعوان والأتْباع والجواسيس – أن يُرسِل في أثره مَن يأتي به أو يقتله حيثما وجدَه، ولكنه لم يفعل شيئًا مِن ذلك! واكتفى بالدُّعاء على المتنبي كما قال محمد علي بنان إذ قُتِل المتنبي شرَّ قتلة في حياة كافور، وكان قتله بإيعاز مِن قبل عضد الدولة البويهي الحاكِم الذي قصدَه المتنبي بعدَ كافور، حيث ورد في تاريخ ابن كثير: “أنَّ عضُدَ الدولة دسَّ إليه مَن يسأله أيما أحسن عطايا، عضد الدولة بن بويه، أو عطايا سيف الدولة بن حمدان؟ فقال: هذه أجزل وفيها تكلُّف، وتلك أقل ولكنَّها عن طيب نفْس مِن معطيها…. فذُكِر ذلك لعضد الدولة فتغيَّظ عليه، ودسَّ عليه طائفة من الأعراب، فوقَفوا له في أثناء الطريق وهو راجعٌ إلى بغداد، ويُقال: إنَّه كان قد هجا مُقدَّمهم ابن فاتك الأسدي… فأوْعز إليهم عضدُ الدولة أن يتعرَّضوا له فيقتلوه”
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال