همتك نعدل الكفة
216   مشاهدة  

كيف تهرب من 2020 إلى 2023 في خطوة واحدة ؟

2023
  • كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



مقالنا اليوم ليس رسالة مبعوثة للمارة في الشوارع، ولا الجالسين في مكاتبهم للعمل، ولا كل الحطابين في الجبال، ولا الفلاحين في المزارع النائية، ولا العجائز حول نار المدفئة ! .. مقالنا اليوم ليس موجهًا للأطفال الذين يلعبون كرة القدم في الحارات ولا الأزقّة .. ولا الجائعين الذين ينتظرون “الأوردر” على عَجَل، ولا الساعين ووقفت ضدهم المستحيلات، ولا المكتئبون في العيادات النفسية، ولا للقرد الذي هرب من قفصه وأرعب أهالي الإسكندرية – مع إنه لم يكن مرعبًا على الإطلاق- ولا تلك الباكية علي شبّاك القطار التي قطعت له تذكرة دون عودة، ولا لأحد الذين يتفاعلون مع الحياة بالسلب أو بالإيجاب .. مقالنا اليوم موجهًا بشكل واضح إلى أولئك الذين دخلوا “فيرزر 2020” ولم يخرجوا حتى الآن .

 

لا أعرف إن كان صحيحًا على المستوى العلمي أن نقول أن هناك ما يشبه المرض النفسي الذي أصاب مجموعة لا بأس بها من الأشخاص بعد أزمة الوباء في سنة 2020 (لا أعادها الله من أيام) .. لا أعرف إن كان صحيحًا أم لا .. لكن المُلاحظ دون شكّ، والأكيد دون ريبة .. أنك صادفت أُناس –إن لم تكن أنت نفسك- قالوا لك أنهم واقفون نفسيًا عند 2020 والأمر هنا يتخطى اضطراب ما بعد الصدمة .. لا .. إنهم يشتكون حرفيًا من أنهم في غُمرة الصدمة حتى الآن .. واقفون على عتبات لحظة الهول التي كان الناس فيها إما ميتًا أو مشيعًا أو ينتظر حتفه .. السماء خالية من الطائرات والمصانع متوقفة عن العمل، والحياة أدارت ظهرها للجميع وكشفت عن وجهها القبيح، وكانت رائحة الوداع في الهواء أكثر من روائح الطعام، وما من شئ إلا وهُدّدِدّ في بقائه.. وما من يوم إلا وسبق مستقبله ضبابه .. وما من قلب إلا وخفق بقوة يمكن لصاحبها أن يسمعها على مدار اليوم ..  والصمت يسود والترقب في العيون أطار منها النوم، وغيرها من مشاهد من كثرتها تحتاج لمتحف خاص لتوثيقها .

 

أحكي لك عن تجربة ليست وصفة علاجية (وشوشت) فيها الودع ولا (شوفت) فيها حظ الصبية مع الجدع .. وهي تجربة لأحد الذين تجمدوا منذ عام 2020 واستطاعوا بفضلها الخروج من هذا الفريزر .. وحاشا أن نسلك طريق التنمية البشرية المُفعم بالنصائح الفارغة .. لكننا أمام حقيقية تكمن في تساؤل : ماذا بعد الموت والمرض وقطع الأرزاق؟ .. بالتأكيد لا يوجد ما هو أقبح من تلك الصور، وهي نتائج حتمية إذا ضرب الأرض نيزك لا وباء .. إذًا لماذا لا نعتبر أن ليس هناك أسوء مما مضى؟ .. ولا أعنف من ذلك الحبل الذي التف حول رقبتنا لكننا – بطريقة ما – ، (بمعجزة ما) كما يقول بهاء طاهر استطعنا أن ننبت من جديد ! .. لماذا لا نعتبر أننا أمام ثلاث سنوات كبيسات ستفرمهم الحياة فرمًا وسيمرون على شريط الذاكرة كدقائق مشوهة .. كجرح غائر لكنه لم يقتل ويمكننا الاستمرار بنزيفه؟! .. لماذا لا نسمح لأعيننا أن ترى ما هو القادم؟ .. في المختصر .. لماذا لا؟

 

إقرأ أيضا
الحشاشين

 

الكاتب

  • 2023 محمد فهمي سلامة

    كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان